وكالات – كتابات :
أفاد تقرير نشره معهد “المجلس الأطلسي” اللأميركي، اليوم الأربعاء، بإنشاء “إيران” ما وصفه: بـ”إمبراطورية أمنية”، على الحدود “العراقية-السورية”، مشيرًا إلى تحقيق حلم “طهران”، منذ إنشاء “الجمهورية الإسلامية”، العام 1979.
وذكر معهد “المجلس الأطلسي”، في تقريره؛ أن “إيران” تُقيم: “إمبراطورية أمنية”، لها في “دير الزور”، في الشرق السوري على الحدود مع “العراق”، مبينًا أنها: “تخوض مواجهات مباشرة مع مسلحي تنظيم (داعش)، في تلك المنطقة، منذ العام 2018″، متسائلاً في ذات الوقت؛ عما إذا كان الإيرانيون سيتمكنون من: “الإحتفاظ بسيطرتهم هذه، في حال تبدل موقف روسيا”.
السيطرة على الحدود السورية..
وأشار الموقع الأميركي؛ إلى: “الوضع الأمني الهش في العراق”، الذي تحده “دير الزور”، من الغرب، وإلى أن: “الإيرانيين أعلنوا، منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، العام 2011، انهم سيدعمون إستراتيجيًا، الرئيس بشار الأسد، من دون تدخل عسكري مباشر، لكنهم بدأوا بالتدخل مباشرة ما بين عامي: 2013 و2018، لمنع سقوط النظام”.
ومن خلال تدخلها، (إيران)، في الشرق السوري؛ والإنخراط في المعركة مباشرة ضد تنظيم (داعش)، فإن “إيران”، وبحسب التقرير: “أصبحت قادرة على مواصلة تنفيذ مشروعها التوسعي على الجبهات الشرقية في سوريا، خاصة في دير الزور”.
وأوضح تقرير المعهد؛ أن: “مشاركة إيران في المعارك ضد تنظيم (داعش)، ساعدها على تعزيز سلطاتها العسكرية على مناطق عديدة، أولاً في مدينة، البوكمال، على الحدود مع العراق، والتي تربط إيران بالبحر المتوسط، من خلال الأراضي العراقية والسورية واللبنانية، وثانيًا على الطرقات الرئيسة التي تربط دير الزور، بمحافظتي حمص والرقة، وثالثًا في المدن والقرى المهمة في المحافظة، بما في ذلك دير الزور، ولو بشكل حذر بسبب الوجود الروسي هناك، منذ العام 2018”.
تحقيق حلم قديم !
وبرأي المعهد الأميركي، فإن الهدف الأهم، الذي حققه الإيرانيون في “دير الزور”، هو سيطرتهم على “البوكمال”، ومعبرها الحدودي مع “العراق”، والذي مكن “إيران” من تحقيق حلمها منذ إنشاء “الجمهورية الإسلامية”، العام 1979، وهو فتح ممر بري من “البحر المتوسط ولبنان” عبر “سوريا والعراق”.
وتابع؛ أنه ولسنوات، كان هذا محط الأهتمام الإقليمي الأكبر، حيث تخشى، دولاً عربية و”إسرائيل”، أن تتمكن “إيران” من إحكام قبضتها على الطرقات البرية الممتدة من “العراق” إلى “البحر المتوسط”، والسيطرة بالتالي على طرقات النقل.
واعتبر إنه بعد التركيز على النفوذ الأمني والعسكري في أنحاء “دير الزور”، فإن “إيران” بدأت التفكير في تعزيز قوتها خارج هذين المجالين، من خلال إجتذاب المجتمع المنهك من سيطرة (داعش)؛ والحرب التي دمرت غالبية اقتصاد المحافظة وبناها التحتية ومؤسساتها الاجتماعية.
وأشار إلى أن “إيران” تستخدم أسلوب تقديم الخدمات للمجتمع، خاصة في مجال الاستثمار الاقتصادي في المحافظة.
أذرع إيرانية مهدت للسيطرة والتوسع..
وذكّر التقرير بسيطرة الإيرانيين على “البوكمال”، في حزيران/يونيو 2018، بعد معركة استغرقت شهورًا، بدعم من القوات السورية و(حزب الله) اللبناني، وبدعم من داخل الحدود العراقية، من جانب (الحشد الشعبي)، وقوات من (حرس الثورة) الإيراني.
كما شاركت في المعركة من خلال طريق (الميادين-البوكمال)، وبحسب التقرير: عبر “ميليشيات شيعية باكستانية وأفغانية إلى جانب قوات الدفاع الوطني السورية”.
وحدد التقرير القوات الموجودة، في “دير الزور” وحولها؛ كالتالي: مسلحون لـ (الحرس الثوري) ومستشارون عسكريون، وفصائل من (الحشد الشعبي) العراقي، خاصة (كتائب حزب الله) ومنظمة (بدر) و(النجباء)، بالإضافة إلى (حزب الله) اللبناني، الذي يقوم بالتركيز على تجنيد وتدريب القوات المحلية تحت عنوان: “المقاومة الإسلامية”.
وهناك أيضًا، يقول التقرير: (لواء فاطميون) الأفغاني و(لواء زينبيون) الباكستاني. وكذلك هناك قوات الدفاع المحلية التي تضم مجندين من “حلب” و”دير الزور” و”الرقة”، وهي تعتبر جزء من الجيش السوري، ولديها أكثر من 50 ألف مسلح، وأهمها: (لواء الباقر) و(قوات 313)؛ والمقاومة الإسلامية و(جيش المهدي) و(لواء الإمام المهدي).
روسيا تُعيد الأخطاء نفسها..
وبعدما أشار التقرير إلى إلتقاء مصالح “إيران” و”روسيا”، خلال مراحل الصراع السورية؛ على أكثر من جبهة، رأى أنه خلال السنوات الماضية، بدأت مصالحهما تتعارض ويجري تنافس بين البلدين، برغم أنه لا يظهر على السطح، لكنه يتزايد تدريجيًا.
واعتبر التقرير؛ أنه خلال السنوات الماضية، كررت “روسيا”: “الأخطاء نفسها” بالتعامل مع الانتشار العسكري الإيراني في “سوريا”، موضحًا أن “روسيا” سمحت للميليشيات المدعومة من الإيرانيين بالتحرك بحرية، وملء الفراغات التي نتجت عن الاتفاقات التي أبرمتها “موسكو” مع المعارضة السورية، والتي قضت بخروج مسلحي المعارضة من مناطق معينة.
وخلص إلى أن “روسيا” فشلت في تجنب الخطأ، نفسه في “دير الزور”، وسمحت لـ (الحرس الثوري) بتوسيع قوته في المحافظة، إلا أنه، في العام 2020، بدأت “روسيا” بمحاولات لفرض قوتها العسكرية في “دير الزور”، حتى ولو بقدرة محدودة، وذلك رغبة منها في الإحتفاظ بنوع من الرقابة على التمدد الإيراني في المنطقة لمواجهة خلايا (داعش).
وأشار إلى أن التغيير في الإستراتيجية الروسية؛ بدأ يتشكل، في كانون أول/ديسمبر 2020، الذي شهد انتشار قوات روسية ووحدات من (اللواء الخامس) في الجيش السوري، المدعوم روسيًا، في عدة مدن في “دير الزور”.
وشكّل، وصول القوات الروسية، إلى الحدود مع “العراق”؛ الخطوة الأولى من نوعها، منذ سنوات، ويُشكل تهديدًا للمعقل الإيراني الأهم في الشرق السوري.
وتابع أن: “الانتشار الروسي، في دير الزور، أثار استياء القادة المحليين للميليشيات المدعومة من إيران، وهؤلاء القادة يتمتعون بتأييد شعبي قوي في مناطقهم، وهو ما دفع روسيا إلى إبرام اتفاق مع إيران يقلص مناطق تواجد القوات الروسية”.
وبينما أكدت “موسكو” أن دافعها لتحركاتها العسكرية الأخيرة في “دير الزور”: “محاربة خلايا (داعش)، وليس الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة”، فإن “طهران” لم تعارض التحركات الروسية، بل أن (الحرس الثوري) قدم دعمًا لوجستيًا للقوات الروسية، وفي المقابل فإن “إيران” تأمل أن يؤدي الانتشار العسكري الروسي في الحد من الغارات التي تنفذها طائرات (الدرونز) الأميركية على مناطق نفوذ الإيرانيين في “دير الزور”.
تغير إستراتيجية إدارة “واشنطن” الجديدة..
ويُشير الموقع الأميركي، إلى أنه، مع بداية العام 2021، فإن تطلعات “إيران” لاستغلال الوجود العسكري الروسي بالقرب من مناطق نفوذها كدرع يقيها هجمات القوات الأميركية، فشلت، حيث شهد هذا العام أعنف الضربات الجوية على مواقع إيرانية، في “دير الزور”، وهو ما يعكس طبيعة سياسة الإدارة الأميركية الجديدة إزاء التواجد الإيراني في “سوريا”، وتحديدًا في “دير الزور”.
ورأى المعهد الأميركي أن التواجد العسكري الروسي تحول من: “مصلحة مشتركة”؛ إلى: “تهديد مباشر”، لأنه لم يوفر الحماية للإيرانيين من الهجمات الأميركية.
وأضاف أن المؤشر على مدى تبدل الموقف الإيراني، من الروس، هو التخفيض الملحوظ في الدعم العسكري من الميليشيات لقوات (اللواء الخامس) و(لواء القدس) الفلسطيني، في معاركهم مع (داعش).
وختم التقرير بالقول، إنه بسبب عدم وجود اهتمام دولي بالمناطق التي يُسيطر عليها النظام السوري في “دير الزور”، وغياب الرقابة الدولية لخطط (الحرس الثوري) الإيراني في المنطقة، فقد تمكنت “إيران” من إقامة: “إمبراطورية عسكرية وأمنية في شرق سوريا”. وأضاف أن السؤال هو: “إلى أي مدى ستتمكن إيران من الحفاظ على نفوذها العسكري، في دير الزور، إذا أصبحت روسيا أقل تسامحًا مع تدخل إيران ؟”.