شهدت ساحات العراق عودة للشباب المحتج وهم حاملين هذه المرة شعار (من قتلني) في إشارة لشهداء التظاهرات التي انطلقت في تشرين من العام ٢٠١٩، والتي استمرت لسنة وأكثر، شهدتها الساحة العراقية، وما تبعتها من احداث سياسية من ضمنها إسقاط الحكومة، والمطالبة بأنتخابات مبكرة، كلها كانت مخاضات عسيرة، والكل عاد منها محمل بشريط ذكريات حزين!
الأ ان النقطة المضيئة الوحيدة، هي محاولة المجتمع الخروج من شرنقة السكون، وشروع الشباب بالأنتقال من الأغلبية الصامتة، الى الأغلبية التي أعلنت رفضها لما يجري لتسجل احتجاجها بشكل سلمي يكفله الدستور، وأن شاب تلك الاحتجاجات إخفاقات واحداث مؤسفة، الا انها سجلت ولادة لوعي جماهيري شبابي لم يشهده المجتمع من قبل، ولم تألفه العملية السياسية، وأصبح الجميع على يقين ان النظام السياسي، لم يعد صالح للاستخدام البشري!
وفقد كل مقبوليته، وعليه فهو بحاجه الى عمليه (إنعاش) وإدامة لجميع مؤسساته، وتغيير في العقلية الحاكمة والمتحكمة بشكل كلي، وهذا التغيير لا يتم الأ عن طريق واحد، وهو (أجراء الأنتخابات) شئنا أم أبينا، فمقاطعة الأنتخابات او تأجيلها ليس هو الأداة الصحيحة للضغط على الحكومة الحالية أو لتصحيح المسار، بل العكس لان مقاطعة الانتخابات يعني عدم احداث أي تغيير، وبقاء الحال على ماهو عليه، ونستمر في ذات الحلقة المغلقة.
لا نريد لساحات التظاهرات ان تكون مضرب للمثل السيئ، وسبب في جر البلاد الى المجهول والى اللانظام بل على العكس نطمح ان تكون تلك الساحات سبب للارتقاء الوعي الجمعي للجماهير، لان الشعوب لا تبنى الا بأبناءها، وعلى الشباب الذي أخذ على عاتقه زرع بذور التغيير، ان يعوا تمام ان عملية التغيير لا تتم الا عن طريق واحد (الانتخابات)، وهذا ما يفسح المجال أمام الشباب الواعي المدرك والبحث عن البرنامج الانتخابي الذي يلبي طموحه، ويحقق تطلعاته، ويصبح عين مراقبة، وضاغطة لتنفيذ البرامج الانتخابية التي نادت بها القوى المشاركة في ادارة دفة الحكومة، وهي بذلك ستكون قوة شرعية، مشاركة في الادارة، وبذلك يختفي بشكل تدريجي الضغينة بين الناس والطبقة الحاكمة وفق المثل الشعبي (تريد صاحبك دوم حاسبه كل يوم) واللبيب تكفيه الإشارة.