كان نهار البصرة بنهارين وليلتها بالف ليلة وليلة ..في ستينات وسبعينات القرن الماضي.. كانت البصرة عروس الشرق الاوسط ، يعمها القاصي والداني ومن مختلف بقاع الارض،هذه المدينة الاممية التي تستقبل وتحتضن زوارها من اسيا وافريقيا واوربا والامريكيتين ومن جزر الواق واق ..اهل البصرة وزائريها وروادها ومحبيها الكل يمرح ويسرح ويفرح ويغني ويرقص ويزور ويلتقي ويتجول ويطلع ويصور ويستذكر بدون حرج او تدخل اومضايقة اواستفزاز ..هواء عليل ومياه نظيفة ونخيل باسقة وبساتين خضراء وشوارع نظيفة وجميلة ..مطاعم ومقاهي، ساحات ومتنزهات، سفرات برية ونهرية ..سينمات ومسارح، كازينوات تمتد على شط العرب من موقع تمثال السياب حتى نهر الخورة ..تومان تلك الشخصية المرحة الفريدة والذي يعزف الناي عن طريق انفه وهو يحمل دعاية لفيلم يعرض في سينما الحمراء التي اصبحت اثرا بلا عين .. احتفالات وسفرات مستمرة من المدينة الى اهوارها واقضيتها وبالعكس، قضاء الزبير مشهور في شجرة الاثل والفاو بالحناء والموانئ.. والقرنة بالاهوار …القادمون من دول الخليج اثناء عطلة الاسبوع يسهرون ويسمرون ويتبضعون كل انواع الفواكه والخضروات واللحوم ..مختلف انواع التمور وعلى رأسها تمور البرحي والقنطار .. السلام والوئام والطمأنينة والتعايش السلمى الاخوي يعم بين اهاليها من مسلمين سنة وشيعة ،صابئة ومسيحيين ..يهود وهندوس . كرد وعرب واعاجم وباكستانيين وغيرهم الكثير ،لاتعرف ولا تميز بين هذا وذاك فالكل يعمل والكل يصلي لربه ويعبده والكل سائر في طريقه ، واما المشترك فهو التفاهم والتعاون والعمل للنهوض باعمار المدينة ورقيها وازدهارها.. اذن اين كنا واين اصبحنا ؟؟
اصبحنا يا سادتي الكرام بفضل قائد الامة العربية وفيلسوفها ومفكرها صدام حسين( الذليل والمهان والارعن) نستجدي رغيف الخبز من سادته الامريكان بعد المعاهدة المذلة الموقعة في خيمة صفوان.. فقد نسى ربه وركع وسجد امام بوش والولايات المتحدة وكشف عن عورته كما كشف اسلافه وارتضى بالذل والهوان .
وسقط الطاغية واحتل العراق ولا اريد الخوض في الاسباب والمسببات ، ولكن اريد القول والتساؤل ماذا قدمت القوى والاحزاب الاسلاموية للعراق وللبصرة بالذات ، باعتبار البصرة رب العائلة العراقية والمعيل لها في رزقها وميزانيتها وتوفيرالاموال لها اليست هي المدينة المنتجة للذهب الاسود ومصدرته ..اليست ميزانية العراق تقررعلى ضوء ما تنتجه البصرة من خيرات تتحول الى دولارات في خزينة الدولة وبدون البصرة وخيراتها لا يمتلك العراق وحكومته دولارا واحدا امريكيا.. ولا جنيها بريطانيا، ولا تومانا ايرانيا.. ولاروبية هندية ..ولايورو اوربيا واحدا ..بينما انتم الان ايها الحكام تتنعمون بخيرات ليست ملككم ورواتب يحلم بها بوش واوباما وبوتين ورؤساء دول عربية واسيويه وافريقيه .. الا تخجلون يا حكام العراق ومعكم حكومة البصرة عندما يستجدي ابن البصرة كسرة الخبز في ساحة ام البروم والشارع الوطني وفي سوق حنى الشيخ وبقية اقضية البصرة ونواحيها ..الا تخجلون من انفسكم وابناء مدينة الذهب الاسود البصرة الفيحاء تدفع لكم صرفياتكم وايجاراتكم وكامل مستحقات المنطقة الخضراء ورواتب وصرفيات البرلمان العار..تبا لكم ايها المتسلطون.
البصرة اليوم وبفضل اولائك وهؤلاء ارض بور وخراب جرداء ..لا مياه ..لا زراعة ولابساتين ..لا نخيل ولا طيور..انهار بمياه راكدة اسنة مائلة الى السواد تطفو فوقها كل انواع القمامة من علب الكارتون الى قناني المشربات بمختلف اشكالها وانواعها الى الصفيح والجلود والفطائس العفنة الى اغصان الاشجار والحشائش والاحذية التي تحركها الرياح من هذا الجرف الى ذاك..مستنقعات ومكبات الزبالة منتشرة بشكل عادل في كل زوايا المدينة وازقتها واقضيتها ونواحيها..روائح نتنة تشتمها عن بعد رغم انفك..والبصرة التي كانت تحتضن ارضها العديد من المصانع والمعامل والورشات وتكاد تنعدم فيها البطالة اليوم يعيش البصريون في حالة يرثا لها وفقر مدقع .. ياحكومة العراق نقول لكم، ان من يمتلك بقرة يعلفها ويشبع بطنها لكي يحلبها وتدر عليه المزيد فلماذا تحلبون البصرة وتسرقون خيراتها بضمير مريض ،او الاحرى بلا ضمير واهل البصرة يتضورون جوعا بينما انتم تدعون انكم تخافون الله واليوم الاخر..فكيف يكون شكل النفاق.؟