من القصص القرآنية التي وردت في قصة النبي موسى (ع) نستعرض موقفا لبني إسرائيل مع العطاء الإلهي والخيرات التي أنعم بها عليهم ، كنعمة التوحيد للإله الواحد الأحد التي أبدلوها بعبادة عجل السامري فكانت عقوبتهم واستحقاقهم أن ظلوا في غياهب التيه لأربعين سنة ، ومع ذلك لم يعتبر بني إسرائيل من هذه الحادثة ولذلك فأنهم حين خرجوا من هذه المحنة عادوا إلى غيهم وطغيانهم وظلوا في يعمهون ، ثم كان من غيهم أنهم طلبوا من موسى (ع) إن ينزل الله تعالى عليهم طعاما فانزل سبحانه وتعالى أشهى وأطيب المأكولات ( المن والسلوى) فلم يصبروا إلا مليا ليعودوا إلى موسى معترضين على مائدة السماء ويطلبون منه مائدة تليق بأنفسهم الإمارة بالسوء والدنيئة (إِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ ) ، فتملك موسى (ع) العجب من هؤلاء الأجلاف ونهرهم ووبخهم قائلا (أتستبدلون الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ) وهكذا هبطوا لأنهم أهل للهبوط وليس للعلاء ، ومن ثم كان الوعد الإلهي والعقوبة الدائمة لأولئك المنكرين المعترضين على شرع الله ونعمه (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ) ، ومحل الشاهد أن نصرة الله و طاعته تتجلى في تمكين شريعته في الحياة لتكون أساس لكل التشريعات وخذلان الله تعالى يكون بخذلان شريعته والعمل على طمس معالمها وتمكين القوانين الوضعية التي صيغت لتكون مخالفة لقوانين السماء ومناقضة لها لتكون مناسبة لتحقق الانحراف ومقدمة لإشاعة الكفر بالله وشريعته .
مما لا شك فيه أن مشروع قانوني الأحوال الشخصية والمحكمة الجعفرية العليا هو مشروع يشكل روح الشريعة الإسلامية وفي صلب مبادئها السمجاء ونافذة واسعة لممارسة حكم الله وتشريعاته هذا من الجانب الشرعي أو الديني ، كما إن هذا القانون وتفصيلاته موافق للدستور العراقي ومنبثق من مواده وفقراتها ولذلك فأنه من الناحية القانونية لا يوجد عائق أمام تشريع هذا القانون بالإضافة إلى أن سلسلة الاعتراضات التي صدرت من البعض لا تعبر إلا عن جهل المعترضين بمواد الدستور العراقي أو ربما تعمدهم التشويش على مشروعية القانونين دستوريا وذلك من الخوض في مسائل بعيدة كل البعد عن الأصول القانونية التي أستند عليها هذا المشروع .
من ذلك يتبين أن اغلب الاعتراضات هي عبارة عن هواجس ومخاوف متبنية على أسس أيدلوجية أو طائفية أو سياسية واهية وسوف نتعرض خلال المقالة إلى استعراض مقدمة تاريخية عن قانون الأحوال الشخصية النافذ ثم نتناول أهم الاعتراضات والإشكالات على القانونين واهم الردود عليها والتي نقتبس إجاباتها من خلال التعليق الذي صدر بتاريخ 25/11/2013 عن المرجعية الرشيدة لسماحة الشيخ محمد اليعقوبي للإجابة عن الإشكالات ورفع موجبات التشكيك والطعن وإزالة المخاوف من هذين القانونين ..
نبذة تاريخية لقانون الأحوال الشخصية النافذ
صدر قانون الأحوال الشخصية النافذ والمرقم (188) في العام 1959 ، إلا انه لم يقر بسبب المعارضة التي أبدتها المرجعية العليا في النجف الاشرف آنذاك والمتمثلة بالسيد محسن الحكيم (رحمه الله) والتي جابهت إصدار هذا القانون لمخالفة الكثير من بنوده ومواده لإحكام الشريعة .
ولقد ساهم التأييد الشعبي للمرجعية وقراراها الرافض لهذا القانون ، بالإضافة إلى المهرجانات الواسعة المنددة به ، والوفود التي أبلغت الحكومة بقرار الرفض إضافة إلى المؤلفات التي صدرت من فضلاء الحوزة لبيان مخالفة مواد القانون لمبادئ الشريعة الإسلامية ، كل هذه العوامل دفعت الحكومة إلى تأجيل إقراره وجعلت الزعيم عبد الكريم قاسم يرضخ لارداة المرجعية ويستجيب لشرطها الاساسي للقائه والقاضي بايقاف العمل بهذا القانون بالرغم من الضغوط التي مارسها الشيوعيين من خلال وسائل الاعلام والمظاهرات للعمل بالقانون .
وعندما أقر القانون في حكومة عبد السلام عارف بعد اجراء تعديلات كثيرة عليه ، انبرت المرجعية للتصدي لهذا القانون من خلال تشكيل جماعة علماء بغداد والكاظمية وتفويضها رفض القانون والتعبير عن الرفض برسالة أرسلت إلى عارف وجاء فيها ( يجب إلغاء الأحوال الشخصية وإعادة المحاكم الشرعية ليتاح للمسلمين مزاولة أحكامهم الشرعية وفقا لمذهبهم )، ولكن عبد السلام عارف رفض الاستجابة لمطالب المرجعية التي بدورها رفضت إن يقوم الأخير بزيارتها وأعلنت عدم استقبالها له .
وهكذا استمر القانون بالسريان في ظل حكومات البعث المتلاحقة وأضيفت إليه أثناء ذلك العديد من التعديلات والتشريعات وحذفت منه مواد أخرى بالمقابل بما يتلائم وسياسات الأنظمة البعثية المتعاقبة .
بعد سقوط نظام البعث في 2003 وتشكيل مجلس الحكم ، أستثمر السيد عبد العزيز الحكيم فترة رئاسته الدورية للمجلس في كانون الأول من العام 2003 ليصدر أمرا بإلغاء القانون (188) النافذ وذلك بالقرار (137) الصادر عن مجلس الحكم ، إلا إن ضغط المؤسسات المدنية المرتبطة بقوى الاحتلال الأمريكي آنذاك ساهم في الضغط على المسؤولين الأمريكان في العراق من اجل إجبار السيد الحكيم على إلغاء التجميد وإعادة العمل بالقانون (188) .
إلى أن انبرى أخيرا السيد وزير العدل حسن الشمري وبعد (10) سنوات على سقوط النظام البعثي إلى تقديم مشروع قانون الأحوال الشخصية والمحكمة الجعفرية العليا وذلك ليكون هذا القانون خاص بالطائفة الشيعية وغير ملزم للأطياف الاجتماعية الأخرى بالعراق والتي يمكنها التعامل بالقوانين النافذة ، بل حتى أتباع الطائفة غير ملزمين وإنما مخيرين بين التعامل على القوانين السابقة أو اللاحقة في حال صدورها ولذلك فلا يوجد مبرر لمن يختار التعامل بالقوانين الوضعية أن يقف ويندد ويعترض على من يفضل التعامل مع القوانين الشرعية الشخصية والتي تنظم حياة الإنسان الخاصة كالزواج والطلاق والميراث والنفقة ….الخ، وهي قوانين تدخل في صلب حياة الإنسان وتمثل أهم معاملاته الشخصية.
الإشكالات والمعترضون
يواجه قانون الأحوال الشخصية الجعفرية أصناف متناقضة من المعترضين اختلفت هذه الأصناف والمجاميع في كل شيء واتفقت على اعتراضها على القانون لأسباب ومصالح فئوية ضيقة وغايات تستهدف أبعاد الدين عن حياة المجتمع الشيعي وفصله عن قيادته الحقيقية والمتمثلة بمرجعيته الدينية .
ويمكن تقسيم الأطراف المعترضة إلى ثلاثة أطراف رئيسية ولكل منها أسباب ترتبط بتوجهاتها الخاصة وكالاتي:
1- الأطراف السياسية: واعتراض هؤلاء على القانون لأسباب سياسية بحتة، فهم يصرحون علنا بأن هذا القانون يشكل نوع من الدعاية الانتخابية لوزير العدل وحزبه.
2- الأطراف ذات البعد الطائفي : ويعترض هؤلاء على القانون وتشريعه لدواع طائفية بحسب ادعاءاتهم ، وهم ينظرون على أن هذا القانون المقترح يمثل خطراً يهدد وحدة العراق أرضاً وشعباً لفئويته وجهويته ، وقد يفسح المجال أمام خلق فجوة وشرخ دائم بين الطائفتين على أساس الفصل بين التشريعات .
3- الأطراف التي تمثل المؤسسات المدنية والتي ترتبط بالأحزاب والحركات العلمانية : وأسباب رفض هؤلاء للقانون يتأتى من تصوراتهم البالية والمرتكزة على مبدأ معاداة كل مظاهر الدين وتشريعاته ، أما مبرراتهم فهي أن هذا القانون يمثل خرقا وتحديا للحريات الشخصية ويكرس للطائفية ويشكل خطرا وتهديدا لحقوق المرأة من خلال تكريس قيمومة الرجل .
ويثير هؤلاء أيضا مسألة اختلاف المرجعيات الدينية فتوائيا وتأثير هذا الاختلاف في إعاقة العمل بالإحكام والتشريعات الصادر من المحكمة الجعفرية العليا نتيجة التباين في الفتوى .
هؤلاء باختصار هم من يمثلون الأطراف الرئيسية للجهات المعترضة على تشريع قانون الأحوال الشخصية الجعفري وطبعا يتضح أن ميولهم وتوجهاتهم تراوحت بين الاسلاموية والعلمانية وبصورة أوضح من مؤسسات سياسية دينية ومؤسسات سياسية مدنية ..
الردود على المعترضين وإشكالاتهم
للرد على إشكالات السياسيين يجب الإشارة والتنبيه لهؤلاء المعترضين بأن وزير العدل عمل على إعداد فقرات القانونين لمدة عام ونصف قبل أن تتبلور المسودة النهائية ، فضلا عن إن مسودة القانون أوصلت إلى جميع المراجع والعلماء في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة منذ عام تقريبا لإبداء ملاحظاتهم عليها .
أذن المشروع لم يكون وليد الساعة حتى يقال بأنه دعاية انتخابية ، وطبعا من المؤسف إن هؤلاء السياسيين المعترضين هم في الأعم الأغلب من الكتل السياسية الإسلامية الشيعية ، واغلب المعترضين يتحدثون بصفة شخصية ولا تعبر عن وجهة نظر تلك الكتل أو زعمائها ، وهم ليسوا كذلك ناطقين بالنيابة عن كتلهم وإنما جاءت ردود أفعالهم المتسرعة بغضا وحسدا من جهة ومن جهة أخرى لدغدغة مشاعر المعترضين الآخرين ومحاولة استمالتهم لأسباب انتخابية بالإضافة إلى استهداف وزير العدل وحزبه والانتقاص من قيمته السياسية والاجتماعية عبر كيل مجموعة من التهم للقانون كالطائفية وغمط حقوق المرأة والوحدة الوطنية وغيرها من الأساليب الدعائية الرخيصة التي سبق أن جربناها وعلى مدى (10) أعوام من تسلط هؤلاء الفاشلين على المؤسسات السياسية التشريعية والتنفيذية .
أما بالنسبة لمن وصم القانون بالطائفية وهم في الأعم الأغلب أيضا من السياسيين أو المؤسسات الدينية المتطرفة فأن هذه الذريعة والادعاء عبارة عن حجج واهية يسوقها هؤلاء الطائفيين ، وإلا فأن السياسيين وسياساتهم الطائفية في السابق واللاحق هي التي أفرزت عن ارتكاب الجرائم الفظيعة بحق شيعة العراق من المقابر الجماعية إلى حرب المفخخات وقطع الرؤوس .
بل إن الإنصاف يدعو من يخاف شرور الطائفية إلى المبادرة برفع المظلومية عن الشيعة ويعمل على إعطائها حقوقها التي تشعرها بكرامتها ومواطنتها لا إن يعترض على المطالبة بأبسط حقوقها الشرعية .
ومن الغريب أن تبادر أنظمة الحكم في دول الجوار إلى منح الشيعة حقوقهم في الأحوال الشخصية والمحاكم الجعفرية مع إن بعض هذه الأنظمة يمثل بؤرة وقاعدة لمذهب التكفير والتفخيخ الإرهابي ، ومع ذلك يسمح للشيعة هناك بالتخاصم والتحاكم إمام محاكم جعفرية خاصة كما في البحرين والكويت والسعودية ولبنان وسوريا والإمارات وغيرها من الدول رغم إن تلك البلدان تمثل الشيعة فيها أقلية إذا ما استثنينا ( البحرين) إلا إن ذلك لم يحول دون أن يتمتعوا بأقل حقوقهم الشخصية؟! فلماذا يحرم شيعة العراق وهم الأغلبية من حقهم في استصدار قوانينهم الشخصية ؟
ومن العجيب أن الإخوة المسيحين بادروا إلى المطالبة بتشريع قانون الأحوال الشخصية المسيحية وقدموا طلباً منذ عام 2006 للموافقة على إقرار هذا القانون وتشريعه كحق شخصي لأبناء الطائفة المسيحية التي لا يناسبها كذلك إن تكون رهينة لقانون الأحوال الشخصية النافذ .
وهل انبثقت الطائفية من القوانين والتشريعات الشرعية والقانونية أم من منابر السياسيين وعمائم المتعصبين وتصريحاتهم المحرضة وصراعاتهم المجنونة من اجل التسلط والغنائم ، وهل يشكل تشريع يبرئ ذمم المسلمين الشيعة خطرا محدقا بأمن العراق ووحدة أبنائه أم إن الخطر يتجلى بالعصابات والميلشيات التي تصول وتجول في العاصمة ومدن العراق الأخرى لتمارس التفخيخ والذبح لأبناء العراق على أساس الهوية والمعتقد وبدعم من السياسيين الطائفيين وغطاء ودعم لوجستي لتلك العصابات التي تمارس إرهابها ومذابحها نهارا جهارا ؟!
أما دعاة الحريات المدنية فان إشكالاتهم أو (إشكالاتهن) مثار للسخرية والازدراء في نفس الوقت ، فادعاء أن قانون الأحوال الشخصية الجعفري يهدد الحريات الشخصية لا يعدوا إلا أن يكون نكتة سمجة وضحك على الذقون وتلاعب مفضوح بالمعاني والدلالات ؟ ويبدوا إن هؤلاء المدّعين للمدنية والتحضر يريدون أن يكرسوا لايدولوجياتهم بطريقة بشعة وغاية في الخداع والتضليل ، فمن جهة يطالبون بمراعاة واحترام الحريات الشخصية وعندما تتعلق تلك الحريات الشخصية الموافقة لدستور البلاد بالمجتمع المتدين فأنها تتحول إلى دكتاتوريات وتخلف وظلم ؟
ومادام القانون المقترح يدعو لضمان الحق الشخصي للإنسان في التعاطي مع ما يؤمن به من قوانين وتشريعات فأن الإشكال على هذا القانون هو تعدي على تلك الحريات التي يتشدق بتمجيدها أولئك النشطاء المتهتكون بالقوانين والشرائع السماوية ، وعليهم إن يلتزموا بما الزمو به أنفسهم من معتقدات وشعارات ولا يتوقعوا أن يثنوا بضجيجهم الصاخب مسيرة الإسلام من أن تسود المجتمع والبلاد وتقود الحياة .
أن قانون الأحوال الشخصية هو قانون خاص بالطائفة الشيعية وغير مُلزم للمواطنين الآخرين ، أي انه قانون خاص وليس عام حتى يكره الآخرين على اعتناقه أو العمل به ولقد كفل الدستور العراقي تشريع هذا الحق الشخصي للعراقيين بالمادة (41) من الدستور العراقي والتي نصت على ( جميع العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية وفق دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم على إن ينظم ذلك بقانون) .
إن هذه المجاميع التي تلوذ بسفارة الولايات المتحدة وقنصليتها في ابريل وتعتاش على فتات موائد جنرالات الحزب الشيوعي الكردستاني برعاية العراب الكبير ( ف .ك) وتتخذ من الأعلام وسيلة لنفث سمومها يجب أن تخضع لواقع العراق الديني والاجتماعي الذي يتميز شعبه بالالتزام الديني والانقياد إلى مراجع الدين بغض النظر عن عمق هذا الالتزام ومستوياته أو تنوع اتجاهاته ، فأن بعض المسائل تعتبر خطاً أحمر عجز حتى بول برايمر وأحجار رقعة الشطرنج الأمريكية في العراق أن المساس به أو التعرض له ولقد جربوا سابقا ولاحقا التعدي على حقوق ومقدسات الشيعة وتلمسوا عن قرب ردة الفعل الحازمة إزاء مثل هذه المغامرات المستهترة .
ومن القضايا التي يعزف نشازا عليهم دعاة التحلل والتمدن الغربي هي إشكالية اختلاف المراجع في الفتاوى وتأثير ذلك في سير العمل بمواد قانوني الأحوال الشخصية والمحكمة الجعفرية العليا وآلية التعامل مع متخاصمين مختلفين في مرجعيتهم الدينية وغيرها من الإشكالات التي لا مسوغ لها لان بحث هذا الموضوع ليس من اختصاص هؤلاء المعترضين وإنما هو شأن العلماء الذي يشرفون على وضع الصيغة النهائية للقانونين .
ولدى العلماء أكثر من حل ومعالجة لهذه الإشكالية ، منها التصالح بين المتخاصمين ، أو تفويض القاضي بالحكم وفق مادة محددة من موارد الاختلاف تكون ملزمة للطرفين ،وحكم الحاكم الشرعي نافذ على الخصمين وان لم يرجعا إليه بالتقليد ، وغيرها من المعالجات التي يحددها علماء الشريعة ، لذلك لا داعي لأن يحمل المعترضين على القانونين هذا الهم .
وكأن أولئك المحتجين والمعترضين استنفذوا كل الإشكالات والاعتراضات المتاحة فلجأوا إلى حشر أنوفهم حتى في المسائل التي تتعلق بسير تلك القوانين الشرعية وآليات تطبيقها مع أنهم ضد هذا القانون جملة وتفصيلا ..
وبعد أن استنفذ المعترضون كل إشكالاتهم غير المنطقية لجأ البعض منهم إلى مقترحات تسويفية أخرى وهي المطالبة بتعديل القانون النافذ (188) وإصلاح الفقرات المخالفة وهي كلمة حق يراد بها باطل للالتفاف على مقترح قانون الأحوال الشخصية والمحكمة العليا الجعفرية وذلك لأن الشركاء السياسيين عاجزين عن التوافق على تشريع العديد من القوانين التي بقيت معطلة في المجالس الثلاثة ( الرئاسة والوزراء والنواب) وأسباب التعطيل لتلك القوانين والتشريعات المهمة هي المصالح الفئوية الشخصية نفسها التي تطرح اليوم للإشكال على مقترح السيد وزير العدل ، بالإضافة إلى ذلك فان الاتفاق على تغيير المواد المخالفة في القانون الحالي تحتاج إلى مدة طويلة وتحتاج أيضا إلى مدة أخرى للاتفاق على تعديل كل فقرة مع ما تشهده تشريعات القوانين في مجلس النواب من اعتراضات ومماطلات ومساومات سياسية .
الحل المنطقي
ولذلك كان مقترح المرجعية الرشيدة لسماحة الشيخ محمد اليعقوبي لحلحلة جميع الإشكالات ورد جميع الاعتراضات هو دعوة سن هذا القانون الشرعي ليكون بموازاة القانون الوضعي من دون إلغائه ليكون الاختيار في الرجوع إلى احد التشريعين الشرعي والوضعي متاحا للكل وأحفظ لمراد الجميع وهذا الطرح هو غاية في الديمقراطية بالنسبة لدعاة المدنية والديمقراطية ولا يمكن الاعتراض على حرية المواطن الشخصية في الاختيار بين العمل بأحد القانونين ..