18 نوفمبر، 2024 5:45 ص
Search
Close this search box.

وطن….الحزب الواحد

وطن….الحزب الواحد

في نهاية كل عام دراسي ، اعتادت مديرة المدرسة ( البعثية ) على استقبال آباء وامهات يغلفون ملامحهم بابتسامات متملقة ويحملون الهدايا والمبالغ النقدية للمدرسات لتسهيل خطوات ابنائهم الذين يواجهون معركة الامتحانات باسلحة قليلة اومعدومة الفعالية غالبا ..وكانت تستقبل الحاملين للدرجات الحزبية المتقدمة او الرتب العسكرية العالية بكثير من الحفاوة والترحاب وتشرف بنفسها على عملية تغيير درجات ابنائهم او تعديلها لمساعدتهم على دخول الامتحان الوزاري ..
بعد ( التغيير) ، تصور البعض ان زمن ” الواسطات ” الخصوصية والهدايا والرشاوى قد ولى لكن ماحدث ويحدث حاليا ادهى وأمر فهناك مدراء مدارس صاروا يستقبلون اعضاء احزاب منذ بداية العام الدراسي ليسبقوا البلاء قبل وقوعه ويمهدوا الطرق لنجاح ابنائهم قبل احتمال رسوبهم ، وهنا يضطر المدير او المديرة الى الاشراف على تعديل درجات الطلبة بأنفسهم ، فمن كان ينتمي الى حزب البعث في السابق وتلقنه الاجتماعات الحزبية ان الحزب هو الحارس الابدي للضعيف ليحتمي به اكتشف بعد سقوطه ان الحزب يتخلى عن ضعفائه في المواقف الحرجة ، ورغم ذلك مازال البعض ينحنون امام اية عاصفة حزبية تهب على وجوههم خوفا من بطش الاحزاب او تملقا لها ..
بالمقابل ، يرفض العديد من العراقيين الانتماء الى الاحزاب السياسية التي تعددت وتنوعت ملامحها واهدافها وفق استطلاع اجرته هيئة اكاديمية عراقية مستقلة قبل فترة على عينة ضمت اكثر من الف مواطن عراقي اذ تبين ان 75% منهم يرفضون الانتماء الى الاحزاب او العمل من خلالها بينما توزعت اسباب قبول انتماء بعضهم بين البحث عن وظيفة او لتعصب عشائري او طائفي ، وارجع 85 % من المواطنين العراقيين اسباب رفضهم الانتماء الى الاحزاب السياسية الى جهلهم لهذه الاحزاب او شكوكهم بأهدافها الحقيقية والسبب الحقيقي دون شك هو التجربة المريرة التي عاشها الشعب العراقي في الصراعات الحزبية للسنوات الفائتة ثم محاولة فرض وصاية الحزب الواحد على بقية الاحزاب رغم تعددها وتنوعها وفرض قائد واحد لابديل له رغم شمس ( الديمقراطية ) التي اشرقت على العراق لكنها لم تمنح العراقيين الدفء والامان حتى الآن لشدة مايلبد سماؤها من غيوم الانانية والتعصب والنوايا السيئة …
الانتخابات تقترب والخلافات تزعزع ثقة المواطن بالاحتماء تحت لواء أي حزب او شخصية سياسية…المواطن يتوقع الفشل ويتوقع اكثر غياب شمس الديمقراطية تماما عن هذه الانتخابات واجراؤها في كسوف تام لأن الكسوف يعني الظلام وتحت جنح الظلام ستتم الصفقات المشبوهة والتزوير وشراءالذمم وبعد ان تنتهي دوامة الانتخابات سنصحو على فترة حكم جديدة لمن سيتمكن من اخفاء شمس الديمقراطية اكثر من غيره فمن سيطبقها كما هي لن يجني اصواتا تذكر وسترجح الكفة لمن يعيد للدكتاتورية والحزب الواحد مجدهما التليد ف( الديمقراطية لاتليق بالعراقيين بل يحتاجون الى حاكم قوي يكمم جميع الافواه ويصرخ وحده ليرعب الآخرين بزئيره ) كما يرى بعض الذين يترحمون على زمن الدكتاتورية باعتباره افضل من هذا الزمن ( الديمقراطي ) ..
ليس هناك اجمل من الديمقراطية لو وجدت من يطبقها بانصاف وحب للوطن والشعب اما الذين حملوا لواءها بعد التغيير ثم كشفوا عن وجوههم ونواياهم الحقيقية في التكالب على السلطة لنيل مكاسب شخصية لهم ولاحزابهم فقط فسيحصلون على السلطة باساليبهم الخاصة لكنهم لن يكسبوا حب الناس او احترامهم ابدا ..

أحدث المقالات