في البداية فكرت طويلاً قبل أن أكتب عن هذا الانسان الذي بنى حياته على حب الإنسانية وأرض الوطن ومقدساته من العلم والرموز والقيم ومدافعاً مخلصاً أميناً عن قضية الشعب الكوردستاني أينما حلَ وطابَ، فقد لا أعطي هذه الشخصية المليئة بالعلم والأفكار والأخلاق الرفيعة حقها، بعيداً عن المجاملة وباب المدح، لانه ليس بحاجة الى هذا وغني عنها ولم يمض على معرفتنا لحضرته طويلاً ولكننا أحد القرّاء لكتاباته والمعجبين بأفكاره.
بعد متابعتنا للأستاذ، يتبين بأنه صاحب الفكر الثاقب والأسلوب البسيط والواضح في الطرح، بل ان من يبدأ بقراءة ما يكتبه لا يستطيع الوقوف الى أن ينتهي بآخر كلمة، وكأنه قوة جذب يأخد بجميع الحواس الى عالم هذا المفكر النادر من أمثاله الذى يتميز عن غيره بطروحاته الواقعية والمستمرة والشاملة لكل جوانب الحياة، وإن قرأته للمواضيع يفوق أصحاب الاختصاص، لانه اكثر هماً وشعوراً بالمسؤولية، كتاباته يمثل خارطة الطريق للجهة الموجهة اليها، يبدأ بعرض القضية بمدخل ثم العرض الواضح والوافي لها مع بيان الأسباب والدوافع وبعدها يطرح الحلول الناجعة بأسلوب أكاديمي وعلمي مميز.
محاولة بناء الانسان النافع والخيّر والصالح والحياة السعيدة والمنعمة والهانئة الخالية من كل أشكال العنف والكراهية والقتل والدمار والحقد والحسد على أسس علمية سليمة بأساليب مختلفة من أهم ما يسعى الاستاذ الى تحقيقه من وراء كتاباته وهو صاحب الشعار المختصر لمهمة الأنسان في الحياة(خير الناس من نفع الناس) وترجم هذه الكلمات بأفضل شكل إلى الواقع الملموس.
ينتقل هذا المفكر بين المواضيع السياسية والتربوية والأدبية والعلمية كالنحلة أينما نزل نفع وترك أثراً وبصمات وكأنه صاحب الاختصاص والملهم الخبير فيه، وما ان يمسك القلم والورق وغزارة الأفكار والرؤى تمطر دون توقف وملل، وكأنها كالبنيان المرصوص يشد بعضها بعضاً لتكون في النهاية صرحا شامخاً عالياً كالجبال.
يتميز مفكرنا المبدع بأسلوبه الواضح والسلس وكلماته البسيطة التي تدخل الى القلوب في أوسع ابوابها وبُعده عن التشهير والتصغير والكلمات الجارحة والنابية، وإنما يحس القارئ بحسن خلقه وأدبه الرفيع ومكانة عائلته الكبيرة التى نشأ فيها وصدقه وتواضعه وثقته بالله وبنفسه، لانه سليل عائلة معروفة في المنطقة بكرمها و وفائها وكرامتها، وفي الوقت نفسه يختلف بطريقة مسكه للقلم وتناوله للموضوعات واختيار الفقرات ورص الكلمات وربطها مع بعضها، وميزته الخاصة عند الكتابة باللغة العربية نادراً ما يستطيع كاتب عربي ان يكون بدرجته ونجاحه، وهذا ما يضفي على كتاباته ميزةً أخرى كونه كوردياً من كوردستان العراق ويقدر على الدفاع عن حقوق شعبه بلغة اخرى ويوجه رسائله اليهم بهدف أفهامهم ونشر أفكاره بينهم لإيمانه بان المجتمع العربي يمثل البعد الاستراتيجي لإقليم كوردستان من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية، وهذا دليل على أفقه الواسع وثقافته وغزارة معلوماته وقرأته واستيعابه وهضمه ورؤيته الثاقبة والعميقة للأحداث ولما يجري من حوله وهذا ما جعله بعيد النظر قوياً بارادته ذو عزم ودراية.
كتابات مفكرنا المبدع لا تسلم من سهام النقد سواء كان بناءاً ام هدام ولكن سعة صدره وقبوله ومعرفته المسبقة به منحه القوة والصلابة بالاستمرار والاستفادة من هؤلاء بل كان دافعاً للمزيد والمزيد، وان اهم ما يؤخذ عليه هو الإطالة في الكتابة خاصة ونحن نعيش زمن القراء فيه قليلون لأسباب عديدة لا مجال لذكرها.
هذا المبدع وغيره القليلين يستحقون كل أنواع التكريم وعلى الجهات ذات العلاقة ان تستفيد من افكارهم وآرائهم القيمة وتفتح لهم مراكز دراسات متخصصة ومقربة من مراكز القرارات الاستراتيجية التي تتعلق بالمصالح العليا للعباد والبلاد، لأنهم كنوز وينابيع ومنابر لا يمكن الاستغناء عنهم وأنهم ملك العامة من الناس وعلى أكتافهم تبنى الأوطان والحكومات السليمة العاملة، مبروك للشعب الكوردستاني هذا الصرح الكبير أسوةً بغيره ممن يملكون آراء ومشاريع تصب في الصالح العام، ولكن ما يؤسفنا ان شعبنا لا يعرف مكانة المخلصين من أبناءها الا بعد ان يوافيهم المنية.. أتمنى للاستاذ العمر المديد والمزيد من النتاج الفكري والعلمي والأدبي الذي يزيد من شأنه يوماً بعد أخر، مع خالص تحياتنا له بالموفقية والنجاح المستمر واعتذارنا له إن لم نف بحقه.