فيما عطل العراقيون اليوم سنة وشيعة معا في مصادفة نادرة لمناسبة بدء العام الهجري الجديد فقد استنفرت قواتهم الامنية أجهزتها لتأمين احياء مراسيم عاشوراء التي يشارك فيها الملايين من داخل البلاد وخارجه لاحياء ذكرى مقتل الامام الحسين بن علي بينما اعلنت الحكومة تخصيص مبلغ 84 مليون دولار لذلك فيما حذر الحكيم من الارهابيين الذين سماهم اليزيديين الجدد.
ففي مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد) اعلن مكتب المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني ان اليوم الثلاثاء هو أول ايام رأس السنة الهجرية واول ايام شهر محرم وذلك بعد ان اعلن الوقف السني ذلك ايضا حيث تشكل بداية هذه السنة اتفاقا مشتركا بين الطائفتين . وقد اعلنت الحكومة العراقية التي اصدرت امرا بتعطيل الادارات والمصالح العامة اليوم عن تخصيص مبلغ 84 مليون دولار
لمحافظة كربلاء حيث مرقد الامام الحسين والتي تشهد مراسيم ذكرى استشهاده بمشاركة الملايين وذلك لتغطية نفقات هذه المراسيم والزيارات الدينية الاخرى كما قال بيان رسمي تسلمت نسخة منه “أيلاف”.
وشهدت مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) الليلة الماضية مراسيم تبديل راية قبة مرقد الامام الحسين بن علي بن أبي طالب بحضور عدد من الشخصيات الدينية يتقدمهم وكيل المرجعية عبد المهدي الكربلائي ورئيس ديوان الوقف الشيعي صالح الحيدري حيث تم تبديل الراية من اللون الاحمر الى الأسود إيذانا ببدء شهر محرم الحرام وذكرى واقعة الطف في كربلاء التي قتل فيها الامام عام 61 للهجرة.
الحكيم يحذر من الارهبيين “اليزيديين الجدد”
وقد حذر رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم أصحاب المواكب الحسينية الزاحفة الى كربلاء من مناطق مختلفة من العراق ممن أسماهم اليزيديين الجدد في اشارة الى منفذي التفجيرات ومستهدفي المشاركين في مراسيم عاشوراء مشددا على ضرورة الحفاظ على أرواح الناس والتعاون مع الأجهزة الأمنية.
ودعا في مؤتمر المواكب الحسينية التاسع أصحاب هذه المواكب إلى أن يكونوا “قدوة للناس” مؤكداً “ضرورة اختيار الأماكن والتوقيتات التي لا تتعارض مع حركة الناس فضلا عن التقيد بقداسة الشعائر الحسينية “. وقال “ان الشعائر الحسينية تعبير عن الانتماء والسلوك والعقيدة وكلما كانت العقيدة أعمق كلما كان التعبير أوضح” . وأضاف أن الشعائر الحسينية لها بعد اجتماعي لتعبيرها عن التعاضد والتراحم بين الجماعة ولها اثر سياسي بتعبيرها عن القوة والعزة ولها اثر نفسي بتعبيرها عن الانتماء وحسم قرار الإنسان. وحذر من تحركات ومحاولات “أليزيديين الجدد” لتفجير هذه المواكب وقتل المشاركين فيها حيث تشير كلمة اليزيديين الى يزيد بن معاوية بن ابي سفيان الخليفة الاموي المسؤول عن فاجعة الطف.
ومن جهته دعا ممثل المرجعية الشيعية في اوروبا الخطباء والمبلغين الذين يشاركون في احياء مراسيم عاشوراء الى كشف أسرار “النهضة الحسينية في عصر طغى فيه المنكر على المعروف والتبس الحق فيه بالباطل وصار الكذب فضيلة، والصدق رذيلة مما أخرج البعض من الناس عن منهج الإسلام حتى جرهم إلى الانحراف الفكري والعقائدي والسلوكي، نتيجة تدنيس روحيتهم بشهوات الدنيا وملذاتها فباعوا آخرتهم بدنيا زائلة، وتنكروا للعقيدة والمبدأ” كما قال في بيان موجه الى المشاركين في هذه المراسيم.
وطالبهم بالابتعاد “عن ذكر ما يسيء إلى رموز جمهور المسلمين لأنهم إن فعلوا عكس ذلك مكّنوا الأعداء من الوقيعة بالجميع، كما يفعلونه اليوم من قتل الابرياء وازهاق ارواح الصلحاء عبر مفخخاتهم واحزمتهم الناسفة واسلحتهم الكاتمة ونشر الطائفية البغيضة”. وشدد على ضرورة الابتعاد عن نقل الخرافات والاساطير وعدم نقل الاحاديث والروايات التي لم تثبت صحتها عن رسول الله والائمة والاهتمام بتثقيف الناس وتوعيتهم اجتماعياً، وتضمين الخطابة قصصاً تاريخية تكون فيها العبرة لحاضرهم ومستقبلهم. كما حذهم من عدم نسيان “الجزء المهم من موضوع المجالس الحسينية باستدرار الدمعة والجزع والمصيبة على ما أصاب الحسين وآله من خلال عرض ظلاماته”.
بدء تنفيذ خطة أمنية بمشاركة حوالي 100 الف رجل أمن
واليوم بدأت القوات الامنية العراقية حالة استنفار قصوى وتنفيذ خططها الامنية الموضوعة لتأمين مراسيم عاشوراء ووصول ملايين العراقيين الى مدينة كربلاء لاحياء ذكرى استشهاد الامام الحسين وذلك بمشاركة اكثر من 100 الف عسكري بحماية طائرات القوة الجوية في مختلف محافظات الوسط والجنوب.
وقد دأبت الجماعات المسلحة على استهداف الزائرين خلال المناسبات الدينية وتنوعت أساليبها بين الهجمات الانتحارية والعبوات الناسفة واللاصقة والعجلات المفخخة رغم تطبيق الأجهزة الأمنية خططاً لحماية الزوار تنشر خلالها الآلاف من عناصر الأمن غير أن تلك الإجراءات لم تمنع بشكل نهائي عمليات استهداف الزائرين.
وأكد محافظ كربلاء عقيل الطريحي اعتماد الجهد الاستخباري ركيزة اساسية ضمن الخطط التي وضعت لتأمين الزيارات المليونية في عاشوراء حيث بدأ سكان كربلاء استعداداتهم لاحياء مراسيمها ونصب المواكب الحسينية وسرادقات العزاء ورفع الرايات السوداء في مركز المدينة والطرق الخارجية .
ومن جهته أعلن قائد عمليات الفرات الاوسط الفريق الركن عثمان الغانمي عن البدء بتطبيق الخطة الامنية الخاصة بشهر محرم الحرام في محافظات الفرت بكربلاء والنجف وبابل والقادسية وقال خلال مؤتمر صحافي ان تنفيذ الخطة الامنية يجري بمشاركة قوات مشتركة من الجيش والشرطة وتفعيل الجهد الاستخباراتي ودعم الخطة الامنية بالعناصر النسوية. وأشار الى ان قطعات من الجيش ستعمل على تأمين حدود النجف الخارجية وخاصة باديتها مع المملكة العربية السعودية بمساندة قوات الحدود وبدعم من طائرات القوة الجوية. واوضح ان العمل جار لتأمين الطرق الرابطة بين بغداد والحلة جنوبها وصولا الى كربلاء من خلال طيران الجيش والقيام بعمليات استباقية لملاحقة المجاميع المسلحة.
بغداد تستنفر وتفتش الداخلين والخارجين منها
كما بدأت قيادة عمليات بغداد تطبيق خطة امنية خاصة بذكرى عاشوراء الامام الحسين ودعت المواطنين الى اتباع مجموعة من التوجيهات الامنية الى جانب تأكيدها على التعاون مع الجهات الامنية في ابداء المعلومة والاخبار السريع عن اية حالة مشتبه بها .
وقال الناطق باسم قيادة العمليات العميد سعد معن في تصريح صحافي ان الخطة تركز بشكل كبير على تفعيل الجانب الاستخباري وتنشيط الخطوط الساخنة للإخبار الفوري من قبل المنتسبين والعناصر الامنية المنتشرة في مناطق متفرقة من العاصمة فضلا عن اخبارات المواطنين التي سيتم التعامل معها بالجدية والفورية المطلوبة .
واضاف ان الخطة ستستعين بطائرات الجيش لتأمين الزيارة الخاصة بيوم عاشوراء في مدينة الكاظمية ببغداد حيث ان جموع المؤمنين اعتادت التوجه الى مرقد الامامين الجوادين لأداء مراسيم زيارة عاشوراء. واوضح انه تم ايضا وضع خارطة طرق وممرات مؤمنة لحشود الزائرين لضمان سيطرة القوى الامنية على مجريات الزيارة وتأمين حركة الزائرين ذهابا وايابا .
واوضح ان قيادة عمليات بغداد عملت على وضع خطط مشتركة بالتنسيق مع قيادات العمليات الاخرى في محافظات الوسط والجنوب لتقديم الدعم اللازم والعمل المشترك في خدمة الزائرين وتأمين طرق تنقلهم من والى مدنهم سالمين ومنع حدوث اية خروقات امنية قد تهدد سلامتهم او تعكر صفو الزيارة واحياء الشعائر حيث ان الخطة ستشمل حماية الحسينيات والمواكب الخاصة باقامة الشعائر والمواكب الراجلة والثابتة .
ودعا الناطق الرسمي باسم قيادة عمليات بغداد المواطنين الى عدم التعامل مع اية جهة غير معروفة وعدم تسلم اي مواد منها كالاطعمة والمشروبات والسلع التي تمنح على شكل هدايا للمواكب الحسينية محذرا من ان الجماعات الارهابية قد تلحق الضرر بالزائرين عبر توزيع اطعمة غير صالحة او مسمومة .
وقد نصبت قيادة عمليات بغداد نقاط تفتيش في مداخل ومخارج العاصمة مع نشر أطواق أمنية حول الطرق التي يسلكها الزائرون إلى مدينة كربلاء . وأضاف أن طائرات من القوة الجوية تشارك في تنفيذ الخطة الأمنية من خلال رصد حركة المسلحين خاصة وانه قد تم الزج بعدد من منتسبي القيادة المدنيين بين جموع الزائرين لرصد أي تحركات مشبوهة للإرهابيين وإحباط عملياتهم . واشارت الى انها تنسق جهودها مع وزارة الصحة لنشر سيارات الإسعاف قرب المواكب وفي مناطق تجمع الزائرين.
ومن جانبها اعدت دائرة صحة كربلاء خطة واسعة لتقديم الخدمات الطبية للزائرين بالتنسيق مع ادارات الصحة في محافظات بغداد والنجف وبابل حيث تم نشر 35 مفرزة طبية في مناطق متفرقة من مركز مدينة كربلاء ومحاورها الثلاث بإتجاه تلك المحافظات اضافة لنشر اكثر من 170 سيارة اسعاف وارسال 6 فرق طبية متخصصة ونحو 15 سيارة اسعاف من قبل وزارة الصحة في بغداد لإشراكها في الخطة الصحية في محافظة كربلاء.
معروف ان المسلمين وخاصة الشيعة منهم يحيون في العاشر من محرم في كل عام واقعة الطف حيث قتل جيش الخليفة الاموي يزيد بن معاوية الامام الحسين مع عشرات من افراد عائلته عام 61 للهجرة المصادف 680 ميلادية باعتبار هذه المناسبة اكثر الاحداث مأسوية في تاريخهم ولذلك تعد زيارة كربلاء خلال عاشوراء من ابرز المناسبات الدينية حيث يصلها مئات الالاف من الاشخاص سيرا على الاقدام من مختلف مناطق العراق.