18 ديسمبر، 2024 9:43 م

مكانة المرأة وأهميتها في الدولة الحديثة المسلمة

مكانة المرأة وأهميتها في الدولة الحديثة المسلمة

من أهم ما جاء به القرآن الكريم إنصاف المرأة وتحريرها من ظلم الجاهلية وظلامها، ومن تحكم الرجل في مصيرها بغير حق، فكرم القرآن المرأة وأعطاها حقوقها بوصفها إنساناً وكرمها بوصفها أنثى، وكرمها بوصفها بنتاً، وكرمها بوصفها زوجة وكرمها أماً، وكرمها بوصفها عضواً في المجتمع، لقد جاء الإسلام وبعض الناس ينكرون إنسانيتها ولكنه يعتبرها مخلوقاً خلق لخدمة الرجل، فكان من فضل الإسلام أنه كرم المرأة، وأكد إنسانيتها، وأهليتها للتكليف، والمسؤولية والجزاء ودخول الجنة واعتبرها إنساناً كريماً له كل ما للرجل من حقوق إنسانية، لأنهما فرعان من شجرة واحدة، وأخوان ولدهما أب واحد وهو آدم، وأم واحدة هي حواء، فهما متساويان في أصل النشأة، متساويان في الخصائص الإنسانية العامة، متساويان في التكليف والمسؤولية، متساويان في الجزاء والمصير، وفي ذلك يقول القرآن الكريم : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ (النساء، آية : 1).
وإذا كان الناس ـ كل الناس ـ رجالاً ونساء، خلقهم ربهم من نفس واحدة وجعل من هذه النفس زوجاً تكملها، وتكتمل بها كما قال في آية أخرى : ﴿وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا﴾ (الأعراف، آية : 2).
وبث في هذه الأسرة الواحدة رجالاً كثيراً ونساء، كلهم عباد لرب واحد، وأولاد أب واحد وأم واحدة، فالأخوة تجمعهم، ولهذا أمرت الآية الناس بتقوى الله، ورعاية الرحم الواشجة بينهم : ﴿وَاتَّقُواْ اللهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ﴾ (النساء، آية : 1).
والرجل ـ بهذا النص ـ أخ المرأة، والمرأة شقيقة الرجل، وفي هذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما النساء شقائق الرجال».
أ ـ في مساواة المرأة للرجل في التكليف والتدين والعبادة، يقول القرآن الكريم : ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ (الأحزاب، آية : 35).
ب ـ في التكاليف الدينية الاجتماعية الأساسية: يساوي القرآن بين الجنسين بقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة، آية :71).
ج ـ وفي قصة آدم توجه التكليف الإلهي: إليه وإلى زوجه سواء، قال تعالى : ﴿يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ﴾ (البقرة، آية : 35). والجديد في هذه القصة كما ذكرها القرآن ـ أنها نسبت الإغواء إلى الشيطان لا إلى حواء ـ كما فعلت التوراة المحرفة : ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾ (البقرة، آية : 36).
ولم تنفرد حواء بالأكل من الشجرة ولا كانت البادئة، بل كان الخطأ منهما معاً، كما كان الندم والتوبة منهما جميعاً : ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (الأعراف، آية : 83).
بل في بعض الآيات نسبة الخطأ إلى آدم بالذات وبالأصالة: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ (طه، آية : 115).
﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى﴾ (طه، آية : 120).
وقال تعالى:” ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ (طه، آية : 121).
كما نسب إليه التوبة وحده أيضاً ” ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى” (طه، آية : 122). مما يفيد أنه الأصل في المعصية وامرأته تابع له، ومهما يكن الأمر فإن خطيئة حواء لا يحمل تبعتها إلا هي، وبناتها براء من إثمها ولا تزر وازرة وزر أخرى : ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (البقرة، آية : 134).
د ـ وفي مساواة المرأة للرجل في الجزاء، دخول الجنة يقول الله تعالى: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ﴾ (آل عمران، آية : 195). فنص القرآن في صراحة على أن الأعمال لا تضيع عند الله، سواء كان العامل ذكراً أم أنثى، فالجميع بعضهم من بعض، من طينة واحدة، وطبيعة واحدة، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ (النحل، آية : 97).
هـ ـ وفي الحقوق المالية للمرأة: أبطل الإسلام ما كان عليه كثير من الأمم ـ عرباً وعجماً ـ من حرمات النساء من التملك والميراث أو التضييق عليهن في التصرف فيما يملك، واستبداد الأزواج بأموال المتزوجات منهن، فأثبت لهن حق التملك بأنواعه المشروعة، فشرع الوصية والإرث لهن كالرجال، وأعطاهن حق البيع والشراء والإجارة والهبة والإعارة والوقف والصدقة والكفالة والحوالة والرهن وغير ذلك من العقود والأعمال ويتبع ذلك حقوق الدفاع عن مالها كالدفاع عن نفسها، بالتقاضي وغيره من الأعمال المشروعة.
و ـ المرأة باعتبارها أماً: لا يعرف التاريخ ديناً ولا نظاماً كرّم المرأة باعتبارها أماً، وأعلى من مكانتها، مثل الإسلام، لقد أكد الوصية بها وجعلها تالية للوصية بتوحيد الله وعبادته وجعل برّها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أوكد من حق الأب لما تحتمله من مشاق الحمل والوضع والإرضاع والتربية وهذا ما يقرره القرآن ويكرره في أكثر من سورة ليثبته في إذهان الأبناء ونفوسهم وذلك في مثل قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾ (لقمان، آية : 14).
وقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا﴾ (الأحقاف، آية : 15).
ومن توجيهات القرآن الكريم: أنه وضع أمام المؤمنين والمؤمنات أمثلة وقدوة حسنة لأمهات صالحات كان لهن أثر ومكان في تاريخ الإيمان.
ـ فأم موسى تستجيب إلى وحي الله وإلهامه، وتلقي ولدها فلذة كبدها في اليمّ مطمئنة إلى وعد ربها، قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ (القصص، آية : 7).
ـ وأم مريم التي نذرت ما في بطنها محرراً لله، خالصاً من كل شرك أو عبودية لغيره، داعية الله أن يتقبل منها نذرها، قال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (آل عمران، آية : 35).
فلما كان المولود أنثى على غير ما كانت تتوقع لم يمنعها ذلك من الوفاء بنذرها، سائلة الله أن يحفظها من كل سوء، قال تعالى: ﴿وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (آل عمران، آية : 36).
ومريم ابنة عمران أم المسيح عيسى، جعلها القرآن آية في الطهر والقنوت لله والتصديق بكلماته ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ﴾ (التحريم، آية : 12).
ز ـ المرأة باعتبارها بنتاً: كان العرب في الجاهلية يتشاءمون بميلاد البنات ويضيقون به، حتى قال أحد الآباء ـ وقد بُشر بأن زوجه ولدت أنثى ـ: والله ما هي بنعم الولد نصرها بكاء وبرها سرقة. يريد أنها لا تستطيع أن تنصر أباها وأهلها إلا بالصراخ والبكاء لا بالقتال والسلاح ولا أن تبرهم إلا بأن تأخذ من مال زوجها لأهلها.
وكانت التقاليد المتوارثة عندهم تبيح للأب أن يئد ابنته ـ يدفنها حية ـ خشية من فقر قد يقع، أو من عار تجلبه حين تكبر على قومها، وفي ذلك يقول القرآن منكراً عليهم ومفزعاً لهم : ﴿وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾ (التكوير، آية : 8 ـ 9).
ويصف حال الآباء عند ولادة البنات، قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ﴾ (النحل، آية : 58، 59).
وكانت بعض الشرائع القديمة تعطي الأب الحق في بيع ابنته إذا شاء وبعضها الآخر ـ كشريعة حمورابي ـ تجيز له أن يسلمها إلى رجل آخر ليقتلها.
جاء الإسلام فاعتبر البنت كالابن ـ هبة من الله ونعمة ـ يهبها لمن يشاء من عباده، قال تعالى: ﴿لِلهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ (الشورى، آية : 49 ـ 50).
وبيَّن القرآن الكريم في قصصه أن بعض البنات قد تكون أعظم أثرًا وأخلد ذكراً من كثير من الأبناء الذكور، كما في قصة مريم ابنة عمران التي اصطفاها الله وطهرها واصطفاها على نساء العالمين وقد كانت أمها عندما حملت بها تتمنى أن تكون ذكراً يخدم الهيكل، ويكون من الصالحين.
قال تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا﴾ (آل عمران، آية : 35 ـ 37).
وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة جزاء كل أب يحسن صحبة بناته ويصبر على تربيتهن وحسن تأديبهن ورعاية حق الله فيهن حتى يبلغن أو يموت عنهن، وجعل منزلته بجوار رسول الله في دار النعيم المقيم، قال صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات، فصبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن، أدخله الجنة برحمته إياهن»، فقال رجل: واثنتان يا رسول الله؟ قال: «واثنتان»، قال رجل: يا رسول الله وواحدة، قال: «وواحدة»، لم تعد ولادة البنت عبثاً يخاف منه وطالع نحس يتطير به بل نعمة تشكر ورحمة ترجى وتطلب لما وراءها من فضل الله تعالى، وجزيل مثوبته، وبهذا أبطل الإسلام عادة الوأد إلى الأبد وأصبح للبنت في قلب أبيها مكان عميق.
ح ـ المرأة باعتبارها زوجة: كانت بعض الديانات والمذاهب تعتبر المرأة رجساً من عمل الشيطان يجب الفرار منه واللجوء إلى حياة التبتل والرهبنة، وبعضها الآخر كان يعتبر الزوجة مجرد آلة متاع للرجل، أو طاهٍ لطعامه أو خادم لمنزله، فجاء الإسلام يعلن بطلان الرهبانية وينهي عن التبتل ويحث على الزواج ويعتبر الزوجة آية من آيات الله في الكون، قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الروم، آية : 21).
وقرر الإسلام للزوجة حقوقاً على زوجها، ولم يجعلها مجرد حبر على ورق، بل جعل عليها أكثر من حافظ ورقيب من إيمان المسلم وتقواه أولاً، ومن ضمير المجتمع ويقظته ثانياً، ومن حكم الشرع وإلزامه ثالثاً.
وأول هذه الحقوق “الصَداق”: الذي أوجبه الله للمرأة على الرجل إشعاراً منه برغبته فيها وإرادته لها، قال تعالى: ﴿وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا﴾ (النساء، آية : 4).
فأين هذا من المرأة التي نجدها في مدينات أخرى، فتدفع هي للرجل بعض مالها، مع أن فطرة الله جعلت المرأة مطلوبة لا طالبة؟
وثاني هذه الحقوق هو “النفقة” فالرجل مكلف بتوفير المأكل والملبس والمسكن والعلاج لامرأته بالمعروف، والمعروف هو ما يتعارف عليه أهل الدين والفضل من الناس بلا إسراف ولا تقتير، قال تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ (الطلاق، آية : 7).
وثالث الحقوق هو “المعاشرة بالمعروف” قال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (النساء، آية : 19).
مراجع البحث:
علي محمد الصلابي، الدولة الحديثة المسلمة دعائمها ووظائفها، ص309-302
يوسف القرضاوي، ملامح المجتمع المسلم، ص: 332 ـ 333.
يوسف القرضاوي، كيف نتعامل مع القرآن العظيم، ص: 89.