وكالات – كتابات :
حشدت القوات الأميركية عددَا كبيرًا من قواتها الجوية في “الخليج العربي”، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وبدأ الحشد؛ بإرسال طائرتين من نوع (بي-52)، وهي طائرات ضخمة تستطيع التحليق على ارتفاع شاهق ولساعات طويلة، وتلقي قنابل ثقيلة من دون الاضطرار للاقتراب من أهدافها.
تبع ذلك؛ إرسال الأميركيين طائرتين آخريين، ثم ارتفع عدد طائرات (بي-52) إلى ستة، يوم 4 أيار/مايو الحالي، وبقيت هذه الطائرات في المنطقة، على عكس ما حصل من قبل، حين كانت “الولايات المتحدة” ترسل هذه الطائرات من قواعدها، في “الولايات المتحدة”، لتحلّق في أجواء الشرق الأوسط؛ ثم تعود إلى الأراضي الأميركية من دون الهبوط في أي قاعدة جوية أميركية أو حليفة.
في انتظار “مهامات قصف” !
ومنذ أيام، أعلنت القوات الجوية الأميركية، التابعة للقيادة المركزية، أن سربًا من طائرات مقاتلة من نوع (إف-18 هورنيت) وصل إلى منطقة العمليات.
في حين يبدو واضحًا، من خلال تلك الطائرات، أن الأميركيين يدعمون قواتهم الجوية في المنطقة؛ للقيام بـ”مهمات قصف” في مدى يصل إلى 3000 كلم من قاعدة الإنطلاق أو من حاملة الطائرات المتوفرة، فيما تغطّي طائرات (بي-52) مساحات أوسع وأبعد.
إلى ذلك؛ أبقى الأميركيون حاملة الطائرات (أيزنهاور)، في منطقة “بحر العرب”، كجزء من الإجراءات الميدانية، بعد الإعلان عن سحب القوات الأطلسية من “أفغانستان”.
تحذير مباشر لـ”طهران”..
لكن اللافت أكثر من ذلك؛ أن الأميركيين أدخلوا غواصة متطورة إلى “الخليج العربي”. تحمل الغواصة (جورجيا)، أكثر من 150 صاروخًا من نوع (توماهوك)، كما تستطيع إطلاق طائرات بدون طيار وقوارب مُسيّرة وقوات تستعد للقيام بعمليات خاصة.
وفي السياق؛ أكدت مصادر أن “وزارة الدفاع” الأميركية، وبناء على طلب من القيادة المركزية، أرسلت هذا العدد الكبير من القوات المتطورة إلى محيط “إيران”، في تحذير مباشر لـ”طهران” من أن حكومة الرئيس، “جو بايدن”، جادّة في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للردّ على أي هجوم تشنّه “إيران” على القوات الأميركية أو تشنّه الجماعات المسلحة في “العراق”.
لحماية الانسحاب من أفغانستان أم لردع المناوشات الإيرانية ؟
وبينما أعطى العسكريون الأميركيون الإنطباع أولاً؛ أن حشد بعض القوات، خصوصًا الحاملة (أيزنهاور)، هو لحماية الانسحاب من “أفغانستان”، إلا أن مصادر أكدت أن هذا “التحشيد” هو رسالة مباشرة لـ”إيران” وتشمل الهجمات في “العراق”.
لكن المصادر لم تشأ تأكيد وجود معلومات استخباراتية أميركية؛ تؤكد أن “إيران” تخطط أو تستعد لشنّ هجمات، أو أنها أوعزت للجماعات المسلحة، التي ترتبط بها، بالقيام بذلك، لكن التحرشات الإيرانية، خلال الأسابيع الماضية، تكررت في المياه الدولية، كما أن جماعات عراقية مسلحة شنت هجومًا على قاعدة (عين الأسد) الجوية، كما تابعت مهاجمة خطوط الإمداد التي يُسيّرها المتعاقدون لصالح القوات الأميركية.
إلى ذلك، وبحسب المصادر؛ فإن ما يريد الأميركيون منع وقوعه، هو أن تستغل “إيران”، مرحلة الانسحاب من “أفغانستان”، وأن تُشنّ هجمات على القوات الأميركية، فتظهر “الولايات المتحدة” وجيشها الضخم كقوة ضعيفة ومهزومة، وتظهر “إيران” وكأنها تملك القوة والمبادرة؛ فيما هي قوة ضعيفة عسكريًا.
الأمر المهم الآخر، أن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، يُظهر، للإيرانيين؛ أنه يجري مفاوضات معهم حول الملف النووي ويُعطي الأولية للدبلوماسية والتهدئة، لكنه يريد القول إنه جدّي في ردع “إيران”، وهو يُظهر القدرات و”الحشد” العسكري الأميركي ليقول، لـ”طهران”، إنه رئيس أميركي مستعد لاستعمال القوة العسكرية لحماية قواته ومواجهة أي تهديد.
ولعل تصريح قائد القوات الجوية في القيادة المركزية، الجنرال “غريغ غيللوت”، يدلّ على الكثير، فقد قال: “إن نشر القوات يُظهر القدرة على تحريك القدرات القتالية إلى مسرح العمليات في الوقت المناسب، لتكون جاهزة عند الحاجة، وليس فقط إن كنّا بحاجة لها”، وأشار إلى أن هذا الانتشار للقوات الجوية: “قصير المدى وكثيف جدًا”، وقامت به القوات مرتين، خلال الأشهر السبعة الماضية.