من المؤسف أن الآثار الثقافية والحضارية في الكثير من مناطق العراق تعرضت للهدم والتدمير في زمن الطاغية وكانت من الأسباب التي قادة الشّباب إلى طريق الانحراف، منها:
تنوعت اساليب القمع الصدامي ضد السجناء والمعتقلين السياسيين والضغط عليهم وهم يقبعون في زنازين وطوابير وظلم السجون العفلقية الظالمة والتي أنشأ عددا منها تحت سطح الأرض فلا يعرف الليل فيها من النهار ناهيك عن سوء التغذية التي تعمد ازلام النظام البعثي الدموي تقديمها الى المساجين بأوامر من اسيادهم .وكانت سبب من اسباب الفقر: الذي يقودُ لحالةٍ من عدم الاستقرار الاجتماعيّ والحرمان الاقتصاديِّ والتي تقود لمجموعةٍ من المشاكل الاجتماعية التي تُهدّد الأسرة؛ ممّا تُسبّب ابتعاد الأبوين عن أبنائهما، وبالتالي يكونُ قد شكَّل عقبةً في وجه التنشئة والتربية المُثلى؛ ممّا يُنتجُ أفراداً ذوي سلوكاتٍ مُنحرفة .لقد كانت الممارسات التي قام بها النظام نتائج أهمها ،خلق جو من الخوف والرعب بين طبقات المختلفة للمجتمع العراقي و إذا فرغَ المرء ولم يجد ما يفعله، فسيكون وقوعه في الانحراف أسهل ممّن يشغل وقته بما يفيد،
و ان تدمير هذه الاثار في الحقيقة كانت لها تداعيات خطيرة للغاية واهمها هدمت الهوية المذهبية و الثقافية و الفكرية للمجتمع، بدل معالجة الأسباب الواقعية التي تدفع الشباب الي العنف وإدراك المسؤولية الكبيرة حيال هذه الجرائم ومعالجتها من قبل العاملين بوضع الحلول المناسبة للقضاء عليها قبل فوات الاون ، أن المُجتمعات لا تقوم إلا بهِمم الشّباب وطاقاتهم، فهم عِمادُها وأسبابُ رِفعتها، وهُم صُنّاع كرامتها وعزّتها، فالشّباب بما يملكونه من عنفوانٍ وفُتوّة وقوّة قادرون على توجيه طاقاتهم وقُدراتهم لنفع الأمّة وخِدمتها، وقد سجّل الشّبابُ في مختلفِ الأزمنةِ مواقف مُشرِّفة في الذّود عن الأوطان وفي السعي لرفعته وبنائه،
لقد خرج حزب البعث العربي الاشتراكي من الحكم في العراق بعد 35 عاماً من وجوده وترك عبئ ثقيل نفسي مرعب على كاهل المواطن كانت ايامه مليئة بالخوف والانفراد التام بالحكم والاجبار على الانضمام للحزب ومحاربة الغير منتمين في متابعتهم والضغظ عليهم وعلى عوائلهم. ويطلق على كل من لم ينتمي له بالمعادي للحزب وصدام وحصر العمل لاعضائه تحت شعارات ومبادئ براقة لكنها ظلت على الورق ولم تخرج من إطارها،وفشلت بسبب تمسكه بخطابه القديم الذي يعود لفترة الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي ، وعدم سعيه إلى تجديد وسائله في الاتصال والحشد الجماهيري حتى تساير التغيرات المتسارعة التي غيرت كثيرا في زوايا النظر للقضايا السياسية المختلفة
والمتابع للتاريخ يرى ان مؤسس الحزب نادى بضرورة الأخذ بنظام الحزب الواحد لأنه كما يقول: (إن القدر الذي حمّلنا هذه الرسالة خولنا أيضاً حق الأمر والكلام بقوة والعمل بقسوة) لفرض تعليمات الحزب وفرض جو لا يوجد فيه للمواطن عراقي اي حقوق يتمتع بأبسطها اوقدر من الحرية الشخصية أو السياسية فكل شيء في دولة حزب البعث العراقي يخضع لرقابة بوليسية صارمة، تشكل دوائر المباحث والمخابرات والأمن قنوات الاتصالات الوحيدة بين المواطنين والنظام وتركزسياسة الحزب على قطع كافة الروابط بين الافراد والمساواة في نظرتها للأمور بين شريعة حمورابي وشعر الجاهلية وبين دين محمد عليه واله الصلاة والسلام وبين ثقافة المأمون وجعلها جميعاً تتساوى في بعث الأمة العربية وفي التعبير عن شعورها بالحياة كما كان ينادى ، وان الرابطة القومية عنده هي الرابطة الوحيدة القائمة في الدولة العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة وتكبح جماح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية حتى قال شاعرهم: آمنت بالبعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما لــه ثان ،هذه الممارسات قد جعلت الكثير من الشباب ان لا يخضع لهذه السياسات رغم كل الضغوطات وتحمل المعاناة وهناك صورة شاهدنا في حياتنا في منطقة باب الشيخ على الرغم من غياب الامور الحياتية فقد ظل الشباب يرفض المحاولات الغير سوية لحزب البعث بالانتماء لمشاريعها الهدامة للتطلعات الشبابية وتحمل المطاردات الامنية والضغوطات المعيشية وتكثيف الاستدعاءات لمقرات الحزب ومحاولة كسبهم بأي صورة من الصورة واعطائهم المغريات لكسبهم للعمل الحزبي ..كما حدث في بداية نجاح انقلابهم الأسود عام 1968 حيث اعطوا المغريات للشباب للانضمام الى الجيش والشرطة وخاصة الذي فشلوا في المراحل المتوسطة بمنحهم رتية نائب مفوض او الذين فشلوا في الدراسة الاعدادية للالتحاق بالكلية العسكرية ومنحهم رتبة نائب ضابط مرشح مما دفع بالكثير منهم للالتحاق بهذه القوات، وتناس حزب البعث من ان الحزب الشيوعي الذي كان عدد أعضائه ملايين من الاعضاء لم يستطع أن يفعل شيئا عندما اقترب الاتحاد السوفياتي من الانهيار وذلك لأنه كان مجرد تورم سرطاني مستنزف للدولة بالامتيازات والفساد.. ثم لو رجعنا الى الوراء بالضبط لما بعد ردة 18 تشرين عام 1963 التي قادها عبد السلام محمد عارف الذي لم يكن اقل اجراما من قيادات البعث الشباطيين حين خرجت الافواج من الحرس القومي عراة في الشوارع بعد رموا أسلحتهم و خلعوا لباس الخزي في محاولة لإخفاء سوءة العار والمذلة في المقرات خوفاً من غضب الجماهير واختفوا في الازقة، واتذكر كيف كانوا يهربون كالجرذان في الأراضي الواقعة بين بغداد الجديدة و المساحة الفارغة مع دور الضباط ( الغدير الحالية )وهم يتباكون ويتراجفون ويتوسلون بملابسهم الداخلية فقط وكيف احترقت ارجل احدهم في تنور الجيران بعد ان تسلق جدار الحائط ودخل البيت ليخفي نفسه داخل التنور وام البيت قد انتهت للتو من اكمال خبز اولادها…ان في تغيير المجتمع الحاجة إلى أدوات خاصة لذلك، وتأتي التربية على رأسها، والتي تحمل إمكانية بناء مجتمع جديد بمقومات أفضل من سابقه بالاعتماد على تغييرات تراكمية في الأجيال المتعاقبة، تهدف إلى بناء الإنسان السوي القادر على الخلق أو الإنتاج، بينما لا تعني التربية في ظل نظام حزب البعث شيئًا أكثر من أدلجة الفرد تحت مقولة امة عربية واحدة وهكذا نرى هذه الامة كيف أصابها الوهن والانشطار و التشرذم والإخفاقات المتتالية ،او وفق انتماء سطحي تحت يافطة هذا الحزب الفاشستي ذات رسالة خالدة وكيف دخلت قواته الأراضي الكويتية وهي تحمل رسالة الافساد في ألارض ، والتي لم تبقى من آثار وحدتها شيئ ….يتبع.