خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
بدأت عملية تسجيل أسماء الراغبين في الترشح وخوض سباق المنافسات الانتخابية، في “إيران”، والتأثير الرئيس لتلكم الانتخابات سوف ينعكس على القضية الدبلوماسية.
ويبدو أن بمقدور شخصتين تسليط الأضواء على لعبة الانتخابات، الأول: “إبراهيم رئيسي”؛ وقد حسم رأيه بالمشاركة، والثاني: “علي لاريجاني”، المذبذب بين الخوف والرجاء. ومشاركة أحدهما؛ سوف يقضي على جميع الخيارات الأخرى، حتى “محمد باقر قاليباف”. بحسب صحيفة (صبح آمروز) الإيرانية.
تأثيرات فتح باب الترشيح..
وبغض النظر عن المنافسات، فإن فتح باب الترشيح؛ سيكون له تأثيرات سلبية وإيجابية على المفاوضات النووية، في “فيينا”، بسبب موقف الأسماء المرشحة في مجالات السياسة الداخلية والخارجية، وكذلك مسؤولياتهم القديمة أو الحالية، وهل كان أداءهم جيدًا، لما لها من تأثير سلبي أو إيجابي، ولو محدود، على مسألة السياسة الخارجية.
من ثم؛ لابد يجب أن نرى طبيعة مواقف ورؤى المرشحين للمنافسات الانتخابية، ومن يستطيع في النهاية تسليط الضوء على هذه المنافسات.
إيران تعيش لحظة حساسة..
من ثم إن عملية تسجيل الأسماء ستكون مُحِددة، لاسيما في ضوء ما تواجه السياسة الخارجية الإيرانية حاليًا من اجتماعات مهمة، في “فيينا”، لإلغاء العقوبات وإحياء “الاتفاق النووي”، وفي “بغداد”، للحد من التوتر مع “المملكة العربية السعودية” وتحسين العلاقات الإقليمية، وبالتالي تعيش “إيران” لحظة حساسة ومُحِددة.
فالدبلوماسية مرتبطة بالانتخابات الرئاسية، وهذه مسألة معقدة. ولذلك ترقب دول الجوار، وأعضاء “الاتفاق النووي”، و”الولايات المتحدة”، والمنظمات الدولية، مثل “وكالة الطاقة الذرية” و”مجلس الأمن”، قضية الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ويبحثون في رؤى من يُشارك في هذه الجولة الانتخابية.
لأن النهج السياسي ورؤية كل من المرشحين قد تغير المسار الدبلوماسي نسبيًا، وبخاصة اجتماعات “فيينا” و”بغداد”، بعد رحيل حكومة “حسن روحاني”، سواء بصورة إيجابية على نحو يدعم استمرار هذه الاجتماعات؛ أو بصورة سلبية تحول دون استمرارها.
سيناريوهات مفتوحة..
وكل السيناريوهات مفتوحة؛ وربما تكون المفاوضات طويلة، لاسيما اجتماعات “فيينا” والاتفاق على التفاصيل، لاسيما المتعلقة بـ”الاتفاق النووي” والأنشطة النووية الإيرانية.
من جهة أخرى، تناقش اجتماعات “بغداد”؛ تحديات وصراعات دامت سنوات، بين “إيران” و”السعودية”.
وعليه؛ قد لا تسفر هذه الاجتماعات، وبخاصة “بغداد”، بنتائج خاصة سريعًا، بحيث تنتقل إدارة هذه الاجتماعات للحكومة الجديدة. وحتى لو نجحت هذه الاجتماعات في الوصول إلى نتائج، في ظل حكومة “حسن روحاني”، فإن موقف الحكومة الجديدة، حيال نتائج اجتماعات “فيينا” و”بغداد”، قد يؤدي إلى الكثير من الاحتمالات.
ولذلك تراقب دول المنطقة، وأعضاء (1+4) و”الولايات المتحدة”، والمؤسسات الدولية، انتخابات الرئاسة الإيرانية والخيارات المحتملة، لأن تسجيل الأسماء قد يُرسل إشارات سلبية أو إيجابية عن الدبلوماسية الإيرانية.
علي لاريجاني..
ورغم أن “علي لاريجاني”، في بداية حياته السياسية، كان أحد اعضاء (التيار الأصولي)؛ ويُصنف تحت تيار اليمين، لكن أداء حكومة “أحمدي نجاد”، دفع الكثير من شخصيات (التيار الأصولي) للتحول إلى أجواء سياسية أخرى؛ مثل: “ناطق نوري” و”علي لاريجاني” وغيرهم، وإزادت الفجوة تدريجيًا، بين “نجاد”، باعتباره مسؤول السلطة التنفيذية، و”لاريجاني”؛ باعتباره رئيس البرلمان، آنذاك.
ولذلك شكل الأخير؛ كتلة الولاية في البرلمان، والتي تحولت تدريجيًا إلى فضاءات سياسية مختلفة، وبهذه النظرة ترأس “لاريجاني”، البرلمان في دورته العاشرة، وقاد كتلة المستقلين.
وبناء عليه؛ لا يمكن حاليًا تقديم “لاريجاني”، كأصولي، أو تصنيفه كإصلاحي. وبالتالي فإن موقف “لاريجاني”، فيما يخص السياسات الداخلية والخارجية، فردي، لأنه يقف حاليًا في فضاء وسط لا يتبنى الأفكار الأصولية الراديكالية، ولا يقبل بالإنعطاف الإصلاحي الكامل على الدبلوماسية، وإنما يتبنى رؤية وسطية تقوم على الاستقلال السياسي وفق المصالح الوطنية.
يعني نفس الرؤية التي كان يتبناها في البرلمان التاسع، حيث أعلن دعم “الاتفاق النووي”، لما قد يتربت عليه من إنقاذ البلاد من الأزمات الاقتصادية والعقوبات، وكذلك ساهم في التوقيع على “اتفاقية التعاون الإستراتيجي”، مع “الصين”، على نحو يكفل خروج “إيران” من مأزق عقوبات “ترامب”، وبالتالي فالنطقة المشتركة هي خروج “إيران” من مأزق العقوبات. وهذا الاعتدال والاستقلال، قد يضفي قراءة جديدة على السياسة الخارجية؛ ويفضي إلى دبلوماسية إيرانية من الأجواء العقلانية؛ تقوم على المنطق الدبلوماسي.
لذلك فإن مشاركة “لاريجاني”، في المنافسات، قد يكون ذات تأثير إيجابي، (من المنظور النفسي على الأقل)، على الأجواء الدبلوماسبة.