بغض النظر عن النوايا والأهداف في كرمها او خبثها ، فان توافق السياسيين مع الحكومة والبنك المركزي العراقي في تغيير سعر صرف الدولار في موازنة 2021 ، يعد من اخطر القرارات المالية التي اتخذت بعد 2003 من حيث التنكر لواقع المواطن وزيادة معاناته في توفير قوته اليومي بعد أن حرم من ميزات الرفاهية بكافة الأنواع ، فتغيير سعر الصرف معروف النتائج من حيث نشر العوز والفاقة وارتفاع نسبة الفقر لنصل إلى مستويات غير مسبوقة نتنافس بها مع غيرنا من أفقر الفقراء ، وكل الحجج التي أطلقت في تبرير تغيير سعر الصرف أثبتت كذبها بشكل علني ، فمبيعات الدولار أكثر من السابق بكثير كما إن أية إجراءات لم تتخذ لمنع تهريب العملة ، والقطاع الخاص لم يشهد انتعاشا بل تراجع لأنه أصبح لا يقوى على منافسة المستورد لان كثيرا من المواد والمستلزمات تستورد بالسعر المرتفع الجديد ، كما إن حجة مواجهة عجز الموازنة قد زالت بارتفاع أسعار النفط أكثر من السعر المقرر في الموازنة والبالغ 45 دولار فالأسعار لامست 70 دولار للبرميل ، وقد سبب تغيير أسعار الصرف من 1182 دينار إلى 1450 دينار خراب لبيوت الكثير من الفقراء حتى وان زيدوا الدعم للحماية الاجتماعية ، فكما يقول المثل ( الشك كبير والركعة صغيرة ) فكل الأسعار ارتفعت بما لايقل عن 25% وضعاف النفوس وجدوا ضالتهم في إيصال الارتفاع في الأسعار إلى 40% وأكثر حتى وان كانت البضاعة في المخازن او على الرفوف ، منطلقين من مقولة إذا كانت الدولة لا ترعى مصالحكم فهل نتحول إلى جمعيات تعاونية ، والبنك المركزي العراقي الذي تعهد بالمحافظة على أسعار الصرف من دون الإضرار بالمواطن المسكين لم يستطع الإيفاء بوعوده لان سعر صرف الدولار تجاوز كل الحدود ، فبدلا من أن يكون بسعر 1470 دينار لكل دولار فانه وصل غالى 1500 في هذا اليوم ( الخميس 27 مايس ) في بغداد ، ولا أمل يرتجى من عدم ارتفاعه إلى حدود مجهولة ، فالرقابة معدومة في مكاتب وشركات الصيرفة ، والدولار شحيح رغم المبيعات العالية للبنك المركزي كل يوم ، وفي كل زيادة يتلقى المواطن مزيدا من الصفعات بزيادة أسعار السلع والخدمات ، وفي كل لحظة يتساءل المواطن هل وصل الفلتان لدرجة العجز عن المحافظة على أسعار الصرف ( 1470 دينار ) التي أهلكت الفقراء ومحدودي ومعدومي الدخل الذين يشكلون غالبية السكان ، وإذا كان البنك المركزي قد دافع بشكل شديد عن استقلاليته واختصاصه عندما طلبوا منه إعادة النظر بأسعار الصرف فلماذا يترك الدولار للطلب والعرض ومصدره ثروات الشعب من مبيعاته التي حددت أسعارها من قبل ، وقد أضافت الأسعار المنفلتة لأسعار الصرف هموما جديدة للمواطن وجعلته يطرح العديد من التساؤلات المشروعة ، وأبرزها أسباب عدم استجواب محافظ البك المركزي في ظل الفوضى التي تشهدها الأسواق فقد يكون في استجوابه فائدة في التعهد بالمحافظة على الأسعار الرسمية بما لا يتيح للبعض التلاعب بقوة الشعب ، فزيادة ( نمرة ) على سعر الصرف تزيد الأسعار أضعافا ابتداءا من الخبز وانتهاءا بالعقارات وغيرها ، ونقول لأصحاب الشام إن المبالغة في الأسعار بما يضعف قدرة الطاس في العيش بحدود الكفاف او دونها، ربما ستكون لها نتائج وخيمة من حيث زيادة الفساد والغش والجريمة والانحلال الاجتماعي ، وهي أمور قد لا تثير اهتمام بعض من يراقبون الوضع دون اتخاذ إجراءات ، فما يحصل وما سيحصل هو من تأثير ( الصدمة ) التي تنبأت بها السلطة المالية من تغيير أسعار الصرف ، وهي ليست صدمة بل تحولت إلى جروح لا يشعر بها من هو بعيد عن الشارع العراقي ومعانات الشعب .