15 نوفمبر، 2024 2:35 م
Search
Close this search box.

دور المرأة العراقية في المجتمع

دور المرأة العراقية في المجتمع

عندما خلق اللهُ سبحانه وتعالى أبانا آدمَ ، خلق معه أمَّنا حواء عليهما السلام ، من هنا تجلت فلسفة الخلق الإلهي للإنسان ، لكي يتكون جنس بشري يعمر الأرض وينعم بخيراتها الوفيرة .
من هنا ؛ تأسست الحياة الآدمية على الأرض .. هذا الكوكب الأخضر ،الذي لا يناظره كوكبٌ في مجموعتنا الشمسية حتى اللحظة العلمية هذه !..
فلسفة الخلق الرباني للإنسان على هذا الكوكب جعلت منه مخلوقاً يعقل ما يدور حوله ، ويفتش عن المبهم ، ويتحرّى بالتفكير الدقيق دقائق الكون والحياة ، يفتش عن أسراره التي تنطوي فيه ، ويبحث في الأسرار التي ينطوي العالم الأكبر في ملكوتها ، لهذا ؛ تعددت الفلسفات ، وتباينت الرؤى ، نتيجة لتباين التفسير الفلسفي للكون والحياة ، إلى أن أرسل الله تعالى أنبياءه ورسله ليعلِّموا البشر منهج الحياة الفاضلة .
ولازالت الفلسفات الوجودية تتصارع مع الفلسفات الميتافيزيقية منذ قرون طويلة ، ولمّا تزل .
والحالة هذه ؛ فإنَّ المشترك البشري لجميع الفلسفات هو ما يوحِّد دواعي البحث في حاجات هذا المخلوق ، بجنسيه الذكري والأنثوي .. يبحث في حاجات الرجل ويبحث في حاجات المرأة .. يبحث عن مجتمع الفضيلة التي تتطلع إليها الفلسفات الإنسانية كافة ، عبر قرون وحقب من عمر التفكير الإنساني الطويـل .
الإنسان على ضوء معطيات الفلسفات الميتافيزيقية يعيش لكي يتمظهر بصفات الخالق ، ارتقاءً إلى الكمال المطلق ، الذي يسعى جاهداً لتحقيق أعظم نسبة ممكنة يقدر عليها خلال عمره المحدود على البسيطة ، كيما يقطف ثمار العطاء في جنّات المأوى عند مليك مقتدر ٍ ، يثيب ويجزي ، وهو ذات الرّبُّ الذي يُحاسِبُ المقصرين .
 أما الإنسان ؛ على ضوء الفلسفات الوجودية التي تتناول الإنسان واقع حال ، بصرف النظر عن كونه مخلوقاً أم موجوداً بالصدفة أو متطوراً عن قرد ، المهم ؛ لدى هذه الفلسفات هو أن يتم تناول الإنسان تناولاً فلسفياً وجودياً مجرّداً عن الغيب الذي لا تستطيع هذه الفلسفات التفاعل العقلي مع أطروحاتٍ من هذا النوع ، لذا ؛ هربتْ من المجهول إلى المحسوس ، ومن الغيب إلى المنظور ، من المحسوس إلى الملموس ، من ما وراء الطبيعة إلى الطبيعة ، فأوكلتْ جميع الموجودات إلى قدرة الطبيعة على إنتاج الحيِّ والميت ، النبات والحيوان ، الثابت والمتحرك ، المتفاعل والخامل .
 ومهما يكن من أمر ؛ فهي إما أن تكون طبيعة عشوائية لا يمكن لها فلسفياً أن تعطي النظام ،لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه ، أو أن تكون طبيعة عاقلة ، فيسمّيها المثاليون بالطبيعة العاقلة أو صانع الوجود made of nature ، أو تسميها الأديان الرّب god أو الله سبحانه وتعالى .
 هذه الطبيعة العاقلة أفرزتْ مخلوقاتِها التي يُفترض بها أن تكون عاقلة مثل خالقها ، أو تستلهم منه الوسائلَ والأساليبَ العاقلة التي تمكِّن العقل البشري أن يتصرف بمعقولية التعامل مع الكون والحياة ، لا بعشوائية الطبيعة الغير عاقلة ، فيُعذر !
 التاريخ ؛ لا يَعذر الإنسانية عن أخطائها .. لو كانت قد استمدت رؤيتها الفلسفية عن طبيعة عاقلة أم عن طبيعة جاهلة ، فالعالَم الجهول يفرز مجتمعاً جهولاً ، والعالَم العاقل يفرز مجتمعاً عاقلاً مثله .
 والملاحظ على الأمم والشعوب عبر التاريخ ، إنّها أنجبتْ رجالاً عظماءَ بنساءٍ مصلحاتٍ مربّيات عبر مراحل النضج الإنساني على الأرض ، حتى قيل : وراءَ كلِّ عظيم إمرأة ، وقالوا : المرأةُ نصفُ المجتمع .
ومهما تكن الرؤية الفلسفية للمرأة ؛ فهنالك حقيقة فلسفية مشتركة مفادها أنَّ المجتمع البشري لن يستقيم بدون وجود المرأة .
الأسرة ؛ اللبنة المجتمعية الأولى على الأرض ، بدأت بآدمَ وحواء ، وستنتهي بأبنائهما وبناتهما .
هذه الأسرة الآدمية إنْ لم تُصَنْ تربوياً ، فهي حتماً ستؤسسُ مجتمعاً منغمساً بالرذيلة والجريمة  والانهيار الأخلاقي . ولأنَّ الأسرة مكوّنٌ مجتمعيٌّ ، فإنَّ المجتمعَ مكوّنٌ للوطن ، ولأنَّ المجتمعَ مكوّنٌ للوطن ، فالوطنُ مكوّنٌ للأمّة ، ولأنَّ الوطنَ مكوّنٌ للأمّة ، فإنَّ الأمّة مكوّنٌ للعالم .
من هنا ؛ يعنينا أن نولي الاهتمام البالغ لدور المرأة في المجتمع .
فلو رأينا أمّاً ثكلتْ بابنها الذي أعدمه القضاءُ بسبب جريمةٍ معيّنة ..
 يتجلّى أمامنا أمران ، أحلاهما مُرُّ :
( شرط أن نبني على عدالة القضاء ) …
أولاً : إما أن يكون هذا الشخص قد صار مجرماً بسبب تأثير الأصدقاء ، وأبواهُ يعلمان أو لم يعلما .
ثانياً : أو أن يكونَ هذا الشخصُ قد صارَ مجرماً بسبب تربيةِ الوالدين .
أروي لهكذا أمٍّ القصّة القصيرة التالية :
 يُحكى ؛ أنَّ شاباً حكم القضاءُ عليه بالإعدام ، بسبب ارتكابه جريمة قتل وسرقة أموال ، عرض عليه القاضي أن يطلب ما يتمنى قبل تنفيذ حكم الإعدام به ، فطلب هذا الشاب أن يقابل أمّه ، تم استدعاء أمّه ، تعانق الاثنان عناق الوداع ، حتى انفكا من هذا العناق الطويل ، وإذا بالأمّ تصرخ واضعة ً يدها على فمها الذي ينزف دما ، والابن يبصق من فمه لسانَ أمّه المقطوع الذي قضمه من فمها بأسنانه أثناء إيهامها بتقبيل فمها قبلة وداع الحنان عند هذا اللقاء الأخير.
أضطرب الحاضرون وهرعوا مسعفين هذه الأمّ ، مقرّعين الإبن بالشتائم ، لما فعله من جرم ٍ مضاف لجرائمه السابقة بحق الإنسانية ، سأله القاضي عن السبب ، أجابه قائلا :
يا فضيلة القاضي ؛ إنّها هي التي أوصلتْ رقبتي إلى حبل المشنقة بلسانها ، فعندما كنت طفلاً سرقتُ بيضة ًمن دجاج جارنا وأتيت بها لأمّي ، فقالتْ : أحسنتَ يا والدي !

أحدث المقالات

أحدث المقالات