أكدت احتجاجات القدس مجددا فكرة أن أى عمل تكتيكي من جانب الفلسطينيين أو من جانب أى قوة مقاومة لإسرائيل يمكن لها أن تلحق بكل تأكيد هزيمة استراتيجية بالدولة العبرية التي يبدو أنها حتى الان لا تزال تحاول التمسك بمزاعم التاريخ لغرس نفسها وسط محيط رافض لها، ولكن معطيات الجغرافيا ترفض أن تمنح الدولة العبرية فرصة لأن تطمئن أجيالها القادمة أنها سوف تبقى.

وكانت الاشتباكات التي لا تزال مستعرة في القدس هي الأحدث في أيام أسوأ اضطرابات من هذا القبيل في القدس منذ عام 2017 ، والتي أججها مستوطنون يهود منذ سنوات للسيطرة على منازل فلسطينية قريبة في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل.

وبينما تظهر الصور الواردة من موقع الأحداث أن الشرطة والجيش الإسرائيلي يتعاملون بوحشية مع سكان حى الشيخ جراح الذين يدافعون عن مساكنهم، تظهر نفس الصور الجنود الإسرائيليون وهو يتعاملون بود ويوفرون الحماية للمستوطنين الذين يدخلون لمنازل الفلسطينين ليحلوا محلهم ويستولون عليها.

وبينما قال الهلال الأحمر إن أكثر من 300 فلسطيني أصيبوا في المواجهات فإن 29 طفلاً فلسطينياً كانوا من بين المصابين في نفس الأحداث بما يشير إلى أن جذوة المقاومة ضد الجيش الإسرائيلي لا تزال موجودة في نفوس الأجيال القادمة، في نفس الوقت يقول حازم سالم، الباحث في العلوم السياسية، إن ما فعلته المقاومة من شن هجمات بقذائف صاروخية وبالونات حارقة على المستوطنات الإسرائيلية كشف عن هشاشة ما تقول إسرائيل إنه قبتها الحديدية، مشيرا إلى أن فشل منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي في التصدي لعدد من هذه المقذوفات والبالونات قبل أن تسقط قريبا من أهدافها يشير إلى أن إسرائيل تعيش بدون عمق استراتيجي يكفي للدفاع عن نفسها إذا ما تعرضت لحرب شاملة من أى خصم محتمل لها في يوم من الأيام .

تمتلك اسرائيل 595 طائرة في الجيش الإسرائيلي بينها 253 مقاتلة، و253 طائرة هجومية، و 146 مروحية بينها 48 مروحية هجومية. بالإضافة إلى 18 طائرة نقل عسكري و153 طائرة تدريب. وبين القدرات النيرانية لجيش إسرائيل 650 مدفع ذاتي الحركة و300 مدفع ميداني في الجيش الإسرائيلي، بالإضافة إلى 150 راجمة صواريخ. وطبقا للبيانات المتوفرة تملك البحرية الإسرائيلية 65 قطعة من بينهم 6 غواصات إلا أن القوة الضاربة لإسرائل هي قوتها المدرعة التي تشمل 6541 عربة قتال مدرعة و2760 دبابة إسرائيلية من بينها دبابة ميركافا التي تعتبر الأقوى في العالم لدرجة أن الولايات المتحدة نفسها تستوردها من إسرائيل. ولكن مع ذلك فإن كل هذه القدرات العسكرية الإسرائيلية ليس لديها أرض تحارب عليها، ولا يمكن أن تستفيد إسرائيل من كل هذه القدرات العسكرية إلا في حروب هجومية خارج أراضيها، وهو ما يكشف نقطة الضعف في جسم الدولة العبرية وهى أنها دولة بلا عمق دفاعي، بمعنى أن أى عمل تكتيكي داخل الأراضي الفلسطينية سوف يفضي بلا شك إلى هزيمة استراتيجية لإسرائيل التي لن تتمكن من استخدام كل ما في حوذتها من سلاح ضد خصم محتمل يتحرك ويقاتلها من الداخل.