بسبب التناحر السياسي وغياب المشروع الوطني وفقدان الثقه بين المكونات العراقية والدينية وغياب التطبيقات القانونية وتهميش الآخر وضعف الوعي الديمقراطي وعدم تطبيق بنود حقوق الانسان بالرغم من دستوريتها وكثرة الثغرات الدستورية الواجب مراجعتها وتعديلها بما يحقق انسانية الانسان وحريته واسعاده والتمتع بثرواته برزت ظاهرة فرض النظام الفدرالي الاتحادي ( الظاهرة الهجينة ) الدخيلة التي طالب بها الاخوة الكرد لهدفين أساسيين هما :
1. الظروف الصعبة التي عانى منها الاخوة الكرد خلال المرحلة المنصرمه والانظمة المتعاقبة .
2. التطلعات الانفصالية والاحلام الممهدة لانشاء الدولة الكبرى لكردستان بأقتطاع اراضي من العراق وتركيا وسوريا وايران وغيرها .
ومن هنا نجد ان المطالبة وزج الفدرالية في الدستور العراقي له غايات مستقبلية للمكون الكردي على الصعيد الاقليمي وغايات مستقبلية اقتصادية على الصعيد الدولي تهدف الى تقسيم العراق وفق مشاريع واجندات الشرق الاوسط الكبير لتسهيل مهمة السيطرة على المجزء وفق هذا المنظور ومن خلال تفتيت العراق لثلاث اقاليم هي اقليم كردستان والاقليم السني والاقليم الشيعي من ثم التمهيد لانفصال هذه الاقاليم لتشكيل دويلات صغيرة أي تجزئة المجزء .
ان المعطيات الكفيلة بتحقيق هذه الاهداف بدأت ملامحها تنضج وادواتها تكتمل في مطابخ ودهاليز السياسة العالمية على نار هادئة بالرغم من هامش التضحيات التي تتحملها المنطقة وشعوبها تحت غطاء الربيع العربي من جهة ومحاربة الارهاب والعنف من جهة اخرى وبوسائل ظاهرها حضاري وباطنها تحقيق الهيمنة الاقتصادية المتمثلة ( بالمواد الاولية من الثروات والايدي العامله واسواق الانتاج والاستهلاك ) متخذين من الشعارات الديمقراطية والتحرر والشرعية الدولية محطات انطلاق متقدمة للوصول بأقصر الطرق للاهداف المرسومة .
من جانب آخر كان ولايزال للتهميش والاقصاء دور كبير قي اذكاء وتنمية روح الانفصال والتخلص من النهج الدكتاتوري الذي تتهم به الحكومة التي بدأ الفساد ينخر في جسدها بسبب غياب المهنية والشفافية في بناء دولة المؤسسات بالرغم من مرور اكثر من عشر سنوات على التغيير وانتصار الارادة الشخصية ومصالحها على الارادة الوطنية ومصلحة المجموع بسبب التناحر والخلاف السياسي بين الكتل عرقياً وطائفياً الذي انعكس بشكل مباشر على تشريع القوانين الرصينة المنظمة لحياة المجتمع ورفاهية الفرد بالرغم من الموازنات المالية الانفجارية المبعثرة على الجانب التشغيلي على حساب الاستثماري الذي ينعش البلاد ويحقق الطفرات النوعية في التقدم والتطور والعمران كل هذا افرز تطلعات الانفصال والتقسيم والتفتيت مستثمرين ما ورد في الدستور كغطاء للمطالبة بتجزئة الموحد على الاساس العرقي من جهة والمذهبي من جهة اخرى وهكذا تعالت الصيحات هنا وهناك بالمطالبة بأنشاء الاقاليم في الوسط والجنوب الامر الذي جعل المتنفذين في الحكومة الاتحادية وعلى ضوء ما يحصل من تمرد في اقليم كردستان بعدم الامتثال للحكومة الاتحادية والتصرف وكأنهم دولة مستقلة في العلاقات الدولية وممثلي الاقليم في السفارات وعقد الصفقات التجارية وتوقيع العقود والتصدير والمنافذ الحدودية وتنظيم الدخول الى الاقليم ولمدة معينة للعراقيين غير الساكنين في الاقليم وكأنما يمنحون فيزا دخول لدولة أجنبية هذا التمرد حدا بالقيادة الاتحادية بالوقوف ضد فكرة الاقاليم الاخرى بأعتبار ان اقليم كردستان حالة مفروضه وواقع حال أما البقية فتعني الخروج عن الطاعة المركزية … من هنا بدات فكرة ضرورة احياء مراجعة الدستور وتعديله وتأخر ذلك بسبب ضعف التوافق السياسي على الثوابت الوطنية وكذلك العمل على سن القوانين والتشريعات بما يتلائم ومصالح السياسين والاحزاب وليس على اساس المصلحة الوطنية والمطالب الجماهيرية .
كما ان هناك موضوع آخر ونقطة جوهرية يركز عليها الاخوة الكرد وبعض المتطلعين للانفصال بالمطالبة بترسيم الحدود الادارية للمحافظات والعودة بها الى ما قبل عام 1968 هذا يعني ان دهوك تعود للموصل وتكريت وسامراء تعود الى بغداد والسماوة الى الديوانية والنجف الى كربلاء وغيرها من الوحدات الادارية الصغيرة اتسائل هنا مادمنا ضمن الرقعه الجغرافية للعراق الواحد الموحد ما هي الغاية من طرح مثل هذه الامور الآن , اليس الغرض منها اهداف واجندات الانفصال المستقبلي والتفتيت والتقسيم والا لماذا نطالب بسن القوانين وتشريعها سلة واحدة على اساس التوافقات لكي امرر لك القانون الذي يناسبك وتمرر لي القانون الذي يناسبني على حساب حياة المواطن .
كما بودي ان اشير الى نقطة حساسة ومهمة جداً ان النواب في البرلمان هم ممثلين لكتلهم واحزابهم وليسوا ممثلين للشعب لانهم لن ولم يطالبوا يوماً بحل مشاكل المجتمع بقدر ما يتناحرون على الخلافات ويفتعلون الازمات ويمتثلون لرأي وقرار رؤوساء كتلهم فقط … متى نقول فلان عضو مجلس النواب فقط وليس النائب عن الكتلة الفلانية وبهذا لا نحتاج الى التقسيم العرقي والمذهبي ويذهب الجميع للمصلحة الوطنية بلا فدرالية أو اتحادية وانما عراق موحد مستقر آمن يرفل بخيراته من الجنوب الى الشمال ومن الشرق الى الغرب .