27 ديسمبر، 2024 2:19 م

من السماوة التقني : الأبحاث التقنية بوابة الحدود لمستقبل أفضل

من السماوة التقني : الأبحاث التقنية بوابة الحدود لمستقبل أفضل

قبل أسابيع انشغلت العديد من وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام بترويج أكذوبة خروج التعليم العالي العراقي من تصنيف ( دافوس ) ، ونقول أكذوبة لسببين الأول إن العراق لم يدخل هذا التصنيف أصلا لكي يخرج منه وثانيهما إن التصنيف لا يتعلق بالتعليم العالي بمفرده وإنما بمجموعة من المؤشرات الوطنية التي تدخل الترتيب ، وان مشاركة بلدنا في منتدى دافوس لا تتعدى فوائدها الجانب البرتوكولي الذي تنتج عنه الايفادات والتقاط الصور مع المشاهير من قادة الدول المشاركة فيه ، لقد ذكرنا هذا الموضوع بحدث مهم حصل قريبا في واحدة من المحافظات العراقية الأكثر فقرا ( من حيث الموارد حسب تصنيف وزارة التخطيط )، وهي محافظة السماوة العزيزة التي انعقد في رحاب معهدها التقني ( معهد السماوة التقني احد تشكيلات جامعة الفرات الأوسط التقنية ) محفلا علميا جللا لم يحظى باهتمام أي من وسائل الإعلام ، فقد انعقد فيه المؤتمر العلمي الدولي السادس لجامعة الفرات الأوسط التقنية والمؤتمر العلمي الثاني للمعهد خلال يومي 26 و27 من الشهر الجاري وتحت شعار (الأبحاث التقنية بوابة الحدود لمستقبل أفضل ) ، وهو مؤتمر اهتم ببحوث ( الهندسة ، الفيزياء ، الكيمياء ، الحاسبات ، الطاقات المتجددة ، علوم البيئة ، النانو تكنولوجي ) وقدمت إليه مجموعة من البحوث بلغ عددها 77 بحثا من 22 جامعة عراقية و7 مشاركات من جامعات عالمية ( بريطانيا ، استراليا ، الهند ، بلجيكا ، ماليزيا ، ألمانيا ، هنغاريا ) ، وبعد إجراء التقييم من قبل 120 مقوما علميا من ذوي الاختصاص العالي تم قبول 55 بحثا من مجموع البحوث المقدمة .
وتأني أهمية انعقاد المؤتمر حضوريا والكترونيا من حراجة الوقت الذي تعاظمت فيه أهمية البحث العلمي لشعوب العالم كافة والتي لا تزال ترزح تحت وطأة جائحة كورونا وانعكاساتها ، وما يشهده العالم من تقدم متسارع في مجالات المعرفة بما يعطي إشارات واضحة على إن الجامعات العراقية وفي كل المحافظات حية ومعطاءة رغما عن الازمات ، وان المسيرة في قطاع التعليم العالي والبحث العلمي مستمرة في أحلك وأصعب الظروف ، وانعقاد هذا المؤتمر يحقق مجموعة من المزايا ، أولها نشر 55 بحثا علميا ذات جودة عالية ضمن مستوعبات Scopus مسجلة باسم العراق ، فضلا عن الاتفاق على نشر البحوث المقبولة من قبل مؤسسة النشر الأمريكية IAIB ، وثانيها الانتقال من النمط المحلي إلى العالمي في مجال البحث العلمي بما يساعد على تحسين تسلسل العراق ضمن التصنيفات العالمية المعتمدة في هذا المجال ، وثالثها تسجيل موقع الرصانة لمؤتمر علمي ينعقد في بلدنا مقترنا باسم محافظة المثنى ضمن تصنيفات المؤتمرات العالمية ، ومن شان هكذا مشاركات أن تنعكس ايجابيا على الباحثين من التدريسيين وطلبة الدراسات العليا من خلال الانفتاح على البحث العلمي التطبيقي والتقني لتمكينه في معالجة مشكلات حقيقية في قطاعات المجتمع للحاق بركب الجامعات العالمية الرصينة التي تجاوزت أهدافها العمل التقليدي إلى أهداف اكبر تتلخص بالبحث والعلم والناتج المعرفي والعائد الاقتصادي تجسيدا لمفهوم (الجامعة هي الدولة) ، والسعي لتقديم العلماء والقادة في مختلف المجالات والسعي لاكتشاف أنواع جديدة من المعرفة .
وتضمنت جلسات المؤتمر خمسة محاور، خصص الأول لمناقشة أبحاث العلوم والمواد النانوية والمحورين الثاني والثالث خصصا لأبحاث ‏الهندسة المدنية والمعمارية والميكانيكية والمواد ، فيما ناقش المحورين الرابع والخامس أبحاث هندسة الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات ( IT ) والكهرباء والطاقة المتجددة ، وقد حظي المؤتمر برعاية وزير التعليم العالي الذي أناب عنه في المشاركة والحضور الأستاذ الدكتور مظفر الزهيري رئيس جامعة الفرات الأوسط التقنية وحضره رئيس هيئة التعليم التقني ومجموعة من رؤوساء الجامعات ومساعديهم وعمداء الكليات والمعاهد الحكومية والأهلية والباحثين والمهتمين بموضوع المؤتمر من القطاعين الحكومي والخاص ، ونتمنى أن تحظى مثل هذه النشاطات العلمية بما تستحقه من الاهتمام في الحضور والانتشار والتغطية بوسائل الإعلام بما يصنع أملا للأجيال ويوصل رسالة بان بلدنا لم يتوقف يوما ومن المحال إن يستسلم لأقصى الظروف ، وان البناة حاضرون ويعملون في كل الأوقات والأماكن والظروف لتهيئة متطلبات الفرصة التي ستتاح في التواصل والبناء وصنع كل ما هو مشرق في بلدنا بما يناسب مكانته وصبر شعبه العظيم .