خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن الأزمة بين “تركيا” و”اليونان” في طريقها للتفاقم، فبعدما أخفقت المفاوضات بين الطرفين، أطلق وزيرا “الدفاع” و”الطاقة” التركيان، في يوم واحد، تهديدات مباشرة ضد “اليونان”، ما يدل على تفاقم الأزمة بين البلدين، حيث قال وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”: لا جدوى من الخطابات الاستفزازية، رافضًا في الوقت نفسه ما أسماه بالحلول التي تستند على فرض الأمر الواقع.
وجاءت تصريحات الوزير التركي عقب بيانات رسمية عدة صدرت عن المسؤولين اليونانيين، الذين اتهموا “تركيا” بإتباع سياسات توسعية.
تراجع تركي عن الوساطات..
وشدد الوزير التركي على رفض بلاده تدخل “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي” في الشؤون الثنائية بين البلدين، الأمر الذي يُعد تراجعًا من قِبلها بالوساطات التي قبلت بها خلال ذروة التصعيد بين البلدين في أواخر العام الماضي.
وقال “أكار”، عن ذلك؛ إن الوساطة لن تعود بالنفع على أحد، وسوف تضر بـ”اليونان” وشعبها، وهو أمر أعتبره المراقبون اليونانيون بمثابة التهديد المباشر.
حفر مزيد من الآبار..
ولم تكتفِ “تركيا” بذلك فقط، بل أيضًا أعلن وزير الطاقة التركي، “فاتح دونميز”، عن نية بلاده حفر المزيد من الآبار في إطار تنقيبها عن الغاز في “شرق المتوسط”.
مضيفًا أن بلاده ستتوجه لفتح 8 آبار جديدة، بالقُرب من الآبار القديمة، حسب تصريحات خاصة للقنوات الرسمية.
وتُعد هذه التصريحات التركية الرسمية الأولى بشأن الاستمرار بسياساتها التقليدية، المتمثلة بالاستمرار في عمليات التنقيب دون تنسيق مع “اليونان”، بعدما كانت دول “الاتحاد الأوروبي” قد فرضت عقوبات مخففة وتحذيرية على “تركيا”، في شهر كانون أول/ديسمبر من العام الماضي، وتراجعت “تركيا” وقتئذ من ممارساتها تلك.
فشل المفاوضات بين البلدين..
ويُذكر أنه خلال الشهور الأربعة الماضية، كان البلدان قد دخلا في جولة مفاوضات مُتعددة، ناقشا مختلف الملفات العالقة بينهما، من إمكانية إعادة توحيد الجزيرة القبرصية إلى عمليات التنقيب عن الثروات في “شرق البحر المتوسط”، وصولاً إلى حقوق أبناء الطوائف المسيحية اليونانية داخل “تركيا”، والتي كانت تجري برعاية ومشاركة عدد من القوى العالمية، لكنها جميعًا لم تتوصل إلى أية نتيجة، بحسب موقع (سكاي نيوز).
وكان وزير الخارجية اليوناني قد زار “تركيا”، في أواسط شهر نيسان/أبريل الماضي، وهدد حينها بفرض عقوبات على “أنقرة”؛ إذا حاولت انتهاك سيادة “اليونان”، وهو تهديد رد عليه وزير الخارجية التركي أثناء نفس المؤتمر: “أتيت إلى هنا وتحاول اتهام تركيا، لتبعث برسالة إلى بلدك، لا يمكنني قبول ذلك”.
جزء تقليدي من آليات التصعيد التركي..
وحول التصعيد الخطابي التركي الأخير، قال الباحث التركي، “شامل أوغزو”؛ أن: “هذا جزء تقليدي من آليات التصعيد التي تمارسها حكومة الرئيس، إردوغان، بشكل دوري مع اليونان. من طرف تسعى السلطة الحاكمة لسحب العصب القومي في البلاد، ومن طرف آخر توصل رسائل واضحة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وحتى حلف الـ (ناتو)”.
مضيفًا أن إصرار “تركيا”: “على اعتبار القانون الدولي فيصلاً بين البلدين، وليس التقاسم الثنائي للخيرات الطبيعية في شرق المتوسط، كما ترغب الحكومة التركية، إنما سيكون عاملاً للتصعيد بين البلدين، وتاليًا توريط الحلفاء المشتركين في أزمة كبيرة”.
استخدام التصعيد الحذر..
وكان المراقبون ومراكز الدراسات الأوروبية قد كثفوا من أوراقهم ودراساتهم السياسية بشأن المسارات التي يُمكن للإستراتيجية التركية أن تتبعها بعد مرحلة فشل التفاوض الثنائي مع “اليونان”، وكانت قد توصلت بأغلبيتها المُطلقة إلى أن التصعيد الحذر سيكون الاحتمال الأكثر ترجيحًا.
مركز “شبكة القيادة الأوروبية”، (ELN)، نشر دراسة تفصيلية حول الموضوع، كتبها المختص في الشؤون التركية اليونانية، “كريستيان شولثايس”، شرح فيها انعدام الخيارات أما “تركيا”.
وكتب: “مطالبة تركيا بالحدود، دون الإقرار بوجود استحقاقات الجرف القاري اليوناني والقبرصي هو جوهر المسألة، لأن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وأحكام محكمة العدل الدولية، وكل ممارسات الدول في شأن ترسيم الحدود البحرية، تعترف صراحة بربط أية منطقة اقتصادية خالصة واستحقاقات الدول فيها بوجود الجرف القاري لسواحلها وجزرها”.
مضيفًا: “فيما يتعلق باستحقاقات الجرف القاري اليوناني والقبرصي، فإن الموقف القانوني لتركيا يتناقض بشكل جوهري مع قانون البحار”.
العزلة التركية مصدر قلق لـ”آثينا”..
فيما اعتبرت مجلة (فورين بوليسي)؛ أن نزوع “تركيا” تجاه التصعيد؛ يتوخى التحذير من تجاهلها في السياسات الإقليمية.
وكتبت: “أعطى انتخاب، جو بايدن، رئيسًا للولايات المتحدة، دفعة للعلاقات بين اليونان والولايات المتحدة. بعد الانتخابات، لم يتصل بايدن، بإردوغان، حتى الـ 23 من نيسان/أبريل الماضي، وعندها فقط أخبر الزعيم التركي أنه على وشك الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن. كذلك من المقرر توقيع اتفاقية تعاون عسكري ثنائي جديدة بين آثينا وواشنطن هذا الصيف”.
وأضافت أنه: “ومن المرجح أن يتم توسيع القاعدة الأميركية في “خليج سودا” بجزيرة “كريت” اليونانية نتيجة لذلك.. في الوقت نفسه، فإن العزلة التركية هي أيضًا مصدر قلق كبير لـ”آثينا”، التي تدرك أنها ستكون دائمًا أكثر راحة مع “تركيا” المعزولة في هذا الوقت”.