خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في الوقت الذي يكافح فيه رئيس الوزراء العراقي؛ الفساد داخليًا وخارجيًا، تحدث خطوات متوازية كمحاولة لإصلاح الاقتصاد العراقي المتأزم، فأكد رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، يوم الأربعاء، أن “العراق” يمضي قدمًا نحو إصلاح الاقتصاد الوطني.
وقال المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، يوم الأربعاء، إن: “رئيس الجمهورية، برهم صالح، استقبل في قصر السلام ببغداد، نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، والوفد المرافق له”.
ولفت إلى أنه: “جرى؛ خلال اللقاء، التأكيد على أهمية تعزيز التعاون بين العراق والبنك الدولي، ودعم الإصلاحات المالية والهياكل الاقتصادية المرتبطة بما يرفع من كفاءتها، إلى جانب العمل والتنسيق من أجل مكافحة الفساد والحدّ من آثاره، ودعم الاستثمار والقطاع الخاص والاستفادة من الثروة البشرية، وخصوصًا الشباب، في عملية بناء اقتصاد متعافٍ مستدام”.
لافتًا “صالح”، وفقًا للبيان، إلى أن: “الحكومة تعمل على خطط الإصلاح الاقتصادي، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الوطني ومكافحة الفساد واسترداد عوائده عبر التنسيق الدولي، وتوفير متطلبات المواطنين وتأمين الظروف المعيشية الجيدة، ومواجهة التحديات المتعلقة بالاقتصاد والتغير المناخي وحماية البيئة؛ باعتبارها أولوية في التنمية المستدامة، بالتنسيق والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا الصدد”.
دعم مسار الإصلاح..
من جهته؛ أعرب “فريد بلحاج”، عن: “إعتزازه بشراكة البنك الدولي مع العراق وأهميتها”، مؤكدًا: “إلتزام البنك الدولي في دعم مسار الإصلاح الاقتصادي الذي شرع العراق فيه، وتقديم المساعدة والمشورة من أجل المضي في تحقيق ذلك”.
5 مليون عراقي مهددون بالفقر..
إلى ذلك، كشف “البنك الدولي”، أنَّ نحو: 2.7 الى 5 ملايين عراقي؛ مهددون بالفقر، جرَّاء جائحة (كورونا) وانخفاض سعر برميل “النفط”، وفيما أكد عزمه تقديم الدعم لـ”العراق” لشراء لقاحات، إضافية ضد (كورونا)، أشار إلى وجود محفظة بقيمة: 1.8 مليار دولار لدعم قطاعات متعددة في “العراق”.
وقال الدكتور “وائل منصور”، اقتصادي أول لـ”البنك الدولي”؛ في تصريح صحافي، إن: “البنك الدولي لا علاقة له بشأن تحديد سعر الصرف في أي من البلدان التي يتعامل معها”، لافتًا إلى أن: “البنك الدولي ليس لديه أي موقف إزاء تغيير سعر الصرف في العراق؛ ولم يتحدث به مع أي جهة عراقية، سواء كانت الحكومة أو البنك المركزي أو مجلس النواب، لكن القرار سيادي بإمتياز”.
وأضاف، أن: “البنك ينظر إلى هذه الأسعار من منظور اقتصادي، ويرى إذا كان التحرك نزولاً أو صعودًا يساعد في زيادة تنافسية البلد ونموه، وهذا ليس إجراءً أحاديًّا يجب أن يأتي مصاحبًا لإصلاحات أخرى تتعلق بنمو اقتصادي واستثمارات في البني التحتية والرأس مال البشري”.
وأشار إلى أن: “موارد الموازنة المالية، من خارج القطاع النفطي، تقدَّر بمعدل 8% من مجموع موارد الموازنة”، مؤكدًا: “ضرورة المضي بإصلاحات حقيقية، كما في الورقة البيضاء، التي اقترحتها الحكومة منها تحسين الجباية من الجمارك والضرائب، وكيفية الاستفادة من هذه الموارد في زيادة الإيرادات غير النفطية”.
وتابع، إن: “ذلك يتطلب خطة لزيادة الحيز المالي لتستثمر الدولة هذه الموارد في قطاعات إستراتيجية: كالتعليم والصحة أو الحماية الاجتماعية والبنى التحتية، فلابد من رفع الإيرادات غير النفطية لتلبية احتياجات وتقديم الخدمات العامة بجودة للمواطنين، ولا يجب أيضًا غض النظر عن الحاجة إلى سياسات واستثمارات في الاستدامة البيئية، وخصوصًا أن المستقبل يتوجه نحو ما يسمى بالنمو الأخضر”.
1.8 مليار دولار محفظة مالية للعديد من المشاريع..
وبشأن القروض، أشار إلى أن: “البنك الدولي لم يمنح، هذا العام؛ أي قرض جديد إلى العراق”، مبينًا أن: “هناك محفظة مالية متنوعة؛ تُقدر: بـ 1.8 مليار دولار من المشاريع في قطاعات متعددة، منها إعادة إعمار المناطق المحررة من (داعش)، ومنها لقطاعات الكهرباء والتعليم والصحة والمساعدات التقنية لوزارتي: المالية والتخطيط وشبكات الأمان الاجتماعي”.
ومضى بالقول: “نحن نتطلع دائمًا إلى العمل مع الحكومة العراقية، في حال طلبت مشاريع جديدة”، لافتًا إلى أن: “البنك الدولي يمضي قدمًا بمشروع يساعد على تسريع عملية التلقيح عبر جلب كميات إضافية من اللقاحات؛ كي يتمكن العراق من مجابهة الجائحة، ونحن دائمًا إلى جانب العراق عندما يطلب مشاريع جديدة”.
العراق مر بصدمتين أثرت على اقتصاده..
موضحًا أن: “العراق أُصيب بصدمتين، خلال عام 2020؛ واحدة متأتية من انخفاض أسعار النفط، والأخرى بسبب جائحة (كورونا)”، مؤكدًا أن: “البنك الدولي قدَّر إنكماش الاقتصاد العراقي، خلال العام الماضي؛ بـ 10.3%، بسبب إنكماش إنتاج النفط، نتيجة اتفاق (أوبك +)، وكذلك الجائحة التي أثرت في قطاع الخدمات؛ الذي يُمثل نحو ثلث الاقتصاد الوطني العراقي، بسبب الإغلاقات المتكررة”.
ولفت إلى أن: “جائحة (كورونا) وانخفاض سعر النفط؛ قد أثرا في معدلات الفقر ورفعها بين السبع إلى أربع عشرة نقطة مئوية، أي نحو: 2.7 إلى 5 ملايين عراقي؛ مهددون بالفقر جرَّاء الجائحة وتذبذب سعر النفط”.
وأشار إلى أن: “البنك الدولي الآن بصدد المناقشة مع الحكومة العراقية بموضوع تسريع عملية التلقيح وشراء كميات إضافية من اللقاحات ودعم القطاع الصحي لمجابهة هذه الجائحة وعبر محفظتنا الحالية نساعد بمواضيع تتعلق بالنمو كي يستطيع الاقتصاد العراقي أن يتعافى سريعًا، وخصوصًا تعافي القطاع الخاص”.
شروط منح القروض..
وبّين “منصور”؛ أن: “البنك الدولي لا يفرض شروطًا سيادية على أي بلد مقابل منحه القروض”، مؤكدًا أن: “آلية البنك في منح القروض تعتمد على ثلاثة أمور؛ الأول يتعلق بالجدوى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمشروع، فالمردود يجب أن يكون عاليًا”.
وتابع: “أما الثاني: فهنالك محاذير تتعلق بالحوكمة؛ فنحن نشدد على موضوع الحوكمة، خصوصًا المرتبطة بالمشاريع التي نمولها؛ إن كان من ناحية مكافحة الفساد والشفافية وصولاً إلى المعلومات من أجل تفادي أي عراقيل أو مشاكل”، مشيرًا إلى أن: “الثالث يرتبط بطلب أي حكومة لدعم الموازنة؛ فالشرط هناك يكون مقرونًا بخطة إصلاحية واضحة، وعلى أن يكون الإطار الاقتصادي الكلي مستدامًا كي نؤمِّن على أن هكذا قرض يسهم فعليًا في مجابهة أي أزمة تطرأ أو يسهم في النمو أو خفض نسب الفقر”.
العراق رابع دولة منتجة للنفط..
وأكد أن: “العراق ليس دولة مفلسة، حيث أنها رابع أكبر دولة منتجة للنفط؛ ولديها مقدرات اقتصادية وبشرية كبيرة، وسوق كبيرة، إلا أن العراق يعاني من مشاكل بنيوية اقتصادية؛ منها الاعتماد المفرط على قطاع النفط، الذي يُشكل 95% من صادراته، و90% من إيرادات الموازنة، وكذلك يُشكل حوالي: 60% من الاقتصاد الحقيقي، فبالتالي أي تذبذب في أسعار النفط وانخفاضها يؤدي إلى معوقات مالية والى تدهور في النمو”.
ومضى بالقول: “كما يعاني العراق من حجم متضخم للقطاع العام في الاقتصاد وخسائر في قطاع الكهرباء؛ الذي يتطلب دعمًا متزايدًا في كل سنة وضعفًا في حجم الاستثمار العام والخاص ونوعه”، مشددًا على أن: “العراق مُدرك لهذه المعوقات؛ وبدأ بالفعل التركيز على الحلول لهذه المشاكل البنيوية”.
وختم بالقول؛ إن: “الحلول ذكرت في الورقة البيضاء، وهذه خطة طموحة للإصلاح، فهي تُشخص المشكلة الاقتصادية في العراق بشكل دقيق، ونأمل أن يُسرع المسؤولون العراقيون بتطبيقها”.
خطة الاقتصاد تقوم بإشراف الصندوق..
وحول ما إذا كان “البنك الدولي” يستطيع رسم سياسة اقتصادية ناجحة في “العراق”، يقول الخبير الاقتصادي والمالي، الدكتور “صفوان قصي”؛ أن: “خطة العراق الاقتصادية تقوم بإشراف من قبل صندوق النقد الدولي، حيث بدأت الخطة بتغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار من أجل تنشيط المنتج المحلي، والخطوة الثانية تتمثل بعملية خصخصة المشاريع الصناعية المعطلة، منذ عام 2003، لكن البرلمان تحفظ على ذلك”.
وتابع “قصي” بالقول: “باستطاعة صندوق النقد الدولى؛ إعطاء الإطمئنان للمستثمرين، كي يتوجهوا نحو البيئة العراقية، فحكومة الكاظمي تقوم بالمزاوجة بين الإصلاحات الداخلية وشروط صندوق النقد الدولي، فالعالم يركز الآن على العراق باعتباره مخزنًا للطاقة على مدى المئة سنة القادمة”.
وأضاف “قصي”؛ قائلاً: “هناك ضغط يُمارس على حكومة الكاظمي من أجل عدم الإذعان لشروط صندوق النقد الدولي، لكن هذه الشروط رغم قساوتها، إلا أنها في مصلحة العراق، كذلك فإن البنك الدولي اليوم هو الآخر يُعد شريكًا للحكومة العراقية، وهناك جهات لا ترغب بالإصلاحات، كونها تعتاش على تعطيل الاقتصاد العراقي”.