خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
قبل أشهر من إنخراط “إيران” و”إسرائيل” في مواجهة عسكرية ومباشرة، وقعت البلدان في مواجهات ساسية وحرب نفسية شملت أخبار غير واقعية وتضخيم للأخبار الحقيقية في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الرسمية وغير الرسمية.
وإدعاءات وسائل الإعلام الإيرانية الواهية؛ بخصوص استهداف المنشآت النووية الإسرائيلية في صحراء “النقب”، بواسطة صواريخ (فاتح-110) الباليستية، وإدعاءات بعض القيادات الإسرائيلية المغلوطة بخصوص هجوم “إيران” الإرهابي على سواحل الكيان؛ عبر تسرب “النفط” من إحدى النقالات الليبية، هي من النماذج البارزة على العمليات النفسية ونسبة الحوادث والكوارث الناجمة عن ضعف إداري بالبلدين. بحسب (راديو الغد) الأميركي الناطق بالإنكليزية.

خبر غير صحيح..
وقبل أيام انتشرت الأخبار عن تفجير في مصنع “سيباهان نارجوستار” للكيماويات. ووفق الخبر فقد وقع انفجار في مصنع للطائرات الإيرانية، (هسا)، في “أصفهان”.
وتناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية الخبر سريعًا باعتباره خبر صحيح. ونشر الخبر بهذه الطريقة؛ يوحي بشكل مباشر للقاريء أن التفجير هو عمل انتقامي من جانب المخابرات الإسرائيلية ردًا على اختراق مسيرة استطلاع إيرانية شمال “إسرائيل”.
ويمكن بسهولة تميز عدم حقيقة الإدعاءات بشأن استهداف مصنع المُسيرات في مصنع “سيباهان نارجوستار” للصناعات الكيماوية، عبر صور الأقمار الصناعية المنشورة على الموقع الإلكتروني (Sentinel Hub) ، قبل وبعد أخبار التفجيرات، والتي تظهر بشكل جيد تدمير سقيفتي تخزين المتفجرات والمواد الحارقة في الضلع الشرق للمصنع.
كذا تُظهر الصور؛ عدم وجود أي دليل على اندلاع حريق في منشأة (هسا)، على مسافة 15 كيلومتر من المصنع.
الحرب النفسية..
ومن غير المعلوم، على وجه الدقة، أسباب وسائل الإعلام، التي نشرت هذا الخبر غير الصحيح، وربما تصوروا أن تصنيع المُسيرات الإيرانية يقع في مصنع أصغر بكثير من منشأة (هسا)، التي هى مصنع لإنتاج المتفجرات والمواد الحارقة للاستخدام العسكري وغير العسكري، وأنها ليست موقعًا لبناء الطائرات المُسيرة.
وقد يكون لاختلاق هذا الخبر، غير الصحيح، أسباب مختلفة، لكن نشره على نطاق واسع، عبر وسائل الإعلام في العصر الحالي، حيث إمكانية استيضاح صحة الأخبار بسهولة عبر الاستفادة من صور الأقمار الصناعية، إنما يرتبط بالحرب النفسية “الإيرانية-الإسرائيلية”.
هل تُصنّع المُسيرات الإيرانية في مصانع البارود والمفرقعات النارية ؟
يُعد وجود ورشة أو منشأة لإنتاج مواد مركبة تُستخدم في تصنيع أجنحة وأجسام الطائرات الموجهة والمُسيرات، أهم جزء في مصانع الطائرات بدون طيار.
وللوهلة الثانية، من المهم وجود حظيرة للإقلاع واختبار المُسيرات، شريطة أن تقع الحظيرة على مقربة من مركز تجميع المُسيرات النهائي؛ حتى يتسنى نقل المُسيرات سريعًا إلى خط التجميع النهائي للإصلاح حال بروز أي خلل فني أثناء عملية الاختبارات.
والمركز الرئيس لتصميم المُسيرات الحربية والاستطلاعية الإيرانية، هو صناعات (القدس) الجوي، ضمن مجموعة الصناعات الجوية للقوات المسلحة الإيرانية، شمال غرب “مطار مهرآباد الدولي”، في “طهران”، وكذلك مركز (شاهد) للصناعات الجوية؛ ويتبع قوات (الحرس الثوري) الجوية ضمن مجموعة تعاون جهاد الإكتفاء الذاتي والأبحاث الصناعية في قاعدة (بدر)، وسط مدينة “أصفهان”.
وتُشرف شركة “هسا” على إنتاج المُسيرات التي تصممها هذه المراكز، وبعد مرحلة الاختبارات داخل مطار الشركة، يتم تحويل المنتج إلى المشتري.
ومؤخرًا؛ شرعت مجموعة “تعاون جهاد الإكتفاء الذاتي” والأبحاث الصناعية، (نهاجا)، والقوات الجوية بالجيش الإيراني، (پداجا)، في تصميم وتطوير مُسيرات الاستطلاع والقتال بغرض توفير احتياجاتهم، ويرسلون المنتج إلى قاعدة (قيام) الجوية، بمنطقة “كوشك نصرت”، جنوب “طهران”، لإجراء الاختبارات اللازمة.
وحال نجاح هذه المُسيرات في اختبارات التحليق؛ يتم إنتاجها بغزارة في مصنع شركة “هسا”.
أكبر مصانع المُسيرات في الشرق الأوسط..
ووفق صور الأقمار الصناعية، يفتقر مصنع “سيباهان نارجوستار” للكيماويات إلى حظيرة تحليق، ناهيك عن تشجير الطريق الرئيس للمصنع بأشجار طويلة تميل بأغصانها على الطريق على نحو يعوق تحليق أي مُسيرة.
كذلك تثبت الصور وجود فواصل آمنة بين خطوط إنتاج وصناعة المواد الكيميائية الأساسية، وكذلك البارود والمتفجرات، بل يضم المركز عدد 5 سقيفة محمية تمامًا بمجموعة تلال، بحيث يصعب انتقال النيران من سقيفة إلى أخرى.
وفي الختام تُجدر الإشارة إلى أن هذه الشركة تحولت إلى واحدة من أكبر المراكز الوحيدة والفريدة من نوعها لإنتاج المُسيرات الاستطلاعية والقتالية الإيرانية في الشرق الأوسط.
وحاليًا تيم إنتاج مئات المُسيرات من طراز (أبابيل) و(مهاجر) و(شاهد) في هذا المصنع. وبالنظر إلى موقع هكذا منشأة؛ تكون إدعاءات وسائل الإعلام الإسرائيلية، نقلًا عن وسائل الإعلام الغربية، غير مقبولة.