في إطار تنامي النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وخاصة في ظل تضاؤل النفوذ الأميركي وتراجعه، تعكف دوائر الخبراء والمجالس التحليلية على مناقشة آفاق السياسة الخارجية الروسية تجاه الشرق الأوسط، وتعمل على وضع الإحتمالات، بما في ذلك الفرص وتنميتها والمخاطر وسبل تجنبها.
وفي هذا السياق، عقدت الأكاديمية الحكومية الروسية للعلوم الإنسانية شهر إبريل/ نيسان 2021م، وبالتعاون مع معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، حلقة نقاشية ضمت كبار الخبراء الروس المهتمين بالشرق الأوسط، تبادل المشاركون خلالها وجهات النظر حول المحاور التالية:
الاتجاهات الرئيسية لسياسة روسيا في الشرق الأوسط.
المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط.
التفسيرات المحتملة لإستراتيجية موسكو في الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد، أكد البروفسور فيتالي نعومكين، رئيس معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، بان الأهداف الرئيسية لروسيا في الشرق الاوسط قد تحققت في الواقع بشكل عام، حيث أمنت البلاد حدودها الجنوبية من الإرهاب، وتكافح التهديدات الجديدة، وبدأت تتكيف مع التحديات الناشئة، فضلاً عن ان روسيا أصبحت قوة سياسية وعسكرية عالمية وليست إقليمية.
فيما يرى ألكسندر أكسينوك نائب رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، أن الموضوع لا يرتبط فقط بالشرق الأوسط، موضحاً بان السياسات العالمية والإقليمية مترابط، وهذا ما يضعه جميع قادة العالم بعين الاعتبار.
وأعاد الخبير إلى الأذهان انه على مدى العقدين الماضيين، تحولت السياسة الخارجية لروسيا من شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة إلى مواجهة استراتيجية. وتغيرت مكانة الشرق الأوسط في أولويات السياسة الخارجية الروسية من عدم الاهتمام بالمنطقة إلى استخدامها كخريطة في لعبة جيوسياسية كبيرة.
ومن جهته، أشار فاسيلي كوزنتسوف رئيس مركز الدراسات العربية والإسلامية في أكاديمية العلوم الروسية إلى ان العالم يمر بتحول عميق، يصعب فيه التحدث عن استراتيجيات، بيد انه تم ضمان نجاحات السياسة الخارجية لروسيا على نطاق الأحداث السياسية إلى حد كبير من خلال قدرة قيادة البلاد على إتخاذ خطوات سريعة ومهنية وتكتيكية وغير متوقعة.
أما البروفسورة ماريا خودينسكايا-غولنيشيفا كبيرة مستشاري إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الروسية، فقد سلطت الضوء على النجاحات الملموسة للدبلوماسية الروسية في المنطقة، مشيرة إلى أنه ومنذ بدء العملية في سوريا وصلت علاقات روسيا مع الدول العربية إلى مستوى جديد، وترى أن روسيا تتمتع اليوم بمكانة فريدة في الشرق الأوسط ليس حصراً في التسوية السورية، بل وأنها تشارك أيضاً بنشاط في تسوية الأزمة الليبية، ومضيفة أنه يمكن استخدام الخبرة المتراكمة في هذا الإتجاه.
وفي المقابل، كان لروسلان ماميدوف مدير البرامج في المجلس الروسي للشؤون الدولية، رأي آخر، شارحاً بان الوجود الروسي في سوريا يُركز على تسوية الأزمة والإنتقال بالبلاد إلى مستوى الإستقرار، في حين تنشط موسكو في بلدان أخرى من الناحية الإقصادية، حيث تُشيد المحطات الكهربائية النووية (محطة الضبعة في مصر مثلاً) ويتزايد عدد الاستثمارات الروسية في قطاع الطاقة في العراق.