12 يناير، 2025 10:16 م

زينب فرحات.. تألقت في الصحافة والمسرح وفي الدفاع عن حقوق المرأة

زينب فرحات.. تألقت في الصحافة والمسرح وفي الدفاع عن حقوق المرأة

 

خاص: إعداد- سماح عادل

” زينب فرحات” كاتبة تونسية، نسوية ومن المدافعات عن حقوق المرأة، عملت في مجال مساعدة الناس، وفي مجال المسرح، كان والدها المناضل “الصحبي فرحات” معلم ومدير مدرسة، درست في مدرسة باب الخضراء، ثم مدرسة باب سويقة وحي الزهور لتنتقل إلى معهد نهج الباشا لمتابعة دراستها الثانوية ثم تواصلت الدراسة الجامعية في مونفلوري في معهد الصحافة وعلوم الإخبار.

يعد “التياترو” بتونس من أهم المؤسسات الخاصة التي قدمت الكثير لمجال المسرح في تونس، وهو مقصد للشباب المبدعين من المسرحيين، حيث يوجد حاليا 300 تلميذ يتلقون تدريبا ب”التياترو” الذي تديره “زينب فرحات” منذ سنوات، والتي استطاعت أن تقدّم للمسرح التونسي خيرة الأسماء.

ابنة مناضل..

في حوار معها أجرته “مفيدة خليل” لصحيفة المغرب تقول “زينب فرحات” عن طفولتها: “أجمل شعور أن تكوني ابنة معلم ومدير مدرسة، إحساس يرشح حبا، الوالد كان مدرس اللغة العربية و التاريخ الإسلامي لذلك تربيت وسط المعرفة والكتب ومن هناك صقلت شخصية زينب المحبة للكتب، فإن تنمو وسط مدرسة ومكتبة حبلى بأمهات الكتب ستنمو بشخصية متوازنة وقوية وحتما لن تكون رجعي.

والدي كان يؤمن أن لبورقيبة مشروع مجتمعي وأتذكر أنه دائم القول دور الفلاقة انتهى وحان دور بورقيبة لتنفيذ مشروعه الاجتماعي، لكن الوالد اتهم ظلما في أحداث1962 وسجن في غار الملح في ظروف غير إنسانية، وتوفي الرجل الذي كان من مؤسسي الاتحاد العام للشغل ومعلم جاب ربوع الوطن ليزرع في عقول أبناء الوطن حب العلم، توفي في ظروف قاسية في السجن.

بعد وفاة الوالد الصحبي فرحات تولت الأم الدور ربما ستضحكين لو أخبرتك أن والدي تزوج ثلاث مرات، وحين توفي تولت أمي الكبيرة (أمي قمر) دور الأب وأمي البيولوجية حافظت على دور الام، المرأتان اتحدتا لتحافظا على العائلة وتمنع كل تدخل ذكوري في بناتهما، نشأت في عائلة تديرها امرأتان منهما أيضا تعلمت معنى القوة والصرامة”.

وعن أهمية النساء في حياتها تقول “زينب فرحات”:  “أن هناك خمس نساء أثرن في شخصيتي أمي الكبيرة وأمي البيولوجية وأختي سعاد ابنة مدرسة ترشيح المعلمين، واستحضر جيدا أنها عام 1957 سافرت لمدة شهر إلى أمريكا للتعريف بمجلة الأحوال الشخصية، اليوم في وقتنا الراهن يرفض بعض الأزواج سفر زوجاتهم بمفردهن، وأختي صفية فرحات وهي من مؤسسات جمعية النساء الديمقراطيات وامرأة عظيمة جدا اسمها فتحية حرزلي، جميعهن أثرن في. وفي بيتنا تربينا تربية كلاسيكية أي أننا تعلمنا الطبخ وكل أشغال المنزل في الوقت ذاته كان التعليم مقدسا وحريتنا كاملة”.

تدني أوضاع المرأة..

وعن تغير أحوال النساء في الوقت الحاضر تقول: “أخواتي في الأربعينات متعلمات، من أدرن المنزل نساء، فكيف لا أكون نسوية ولا أدافع عن المرأة وحقوقها، هل يعقل أننا في العام 2020 ومازالت هناك نساء تعانين من العنف الأسري وهنّ خريجات الجامعة وصاحبات مكانة علمية مرموقة؟. يستنكرون المساواة في الميراث، وأتذكر جيدا أن في الأربعينات هناك آباء قاموا بالمساواة في الميراث بين الأنثى والذكر فهل يعقل أن ترفض المساواة اليوم ويكفّر من يطرحها؟”.

وعن التجربة الصحفية تحكي: “من أجمل التجارب التي خضتها، عشرة أعوام من العمل والنضال وتطبيق ما درسته كان ممتع ومتعب، درسنا في معهد الصحافة وفي المعهد كانوا يقدمون لنا التقنيات لكنهم يقولون لنا يجب أن تناضلوا لتتحصلوا على صفة صحفي، فليس المعهد من يقدم هذه الصفة ولا يعطيك المشغّل الصفة المهنية، وقد انطلقت التجربة من جريدة le temps التونسية قبل مباشر العمل كمراسلة صحفية لوكالة الأنباء للمكتب الجهوي لوكالة nbc مكتب تونس من 1985 إلى 1995، عشرة أعوام علمتني الكثير”.

زنوبيا..

وتقول “زينب فرحات” عن “زنوبيا”: “هي الأحب إلى قلبي، ابنتي المدللة، فضاء أشعر أنه قطعة من الروح، زنوبيا ليست مجرد جمعية بل وفكرة وقّادة تشع حبا وأملا وحرية، «زنوبيا»، اسم الجمعية مشتق عن «زنوبيا» ملكة تدمر، تلك «زنوبيا» الملكة القوية والشامخة من حكمتها سمينا دار النشر، عام 1986 قدمنا مسرحية «إسماعيل باشا» في مهرجان المسرح الدولي بدمشق وكنت مسئولة عن الإعلام باسم «السينيمار» وطلبت من الفرقة أن تزور تدمر، أربع ساعات بالحافلة الفريق غضب أول الأمر لكن بمجرد الوصول إلى تدمر أمضينا يوما من أجمل الأيام وزرنا مملكة تدمر، هناك شعرت بعلاقة حب غريبة تجمعني بالمكان والمملكة، هناك عرفت أن «زنوبيا» كانت نصيرة الكرامة ويومها قررت تسمية جمعية باسم «زنوبيا»، لكن قبل الثورة لم استطع الحصول على ترخيص وفي 2014 ولدت الجمعية زنوبيا نصيرة للفكر والثقافة”.

“زنوبيا” جمعية ثقافية وفكرية، أول انجازاتها كان «كريطة الرسكلة الإبداعية» وهي عربة مجرورة من الموروث التونسي، الكريطة موجهة لتلاميذ المدارس الابتدائية في منطقة السفسافية من ريف الشرف في نابل، واخترنا الكريطة لصعوبة وصول السيارات إلى الأرياف العميقة، الكريطة أنجزناها بعد أن صدمت بتقرير وزارة التربية القائل أن هناك100الف تلميذ ينقطعون عن الدراسة سنويا والسبب البعد عن المدرسة، فكرة «الكريطة» وتحويلها لتصبح وسيلة نقل كان بدعم الصديقين انشراح حبابو وأديب صمود، وبالإضافة «للكريطة» هيئنا المكتبة في مدرسة الشرف وتلك كانت أولى تدخلات زنوبيا.

بعد «الكريطة» وإنقاذ التلاميذ من البطالة، كانت تجربة النشر وأول كتاب «ابن ادم» لأنيس شوشان، وكتاب «بنات السياسة: شهادات مناضلات السبعينات» بالإضافة إلى سلسلة «معرفة- معرفة: مظاهر التدين في تونس» وقدم المحاضرات مجموعة من الدكاترة التونسيين على غرار عبد المجيد الشرفي «الإسلام في تونس» والأب “جون فونتان” عن المسيحية في تونس و الدكتور فوزي البدوي قدم اليهودية في تونس، بالإضافة إلى الأباضية والتشيّع والبهائية وكل المحاضرات ترجمت إلى الانجليزية والفرنسية وستصدر في كتاب، كما تمّ تسجيلها لتنزيلها على اليوتيوب لتثقيف الشباب خاصة الجيل الثاني في الدول الأوروبية الذين يسيطر على أدمغتهم أئمة لا يقرؤون.

و«زنوبيا» نصيرة الحرية كان لها شرف انجاز أول مسرحية في العالم العربي تتحدث عن المثلية الجنسية والجندرية وقد ترجم النص إلى الفرنسية والانجليزية وسينشر أيضا.

مشروع آخر لزنوبيا هو مسرح دمى متحركة حول les fables de la fontaine التي ترجمت إلى الدارجة التونسية ترجمها لطفي ثابت ستكون هناك ورشات مع الأطفال والشباب نجمّع كل ما هو في الشارع، من ناحية تعلمهم الحفاظ على الشارع وترسيخ فعل مواطني ثم مما جمع نصنع الماريونات، المادة الأولى موجودة في الشارع”.

التياترو..

في حوار آخر معها أجرته “عزه غريبة” في موقع “حوار فرانس 24” تقول “زينب فرحات” عن التياترو بتونس: “فضاء التياترو بتونس فضاء مسرحي للتكوين، وهو الفضاء الوحيد في العالم العربي المستقل. تأسس سنة 1987 من طرف الفنان توفيق الجبالي، يضم ثلاث قاعات للتكوين ورواقا خاصا وتياترو أستوديو مخصصا للتكوين. ويتبع خطا فلسفيا وفنا خاصا، كما أنه فضاء مواطنة وفضاء.  احتضن التياترو على مدار 30 سنة كل التجارب اليتيمة في تونس، كالرقص المعاصر ونوادي السينما، وفي نفس الوقت هو فضاء للاستقلال، فكل التجارب المسرحية مرت ولا تزال تمر عبر التياترو، والفضاء مفتوح على تجارب عديدة واقتراحات فنية.

وهناك العديد من الفنانين تخرجوا من التياترو كالفنان المعروف عاطف بلحسين، الذي قدّم عدة أعمال مع توفيق الجبالي، ليقدم أول تجربة مسرحية له إلى جانب الفنانة خولة الهادف. كما لا يهتم التياترو بالجانب التجاري؛ لأننا نعتقد أن هدفنا التكوين قبل كل شيء، ثم يأتي الجانب التقني، فما يهمنا هو الإبداع وتقديم الأعمال الخارجة عن المألوف، وهو ما يبني المسيرة الفنية للفنان”.

وعن ما قدمه التياترو بعد ثورة تونس توضح: “نحن كمسرح مستقل قدّمنا منذ «الثورة» ثلاث مسرحيات مهمة، أولها «صفر فاصل»، وهو ما كنا نُنعت به من طرف الإسلاميين بتونس سنة 2011، وتدور أحداثها بداخل مشرحة، وهناك يحدث تزوير في الانتخابات الرئيسة. وفي هذا السياق عرضنا هذه المسرحية أكثر من 150 مرة في ربوع الجمهورية، ثم  قدّمنا مسرحية «التابعة» التي تعني في المخيال التونسي النحس أو الشيء غير المحبوب. وتتحدث المسرحية عن المجتمع الذي يعمل المستحيل لإنقاذ نفسه من قوى الردة. كما تبرز دور الفنان المبدع، وكيف يمكنه كسر هذه التابعة والعودة إلى القيم الأولى: «شغل، حرية، كرامة، وطنية» والتي قامت عليها الثورة التونسية”.

وعن مستقبل المسرح العربي تقول: “كل تلاق للفنانين والمسرحيين العرب جيد، ونحن في العالم العربي لا يوجد عندنا الكثير من اللقاءات المسرحية عدا لقاء مهرجان قرطاج المسرحي والمسرح التجريبي بالقاهرة. كما فقدنا الأيام المسرحية بالأردن التي أسسها الفنان نادر عمران، وهو مهرجان الفرق المستقلة المسرحية. ونسعى حاليا لإعادة هذا المهرجان. مثل هذه اللقاءات مهمة لأنها تكشف عن المواهب”.

وفاتها..

توفت “زينب فرحات” 19 مايو- أيار 2021.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة