22 نوفمبر، 2024 8:24 م
Search
Close this search box.

الإستعمار الفكري

الإستعمار لا ينجح إلا إذا وجد البيئة المناسبة للسيطرة علي العقول ويكاد المؤرخون يؤكدون أن أسوأ أنواع الاستعمار هو الاستعمار الفكري فأنت تستطيع أن تتحكم فيمن تسيطر علي عقولهم وتحولهم الي أداة طيعة تنفذ لك رغباتك وتحقق تطلعاتك.

امة العرب استطاعت أن تنشر ثقافتها غربا وشرقا عندما استولت علي عقول الناس واقنعتهم ان الحضارة العربية بها الخير لهم لذلك وجدت ترحيبا شديدا من كل الدول التي وصلت إليها ولم تجد مقاومة شديدة من اهل الديار التي توجهوا إليها وهذا ما تؤكده كل أقوال المؤرخين.

بيد أن الوضع عندما تغير وتراجع الفكر العربي واصبح مجرد مستقبل لحضارة وفكر الآخرين صار من اليسير السيطرة علي العرب عن طريق مدخلات الحضارة الحديثة التي حولت شبابنا الي اسري لكل ما هو غريب عليهم.

نجد أن أطفالنا وشبابنا يقضون معظم أوقاتهم في ممارسة العاب الكترونية تكرس البلاهة في عقولهم وتزرع فيهم قيما جديدة مخالفة لعاداتنا وتقاليدنا وتحفز بداخلهم صفات الأنانية والفردية وحب النفس وتجعلهم مقيدين بهذه القيم في كافة سلوكياتهم اليومية فيتحولون الي معاول هدم وهذا أقصي ما يتمناه اي عدو.
ان يضيع الشباب ويصبح بلا هدف او طموح وان يهجر العلم والمعرفة ويقلع عن القراءة والاطلاع ويكون جل ما يتمناه مجرد أوهام لا اصل لها.

ومن حق كل دولة ان تسعي لامتلاك الموارد البشرية والطبيعية وان تسعي بكل السبل الممكنة للحصول علي ما تريده فهم يصدرون لنا كل شيء ونحن من يختار ما يناسبه ولكننا وللأسف نختار في معظم الأحوال ما يتعارض مع ثقافتنا وهويتنا العربية.

قديما قال لي صديق ألماني جملة أراها تعبر عن ما أراه صحيحا،قال لي صديقي :انتم تحاولون تقليدنا نحن الاوربيون في مظهرنا وفي طريقة تعاملنا ولكنكم تغفلون عن تقليدنا في العلم واكتساب المعرفة!!

اللوم كل اللوم علي المتحزلقين الذين ينادون ليل نهار بمجاراة الجديد دون تنقيحه ودون النظر الي تركيبة أوطاننا العربية ومدي الاستفادة من معطيات الحضارة فليس كل ما تنتجه الحضارة يصلح لنا ولو دققنا النظر لوجدنا أن من يصدر لنا بعض معطيات الحضارة الحديثة لا يستخدمها بل يصنعها وينتجها لنا نحن فقط!!
بعبارة اخري تكررت علي السنة الكتاب والمفكرين كثيرا:نحن نأخذ قشرة الحضارة الحديثة ونهمل اللب والجوهر لذلك تحولنا الي مجرد رقم في معادلة البقاء واصبح تاثيرنا معدوما لأننا تفرغنا الي التقليد الاعمى.

واؤكد ان هناك آلاف المقالات حول نفس الموضوع وآلاف الأبحاث المتخصصة التي نادت بضرورة ان نكون نحن وليس أحد آخر ولكن لا مستجيب لهذا او ذاك.
حفظ الله شعوبنا العربية.

أحدث المقالات