مع بدء عملية الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في إنتخابات الرئاسة الايرانية التي من المقرر إجرائها في 18 من يونيو القادم، فإن إعلان إبراهيم رئيسي عن ترشيح نفسه لإنتخابات الرئاسة لم يلفت الانظار بل وحتى کان منتظرا ومتوقعا بعد أن کثر الحديث في وسائل إعلام النظام الايراني عن مقترح الولي الفقيه بخصوص”الحکومة الاسلامية الفتية” التي يعولون عليها التصدي لحل المشاکل والازمات الطاحنة التي يعاني منها النظام وإن رئيسي هو أفضل واحد يمکن الاعتماد عليه لإنشاء هکذا حکومة، والذي يلفت النظر أکثر، إن عمليات الترشيح مستمرة على الرغم من إقرار أکثر من واضح من جانب الاوساط السياسية الحاکمة في طهران بأن الشعب يقاطع الانتخابات ولم يعد يٶمن بها!
إبراهيم رئيسي، ذلك الوجه المکروه من قبل الشعب الايراني لکونه أحد أبرز أعضاء “لجنة الموت” التي نفذت أحکام الاعدام بحق 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق ممن کانوا يقضون فترات محکوميتهم في السجون الايرانية، وقد ترجم الشعب الايراني وجسد رفضه وکراهيته لرئيسي بصورة جلية في إنتخابات الرئاسة عام 2013، حيث إنه وعلى الرغم من إنه کان مرشح خامنئي وکان مدعوما من النظام بقوة لکن حجم ومستوى ررفض وکراهية الشعب الايراني له، تسببا في إذلاله وخروجه محبطا من تلك الانتخابات.
إعادة ترشيح رئيسي مرة أخرى من قبل خامنئي على الرغم من فشله في إنتخابات عام 2013، له عدة دلالات ومعان، من أهمها؛ إنه يٶکد مرة أخرى على إن النظام يتمسك بنهجه القمعي وبممارساته الاستبدادية ضد الشعب بشکل خاص کذلك فيما يتعلق بتدخلاته في المنطقة وإستمرار مساعيه من أجل الحصول على الاسلحة النووية، کما إنه”أي خامنئي” يريد من وراء هذا الترشيح أن يٶسس لجعل رئيسي خلفا له في حالة وفاته ولاسيما وإن أوضاعه الصحية ليست على مايرام، وإن ترشيح خامنئي لرئيسي تحديدا ومرة ثانية لايأتي إعتباطا لأننا لو قمنا بمراجعة تأريخ هذا الرجل والخدمات التي قدمها للنظام على مر ال42 عاما الماضية لوجدنا إنه قد کان أفضل نموذج ومثال حي يعبر عن الوجه الاستبدادي القمعي لهذا النظام.
رئيسي المولود في عام 1960، نصب کمساعد للمدعي العام في مدينة كرج عام 1980، رغم إنه لم يتخطى عمره ال20 عاما، ثم بادر المدعي العام للثورة آنذاك، قدوسي، بتعيين رئيسي في منصب المدعي العام لمدينة كرج عشية عيد ميلاده العشرين. وبعد أن إنتهج نهجا بالغ في تشدده ودمويته في التعامل مع السجناء والمحکومين في مدينة کرج ولم يرأف بأي واحد منهم، فقد تم تعيينه في منصب المدعي العام لهمدان في نفس الوقت مع الاحتفاظ بمنصبه. واستمر رئيسي بنهجه المتشدد في حصد الارواح دونما رحمة حتى عام 1984 في مكتب المدعي العام في همدان. وتقديرا لهذه الخدمات ولاسيما بعد تنحية لاجوردي من مكتب المدعي العام لمحكمة الثورة المركزية، وتعيين المعمم رازيني في هذا المنصب، فقد تم تعيين رئيسي لمنصب نائب المدعي العام للثورة المركزي، وفي صيف عام 1988، حيث تم إعدام أكثر من 30000 من مجاهدي خلق والسجناء السياسيين المطالبين بالحرية في سجون إيفين في طهران وكوهردشت وكرج وغيرها من سجون النظام ، بناء على فتوى غريبة من نوعها من خميني. فقد تم تشکيل لجنة لتنفيذ هذه الفتوى صارت معروفة ب”لجنة الموت” أما أعضائها فقد تشکل من إبراهيم رئيسي، الذي كان نائب المدعي العام في طهران في ذلك الوقت، إلى جانب رجال الدين حسين علي نيري (حاكم شرع)، ومرتضى إشراقي (المدعي العام بطهران)، ورجل الدين مصطفى بور محمدي (نائب وممثل وزارة المخابرات) وإسماعيل شوشتري (رئيس إدارة السجون) وقد برز اسم رئيسي أکثر من غيره لدمويته المفرطة وبسبب من ذلك فقد أصبح هذا الجزار نائبا لرئيس القضاء في عام 2004. وليٶکد على دمويته ووحشيته فقد قال في بيان له في 26 اكتوبر 2010 بخصوص بتر أصابع المتهم: “الحكم ببتر الأصابع أعظم شرف لنا”! وفي عام 2018، تم تعيينه كرئيس للسلطة القضائية في النظام.