في الاقتصادات الرأسمالية الناجحة، تترك الحكومة اتخاذ القرارات الاقتصادية لقوى السوق وللمبادرة الفردية.
لكن الحكومة تتشدد في تنظيم ومتابعة وتطبيق القواعد والتشريعات الخاصة بأربعة أمور مهمة ، لضمان ان المبادرة الفردية الحرة والسعي والتنافس من أجل المصلحة الفردية ، لاتكون على حساب الصالح العام وعلى حساب المجتمع.
هذه الامور الاربعة المركزية هي:
١-القوانين الضريبية وضمان ان تكون شاملة وعادلة . فالضريبة تمثل اعادة توزيع للفائض المتحقق من خلال ميزانية الدولة التي تجبى لها الايرادات الضريبية لكي يتم انفاقها في المجالات العامة المختلفة..
وعندما تكون الضريبة تصاعدية ، فانها تؤدي الى الحد من التفاوت الشديد في الثروات.
٢-الضوابط البيئية التي تضمن ان لايكون النمو والتوسع في النشاط الاقتصادي على حساب استدامة البيئة.
وهنا يتم إخضاع المشاريع الجديدة قانونياً الى الالتزام بقواعد السلامة البيئية عند التأسيس وتتم متابعتها للتأكد من ذلك الالتزام طالما كان المشروع مستمراً بالعمل.
٣-معايير التقييس والسيطرة النوعية التي تضمن حق المواطن في حصوله على منتجات بمواصفات تتوافق مع المعايير الصحية والاخلاقية.
كل مشروع يريد ان يُنتِج مُنتجاً جديداً، عليه تقديم المواصفات رسمياً الى الدائرة المعنية ، وعند الموافقة عليها تُصبِح تلك المواصفات بمثابة عقد بين المشروع وبين المجتمع الذي تنوب عنه الحكومة في ذلك.
فالمواطن لايستطيع عملياً فحص كل مُنتَج والتأكد من مكوناته وسلامته الخ … ولكن الحكومة وبالنيابة عن المجتمع تقوم بذلك.
وتستمر دوائر مراقبة المواصفة بأخذ عينات عشوائية من المُنتَج من اي مكان يكون معروضاً فيه من اجل إخضاعه للفحص . وعند العثور على مخالفة بين المواصفات الاصلية والفعلية تكون العواقب وخيمة على المشروع الذي انتج المادة.
معايير التقييس والسيطرة النوعية ومكافحة الغش ، تعتبر مقدسة ومخالفتها تعتبر جريمة كبرى لانها تُضر بالمجتمع وهي سرقة من جميع المستهلكين..
ذلك لايضمن فقط حق المواطن المُستَهلِك في الداخل ، ولكنه يحمي سمعة المنتجات وتنافسيتها عند تصديرها للاسواق الخارجية.
٤-تشريعات مكافحة الاحتكار وضمان سريان المنافسة بين المنتجين ، تلك القوانين التي تحمي القاعدة الذهبية للازدهار الرأسمالي وهي المنافسة العادلة.
الآن ، السؤال المهم :
هل يمكن للمُنتِج في القطاع الخاص ان يُلحِق الضرر بالمجتمع اذا أحسنت الحكومة وأتقنت القيام بواجباتها في تلك المجالات الاربعة ؟
الجواب : لايمكن
انها تدع القطاع الخاص يقوم بكل التفاصيل المطلوبة ، لكنها تمسك اربعة مفاتيح مهمة لاتعتبر اطلاقاً بمثابة انتهاك لحرية القطاع الخاص.