وسط احتجاج عراقي للمرة الأولى .. تركيا تُنشيء القواعد العسكرية في شمال البلاد لاستكمال مشروع “طوران” !

وسط احتجاج عراقي للمرة الأولى .. تركيا تُنشيء القواعد العسكرية في شمال البلاد لاستكمال مشروع “طوران” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خرق واضح للسيادة العراقية، إلا أنه وللمرة الأولى؛ يُقابل برد من قبل السلطات العراقية، أعلن وزير الداخلية التركي، “سليمان صويلو”، يوم الجمعة، عن إنشاء قاعدة عسكرية تركية، في منطقة “ميتينا”، شمالي “العراق”، مشيرًا إلى أهمية المنطقة بالنسبة لبلاده.

وقال الوزير، الذي قدم أيضًا معلومات حول العمليات الأخيرة ضد “حزب العمال الكُردستاني”، شمالي “العراق”، إن: “العمليات، شمالي العراق، ستستمر. منطقة ميتينا؛ مكان مهم، كما هو الحال في سوريا، سنقيم قاعدة هنا وسنسيطر على المنطقة، فهذه المنطقة هي خط العبور إلى جبال قنديل وسوف نبقي هذا الخط تحت السيطرة”، وفقًا لوسائل إعلام تركية.

وسبق وأن كشف مسؤول رفيع بالحكومة التركية، قبل نحو عام؛ أن الجيش التركي يستعد لإنشاء 3 قواعد عسكرية جديدة في منطقتي: “سينات” و”هفتنين”، شمالي “العراق”.

وفي نهاية الشهر الماضي، شنت القوات التركية هجومًا بريًا وجويًا، على شمال “العراق”؛ لملاحقة مسلحين أكراد، في عملية عسكرية جديدة أطلق عليها الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”: “عملية مخلب البرق”.

وتأتي العملية العسكرية؛ بعد فشل العملية الأخيرة، في شباط/فبراير الماضي، ومقتل 12 جنديًا تركيًا وتوجيه اللوم للجيش التركي، و”إردوغان”، لسوء التخطيط والتنفيذ.

وقالت مصادر عراقية محلية؛ إن الهجوم استهدف منطقتي: “أفاشين” و”ميتينا”، داخل الأراضي العراقية. وحلقت الطائرات التركية في سماء المنطقة، بينما أنزلت مروحيات قوات خاصة تركية في منطقة جبلية.

وكثيرًا ما تشن “تركيا” عمليات عسكرية، شمالي “العراق”، بزعم ملاحقة مسلحين أكراد تابعين لـ”حزب العمال الكُردستاني”، في المنطقة. وذكرت وسائل إعلام تركية إن قوات الكوماندوز هبطت في منطقة “ميتينا”؛ باستخدام مروحيات، بينما قصفت مقاتلات تركية أهدافًا لـ”حزب العمال الكُردستاني”.

احتجاج وتواجد غير مشروع..

ولأول مرة، يخرج “العراق” عن صمته بشكل رسمي، فأعلنت “وزارة الخارجية” العراقية، استدعاء القائم بأعمال السفارة التركية، احتجاجًا على زيارة وزير الدفاع التركي إلى الأراضي العراقية: “دون تنسيق”، فيما وصفت التواجد التركي: “بغير المشروع”، وذلك بحسب ما ذكرته شبكة (روسيا اليوم).

وذكر بيان للوزارة، أن: “وكيلها الأقدم، نزار الخيرالله، استدعى، الإثنين، القائم بأعمال السفارة التركية لدى بغداد؛ وسلمه مذكرة احتجاج عبرت فيها الحكومة العراقية عن استيائها الشديد وإدانتها من قيام وزير الدفاع التركي، خلوصی أكار، بالتواجد داخل أراضيها بدون تنسيق أو موافقة مسبقة من قبل السلطات المختصة، ولقائه قوات تركية تتواجد داخل الأراضي بصورة غير مشروعة”.

ودانت الوزارة، تصريحات وزير الداخلية التركي؛ بشأن نية بلاده إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في شمال “العراق”.

ونقل البيان، عن “خيرالله” قوله، إن: “حكومة بلاده ترفض، بشكل قاطع، الخروقات المتواصلة لسيادة العراق وحرمة أراضيه وأجوائه من قبل القوات العسكرية التركية، وأن الاستمرار بمثل هذا النهج لا ينسجم مع علاقات الصداقة؛ وحسن الجوار والقوانين والأعراف الدولية ذات الصلة”.

وشدد وكيل وزارة الخارجية العراقية، على ضرورة: “تذكير الجارة تركيا؛ بأن الركون إلى الحلول العسكرية، أحادية الجانب؛ لا يمكن أن يكون السبيل الناجع لتسوية التحديات الأمنية المشتركة”.

استمرار لسياسات انتهاك السيادة العراقية..

وتصاعدت ردود الأفعال العراقية بوتيرة عالية، فأكد ائتلاف (النصر)، في بيان أنه: “يرفض إعلان وزير الداخلية التركي عن نية تركيا إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في العراق، ويُعده استمرارًا بسياسات الإنتهاك للسيادة العراقية”.

وطالب الائتلاف، الجهات الرسمية والوطنية: بـ”اتخاذ الإجراءات المطلوبة للحفاظ على سيادة العراق”، داعيًا الحكومة التركية إلى: “إعادة النظر بسياساتها تجاه العراق، حفاظًا على المصالح المشتركة والاستقرار وحسن الجوار”.

إعلان احتلال رسمي..

وطالب النائب المستقل، “منصور البعيجي”، الحكومة، بالتحرك ومنع “تركيا” من إنشاء قاعدة لها داخل الأراضي العراقية، وعدم السماح لها بإنشائها لأي سبب كان.

وأشار “البعيجي”، في بيان؛ إلى أن: “إنشاء القاعدة للقوات التركية، بشمال العراق، دون موافقة الحكومة، هو بمثابة إعلان احتلال رسمي لأراضينا، ولا يمكن السكوت عليه”.

وطالب الحكومة بأن: “تتخذ موقفًا سريعًا لمنع أنقرة من إنشاء القاعدة العسكرية، لأننا لسنا جزء من الأراضي التركية، حتى تقوم بإنشاء قاعدة عسكرية”.

ولفت “البعيجي”؛ إلى أنه: “لن نسمح أو نقبل بإنشاء قاعدة عسكرية تركية على أراضينا، لأننا لسنا ضيعة أو حديقة خلفية للأتراك”، موضحًا أنه: “سيكون لنا موقف رافض أمام الجميع لهذه الأعمال التي تقوم بها تركيا، ضاربة عرض الحائط المواثيق والأعراف الدولية لحسن الجوار بين الدول المتجاورة”.

وأضاف “البعيجي”؛ أن: “على مجلس النواب والرئاسات الأخرى؛ أن يكون لها موقف ضد هذا العمل، الذي تقوم به تركيا، وأن لا تسمح بإنشاء قاعدتها العسكرية، لأنه من غير الممكن أن يُسمح لتركيا بهذا الفعل غير المبرر”.

محاولة لتبرير الغزو وتكريس للواقع..

وتعليقًا على مجمل هذه التطورات، يقول “لطيف رشيد”، وزير الموارد المائية العراقي السابق، في حوار مع (سكاي نيوز عربية): “لا ينطلي على عاقل، حديث تركيا عن حماية أمنها القومي وأمن حدودها، في سياق محاولاتها تبرير غزوها للمناطق الشمالية للعراق، لتكريس واقع جديد فيها، وإقامتها عشرات الثكنات، والقواعد العسكرية والاستخباراتية داخل إقليم كُردستان العراق، وبعشيقة في محافظة نينوى، تحت ذريعة محاربة حزب العمال الكُردستاني”.

ويضيف الوزير العراقي السابق: “لو عدنا إلى الوراء قليلاً، سنجد أن الأتراك اتخذوا من (داعش)، ذريعة للتوسع أكثر فأكثر داخل أراضي العراق وإقليم كُردستان، بهدف السيطرة على ولاية الموصل على وجه الخصوص، والآن بعد أعوام على دحر تنظيم (داعش) الإرهابي وهزيمته في العراق عسكريًا، نرى أن المواقع التي احتلها الجيش التركي لا يزال باقيا فيها، ولا يرفض الأتراك مناقشة الخروج منها فقط، بل هم يهددون باحتلال المزيد من المناطق: كسنجار/شنكال، في ليلة ظلماء؛ كما يكرر إردوغان”.

ويتابع: “بقاء القوات التركية داخل العراق، واستمرار الإعتداءات والتجاوزات والانتهاكات من قبلها، يُعد خرقًا واضحًا لسيادة العراق وللقانون الدولي، وعدم إدانة هذه التدخلات كما يجب، من قبل كل من الحكومة الاتحادية، وحكومة إقليم كُردستان، وكذلك من معظم القوى السياسية العراقية، يطعن في مصداقية الإدعاءات اليومية، لمختلف الجهات العراقية المتشدقة، بالحرص على استقلال العراق وسيادته الوطنية”.

ويستطرد “رشيد”: “على الجميع إدراك أن أي قضم تركي، لأي جزء من الأراضي العراقية، هو استهداف لسيادة العراق ولأمن شعبه ككل، وهو يمثل خطرًا مباشرًا على أبناء البصرة في أقصى الجنوب العراقي قبل مواطنيهم في كُردستان والشمال، لذا فإن هزال موقف الحكومة الاتحادية، في هذا الصدد، بات مدعاة للريبة”.

ويختم “رشيد”، وهو كان كبير مستشاري رئيس الجمهورية العراقية السابق، “جلال الطالباني”، على مدى أعوام، حديثه مع (سكاي نيوز عربية)، بالقول: “ينبغي علينا كعراقيين، التوحد في وجه أطماع الدول الإقليمية، في بلادنا وفي مقدمتها تركيا، للحفاظ على سيادة وأمن العراق ومصالح مواطنيه، وأن نقف ضدها موقفًا واحدًا غير قابل للمساومة والمقايضة، بالتنديد العملي وليس اللفظي فقط، والوقوف بحزم بوجه أية خطوات توسعية من قبل أية دولة كانت، بحق العراق من شماله لجنوبه، وأن نرفع صوتنا خاصة بوجه الأطماع التوسعية التركية، في مختلف المحافل العربية والإقليمية والدولية”.

مشروع “طوران“..

حول إستراتيجية “أنقرة”، في شمال “العراق”، يقول الخبير العسكري والإستراتيجي، الدكتور “أحمد الشريفي”؛ أن: “تركيا تسعى لإعادة إحياء المجال الحيوي لها، ضمن ما يسمى بمشروع (طوران)، الذي يسعى إلى إحتواء جميع الشعوب التي ترتبط بتركيا ثقافيًا أو تاريخيًا وتنطق اللغة التركية، وهو موضوع يصل إلى حدودي الصين وروسيا”.

وتابع “الشريفي” بالقول: “هذه القواعد التركية تُمثل امتدادًا تعبويًا وعسكريًا، وترسم خط يتم بموجبه قضم الأرض، فقاعدة الاشتباك التركي ستتوسع، ولا تشمل فقط حزب العمال الكُردستاني، بل ستدخل مع أطراف أخرى”.

وأضاف “الشريفي” قائلاً: “تمكنت تركيا وإيران من اختراق القرار السياسي العراقي والمؤسسات العراقية، ما جعل الأداء السياسي في العراق واهن ومرتبط بالمتغيرات الإقليمية، ولذلك لا نرى أية ردة فعل أمام التوغل التركي في شمال العراق، فالقوى الوطنية العراقية تتكيف مع التوازنات الإقليمية ولا تخضع للتوازنات الوطنية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة