“العراق” في مواجهة أخيرة مع الميليشيات المسلحة .. هل ينجح “الكاظمي” في حصر السلاح ومحاسبة القتلة ؟

“العراق” في مواجهة أخيرة مع الميليشيات المسلحة .. هل ينجح “الكاظمي” في حصر السلاح ومحاسبة القتلة ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تتسارع الأحداث والعواقب على المشهد السياسي العراقي، في معركة تبدو أنها فصل الخطاب بين الدولة العراقية والميليشيات المسلحة، ففي آخر تصريحاتها، أكدت الرئاسات العراقية الثلاث، اليوم الجمعة، أن الأحداث التي شهدتها “بغداد”؛ تؤثر سلبًا على جهود تحقيق الأمن والاستقرار وحفظ هيبة الدولة وسيادتها.

وأوضح بيان، صدر عقب اجتماع الرئاسات الثلاث، أن الاضطراب الأمني والتعدي على الدولة يُمثلان تجاوزًا خطيرًا، ودعت الرئاسات الثلاث إلى حصر السلاح بيد الدولة.

هذا القرار، جاء على خلفية قيام ميليشيات (الحشد الشعبي) بالانتشار في مناطق حساسة داخل العاصمة العراقية، “بغداد”، في تحرك وصفه رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بأنه استعراض للقوة وانتهاك خطير للدستور العراقي والقوانين النافذة.

وتصاعدت حدة التوترات، في “بغداد”، بعد اعتقال قائد عمليات ميليشيا (الحشد الشعبي)، في محافظة “الأنبار”، “قاسم مصلح”، وذلك بناءً على تحقيق قضائي ومذكرة توقيف بشأن قضايا تتعلق باغتيال النشطاء، وهو ما أثار حفيظة قوات (الحشد الشعبي).

انتهاك السيادة من قِبل الميليشيات يضر بـ”العراق”..

وأثار تحرك ميليشيا (الحشد الشعبي)، حفيظة “الولايات المتحدة”، فقالت وزارة الخارجية الأميركية إن انتهاك سيادة “العراق” وسيادة القانون من قِبل الميليشيات المسلحة يضر بـ”العراق” والعراقيين.

وفي بيان لها، قالت “الخارجية الأميركية”؛ إن المتظاهرين السلميين الذين نزلوا إلى الشوارع للمطالبة بالإصلاح؛ قوبلوا بالتهديدات والعنف الوحشي.

وأضاف البيان: “نرحب بكل جهد من الحكومة لمحاسبة الميليشيات في العراق والبلطجية على هجماتهم ضد العراقيين، الذين يُمارسون حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، وكذلك لاعتدائهم على سيادة القانون”.

وختم البيان بالقول: “نُعيد تأكيد إلتزام حكومة الولايات المتحدة الدائم، تجاه الشعب العراقي وعراق قوي وذي سيادة ومزدهر”.

تأييد أميركي لإجراءات “الكاظمي”..

كما عبر “مجلس الأمن القومي” الأميركي، الخميس، عن دعمه لإجراءات رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، لفرض سيادة القانون وتمهيد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة.

وذكر المجلس، في بيان له: “ندعم بقوة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، والحكومة، من إلتزام العراق بدعم سيادة القانون؛ وتمهيد الطريق لانتخابات حرة ونزيهة”.

وأضاف البيان أنه: “يجب التحقيق مع أي شخص يستهدف مواطنين عراقيين؛ وفقًا للقوانين العراقية، وإننا ندين أولئك الذين يسعون إلى تقويض استقرار العراق بأعمال عنف”.

وكان قد قُتل شخص وأصيب آخرون بجروح، يوم الثلاثاء، عندما أطلقت قوات الأمن العراقية، الذخيرة الحية، في الهواء لتفريق احتجاجات مناهضة للحكومة في وسط العاصمة العراقية، “بغداد”.

دعم سياسي داخلي لإجراءات الحكومة..

على إثر الإجراءات، حظيت عملية اعتقال القيادي في (الحشد الشعبي)، “قاسم مصلح”، المُلقب: بـ”طريد السيستاني”، بدعم سياسي واسع لإجراءات الحكومة العراقية، في مواجهة الميليشيات، وسط مطالبات بإكمال سير التحقيقات دون الإلتفات إلى الضغوط التي تمارسها المجموعات المسلحة.

واعتقلت قوة أمنية عراقية، “مصلح”، الأربعاء، على خلفية اتهامات يواجهها باغتيال الناشط في الاحتجاجات العراقية، “إيهاب الوزني”، لكن العاصمة، “بغداد”، عاشت لحظات مرعبة عقب ذلك، حيث انتشرت مجموعات مسلحة من الحشد بهدف الضغط على الحكومة لإطلاق سراحه.

ورغم الانتشار العسكري لمجموعات (الحشد الشعبي)، وتوسط قيادات سياسية لدى رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، وبث شائعات إطلاق سراح “مصلح”، من قِبل اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، إلا أن “الكاظمي” أعلن عدم إطلاق سراحه؛ وأن التحقيقات في مسارها الصحيح.

تحذير من استقواء وتمرد الميليشيات على الدولة..

وأعلنت قوى سياسية عراقية، (شيعية)؛ تأييدها لإجراءات الحكومة بشأن تطبيق القانون واعتقال المتهمين باغتيال النشطاء أو المخالفين للسياقات القانونية.

وحذر رئيس الوزراء السابق وزعيم ائتلاف (النصر)، “حيدر العبادي”، من وقوع فوضى بسبب الاستقواء والتمرد على الدولة.

وقال “العبادي”، في تغريدة على (تويتر)؛ إن: “بناء الدولة مسؤولية تضامنية، إما أن تسير الدولة إلى النظام والسيادة، وإما أن تنهد على رؤوس الجميع”، مضيفًا أن: “التجاوز والاستقواء والتمرد على الدولة ممنوع، والفتنة والفوضى والاستلاب كارثة”.

مختتمًا حديثه بالقول: “لا أحد فوق القانون والمساءلة، فلنحتكم إلى الدولة ومنطقها قبل أن تبتلعنا الفوضى”.

من هو “قاسم مصلح” ؟

ويُعد “مصلح”؛ من قيادات (الحشد الشعبي) المقربة لقائد (فيلق القدس) الإيراني الراحل، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي)، الراحل؛ “أبو مهدي المهندس”، اللذين اغتيلا في غارة أميركية، مطلع العام الماضي، في “مطار بغداد الدولي”.

وكان “مصلح”، قياديًا في (حشد العتبات)، بمحافظة “كربلاء”، وهي قوات مقربة من المرجع الديني، “علي السيستاني”، لكنه “طُرد” من مكان عمله، لأسباب تتعلق بطبيعة علاقته مع “إيران”، ليتسلم بعدها مباشرة منصب قائد (الحشد الشعبي)، في محافظة “الأنبار”، التي تُعد من أهم المناطق بالنسبة للحشد، بسبب تماسها مع “سوريا”، حيث تنتشر الفصائل العراقية على الجانبين.

من جهته، أكد مستشار الأمن القومي، “قاسم الأعرجي”، (قائد في منظمة بدر سابقًا)، على تشكيل لجنة للتحقيق مع القيادي في (الحشد الشعبي)، “قاسم مصلح”، بإشراف قيادة العمليات المشتركة.

وأوضح “الأعرجي”، في تصريحات صحافية، إنه: “تم تشكيل لجنة من الأمن والاستخبارات والأمن الوطني والحشد الشعبي والعمليات المشتركة؛ مهمتها التحقيق مع، قاسم مصلح”.

مضيفًا أن: “القضاء يأخذ مجراه؛ والملف بإشراف قيادة العمليات المشتركة”.

تحذير من إضعاف البلاد..

وحذر زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، من “إضعاف” البلاد، مؤكدًا أنه سِلمٌ لمن سالم “العراق”.

وقال “الصدر”، في تدوينة له؛ إن: “إضعاف العراق ممنوع وحرام أكيدًا، فلا تتكالبوا عليه، بل أنصروا وطنكم ولا تخذلوه”، مؤكدًا: “أنا سلم لمن سالم العراق”.

سريان قرارات القضاء على الجميع !

من جهته؛ أكد زعيم تيار (الحكمة الوطني)، “عمار الحكيم”، على وجوب سريان قرارات القضاء على الجميع واحترام مؤسسات الدولة.

وذكر “الحكيم”، في بيان؛ إن: “كل العراقيين سواء في معيار المساءلة القانونية، ويجب احترام قرارات مؤسسات الدولة، وعلى رأسها السلطة القضائية، التي ينبغي أن تسري قراراتها على الجميع بلا استثناء ليأخذ كل ذي حق حقه”.

وأضاف أن: “التفريط بهيبة الدولة يُعرض حاضر البلاد ومستقبلها إلى الخطر، فضلاً عن إضعافها وتشويه صورتها أمام الرأي العام العالمي”.

محاولة لإعادة العراق للديكتاتورية !

بينما اتهم تحالف (الفتح)، رئيس الحكومة، “مصطفى الكاظمي”، بمحاولة إعادة “العراق” إلى الديكتاتورية.

وقال زعيم التحالف، “هادي العامري”، في بيان، إن: “الحشد بدمائه الطاهرة؛ بنى هيبة الدولة ومن يريد كسر هيبة الحشد، تحت أي حجة كانت؛ هو الذي يريد أن يقوض هيبة الدولة”.

وأضاف أن: “من يعتقل بطرق ملتوية، بعيدًا عن الإجراءات القانونية والأصولية وبإجتهادات شخصية، هو الذي يريد أن يلتف على القضاء، ولا يلاحظ الفصل بين السلطات التي نص عليها الدستور، ولا يمكن أن يختزل القضاء والأجهزة الأمنية بشخص واحد”.

وأشار إلى: “وجود ممارسات خاطئة، من اعتقالات بدون مذكرات قبض وتعذيب”، حسب وصفه.

وتابع “العامري”: “لا يمكن أن نقبل بهذه السلوكيات مطلقًا، وهذه الخطوة الأولى بالعودة باتجاه الدكتاتورية، لكننا نأمل من الجميع أن يكون العراق وخدمة الشعب العراقي؛ هو منطلقنا وأساس وحدتنا”.

عدم احترام للقانون العراقي..

تعليقًا على الأحداث، قال المحلل السياسي، “باسل الكاظمي”؛ إن: “ما حدث، بالأمس الأول، عند المنطقة الخضراء ينم عن عدم احترام الأطراف كلها للقانون العراقي، وتحكم الأجندات الخارجية في هذه الأطراف، والحشد الشعبي، منذ تأسيسه؛ هو شكل من أشكال الانقسام داخل القوات المسلحة العراقية، لأنها لا تأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة”.

وأوضح المحلل أن رئيس الوزراء: “يحاول إحتواء الوضع الآن بالسُبل السياسية، والوضع الحالي يؤثر سلبًا على الانتخابات ويُهدد بعدم إجرائها في موعدها”.

الاعتقال ممكن أن يحدث لكل قادة “الحشد الشعبي”..

ويرى المحلل السياسي العراقي، “كامل الكناني”، أن: “عملية اعتقال القيادي، قاسم مصلح، عملية متوقعة، ويمكن أن تحصل لكل قادة (الحشد الشعبي)، ومصلح، أحد الرموز الوطنية المهمة في (الحشد الشعبي)، وهو يقف حجر عثرة في طريق مخططات أميركا في المنطقة الغربية ومنطقة الصحراء والجزيرة والأنبار”.

رد فعل غير محسوب..

أما الخبير الأمني والإستراتيجي، “أحمد الشريفي”، فيرى أن: “الكلمة الفصل للقضاء، ولكن رد الفعل كان غير محسوب، ومورس ضغط غير مبرر على الجهات التنفيذية، وهذا بالحقيقة ناتج ليس كرد فعل آني، وإنما لخلفية تراكمات في سوء العلاقات بين الحكومة والفصائل، وتكرار مثل هذه الأعمال يؤدي إلى زيادة التوترات في البلاد”.

مسار عراقي جديد..

بينما يرى المحلل والباحث السياسي، “عماد محمد”، أن: “هناك مسارًا عراقيًا جديدًا ولغة خطاب مناهض لوجود الميليشيات المسلحة، سواءً من سياسيين أو قادة أحزاب ونواب في البرلمان، وهذا يؤشر إلى تعالي الأصوات الرافضة لسياسات تلك المجاميع المرتبطة بالخارج، والتي تُهدد الأمن القومي للبلاد، وتُنذر باندلاع حرب أهلية”.

ويضيف الباحث العراقي، لـ (سكاي نيوز عربية)؛ أن: “الغطاء السياسي والشعبي، الذي يتوفر لهذه الجماعات، والدعم المباشر لها، من قبل إيران، هو السبب الرئيس وراء بقائها، وليس ضعف الحكومة العراقية، أو المؤسسة العسكرية، التي لو حصلت على ضوء أخضر من القادة السياسيين، فإنها ستنجز مهامها بشكل واضح، وبكل مهنية”.

ولفت إلى أن: “الاحتجاجات الشعبية، ومجيء رئيس الحكومة الحالي، مصطفى الكاظمي، شجّع تلك الأطراف على تبني خطاب جديد، يعتمد منطق الدولة وسيادة القانون”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة