” وردَ في العنوان مفردة – الصهاينة – بدلاً من الإسرائيليين او اليهود , ولعلّ الأسطر ادناه تكشف ابعاد ذلك لذوي الإهتمام في استقراء الأبعاد ” …
< 1 > : لا يختلف اثنان ” بما فيهم اليهود ” انّ قطّاع غزة هو منطقة فلسطينية بحتة , وقد احتلت اسرائيل القطاع مع صحراء سيناء في حرب 1967 حيث كان تابعاً او خاضعاً للسيادة المصرية آنذاك , لكن مع انسحاب اسرائيل ” على مراحل ” من سيناء بعد اتفاقية السلام مع مصر , بقي القطّاع تحت الأحتلال والسيطرة الأسرائيلية , ولم تطالب مصر بأعادته … بعد اتفاقية ” اوسلو ” في تسعينيات القرن الماضي , منحت اسرائيل الحكم الذاتي للفسطينيين في ” غزّة و اريحا ” , لكنّ القطاع ظلّ تحت الهيمنة الأسرائيلية والتحكّم بمقدراته .
لأكثر من سببٍ , ومنذ حرب 1967 بقيت غزّة منطقة مضغوطة وتحت الأحتقان الأجتماعي والسياسي , وكانت رياح التطرّف الديني تعصف بأجواء الغزّيين بشكلٍ او بآخر , وهذا ما كان عاملاُ مساعدا لتسيطر حركتي حماس والجهاد الأسلامي على عموم القطّاع ” وخارج اطار ما يسمى بالسلطة الفلسطينية .
دونما إبحارٍ في امواج التأريخ الحديث لهذه المنطقة , فإنّ اسرائيل الآن تدفع هذا الثمن الصاروخي الباهظ ! , ولو اعادت غزة الى السيادة المصرية اثناء الأنسحاب من سيناء , لوفّرت على نفسها ما تشهده الآن من الأضطرابات الداخلية والعسكرية .
< 2 > : تسود المجتمع الإسرائيلي حالياً موجةٌ عارمة من الإستياء الحادّ تجاه كلّ الحكومات الأسرائيلية منذ عام 1948 , وادركت شرائح كبيرة من الجمهور والمثقفين الأسرائيليين مدى غلطة ” الدولة العربية ” واحتلال وإذلال الفلسطينيين طوال هذه العقود والعهود من السنين < وفي الواقع وبقدر ادراك هذه الحقيقة المرّة , فأنها ظاهرة غير وطنية لم تشهدها الدول والشعوب اثناء فترة الحروب التي تتطلب التماسك الوطني الداخلي فوق كل الأعتبارات > , وما يؤكّد ويجسّد هذا الواقع الجديد في اسرائيل , هو ما ينتشر كالنار في الهشيم مما تعرضه السوشيال ميديا من فيديوهات وافلامٍ حيّة عن مديات وأبعاد الضيق والإنزعاج المجتمعي الأسرائيلي والذي وصل الى بعض الوحدات العسكرية , وللأسف ” وكما اشرنا في اليومين السابقين الى عدم عرض غالبية هذه الصور والفيديوهات التوثيقية في فيما يسمى بالإعلام العربي او بشكلٍ خاصّ في قنوات ” الجزيرة , العربية , والعربية الحدث ” … الى ذلك فهذا الأحتقان الشعبي داخل اسرائيل واحتمالات توسّعه قد يدفع حكومة نتنياهو الى اتخاذ موقفٍ ما ” ولو تكتيكياً ” او كأقراصٍ سياسيةٍ مسكّنة او مهدّئة , لإعادة تنظيم اوراقه العسكرية في المعركة مع الفصائل المسلحة في غزّة .
< 3 > : ما أنْ تنتهي المعركة بالشكل المبهم الذي ستنتهي به او اليه , فستشهد المنطقة فصلاً سياسياً جديداً من التحقيقات والأتهامات وربما الإعتقالات حول موضوعة الصواريخ الفلسطينية وكيفية وصولها ومَن الجهة التي تقف وراءها من كلتا الناحيتين التمويلية واللوجستية , والبحث عن العناصر المجهولة او المتواطئة التي ساعدت على وصولها عبر كلّ مساحة مصر وسيناء الشاسعة وصولا الى القطّاع ” وكأنها عملية مخابراتية تشترك في عناصرها عدة جنسيات ” , وهذا موضوعٌ طويل ومعقّد ويشمل اطرافاً اقليميةً اخرى لا تنقصها المشاكل والضغوط .!
ما سيعقب المعركة قد يغدو هدوئاً نسبياُ يسبق العاصفة التي ستظهر طلائعها ! في السياسةِ والإعلام اولاً , وثٌمّ ما سيترتّب عليها .!