خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
عقدت “الولايات المتحدة” و”العراق”، مطلع الشهر الجاري، الجولة الثالثة من “المفاوضات الإستراتيجية”. وشملت المباحثات موضوعات: الطاقة، والاقتصاد، والثقافة، والتربية والتعليم، والأهم المشكلة الأمنية.
وتُعتبر مباحثات، السابع من نيسان/أبريل 2021، الأولى من نوعها بالنسبة للإدارة الأميركية الجديدة، برئاسة “جو بايدن”، والذي كان قد وعد، في كلمته بحفل التنصيب؛ بإتباع مسار جديد في السياسة الخارجية يقوم على الدبلوماسية بدلًا من استخدام القوة.
لذلك فقد تبنت “واشنطن” موقف متفاءل تجاه “العراق”، لكن ما هي أسس هذا الموقف بالنظر إلى كمية القضايا العالقة التي تواجه “العراق” ؟.. بحسب صحيفة (شرق) الإيرانية.
مصير القوات الأميركية في العراق..
لم تكد تمر أيام على آخر جولة من المباحثات، حتى أعلن، “آنطوني بلينكن”، وزير الخارجية الأميركي، تفاؤله بمستقبل العلاقات “الأميركية-العراقية”، وأكد على ضرورة تعزيز: “المشاركة الإستراتيجية”، بين الجانبين.
وتعكس هذه التصريحات؛ مساعي “الولايات المتحدة” بشأن إصلاح دورها في “العراق”، وإضفاء الشرعية على نتائج هذه المفاوضات. أضف إلى ذلك، إعلان “واشنطن” تركيز قواتها، بـ”العراق”، على تعليم وتدريب قوات الأمن العراقية.
في المقابل؛ تعهدت “بغداد” باتخاذ المزيد من الخطوات للمحافظة على الهيئات الدبلوماسية، والمنشآت، والقواعد العسكرية الأميركية في “العراق”.
ويبدو أن الخطوات الأميركية نابعة عن رغبة في مواجهة نفوذ فصائل (الحشد الشعبي)، تلكم الفصائل الشيعية المسلحة التي ترفض بحسم وجود القوات الأميركية في البلاد.
ويسود إعتقاد، في أوساط الإدارة الأميركية، بأن المفاوضات سوف تمنح بالنهاية، “مصطفى الكاظمي”، رئيس الوزراء العراقي، القوة اللازمة للمواجهة ضد هذه الفصائل، إما عن طريق الحد من نفوذها في السياسات العراقية، أو عن طريق نزع السلاح.
تقوية “الكاظمي” والبحث عن الدعم الشعبي..
ويأمل المسؤولون الأميركيون ألا تُسهم هذه الخطوة، من جانب “بغداد”، في تقوية الحكومة فقط؛ وإنما رفع مستوى الدعم الشعبي أيضًا.
ومع توضيح تفاصيل الموضوعات، محل المناقشات “الأميركية-العراقية”، أعرب “مقتدى الصدر”، السياسي ورجل الدين الشيعي النافذ؛ عن دعمه لأطر هذه المفاوضات، وقال: “محاولة الحكومة إحتواء الفصائل المسلحة، التي تتخطى ضوابط هذه المفاوضات، هي رؤية إيجابية، لاسيما طالما تلتزم الولايات المتحدة بقرارها”.
وغرّد “الصدر”، على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر): “لو تلتزم، الولايات المتحدة، بتعهداتها في هذا الحوار، فإن على فصائل المقاومة الوطنية العراقية؛ وقف كل أشكال العمليات العسكرية، وسيتعين على الحكومة معاقبة كل من يخالف ذلك”.
وعليه؛ ومع إنطلاق جولة جديدة من المفاوضات، طرأ تغيير جدير بالملاحظة على شعارات، “الكاظمي”.
تأتي تصريحات “الكاظمي”، بينما تُصارع حكومته أزمة كبيرة، حيث تُشعر الحكومة بالحرج الشديد إزاء زيادة عدد الأسلحة بالدولة، وكذلك قوة الفصائل المسلحة. وتؤثر هذه الفصائل على تأمين “بغداد”، من خلال تهديد “المنطقة الخضراء”، حيث توجد كل الإمكانيات الحكومية والدبلوماسية.
والقيام بخطوات لحلحلة هذه الأزمة يمثل انتصارًا، لـ”بايدن” و”الكاظمي”. ويعتقد بعض المراقبين العراقيين أن “المفاوضات الإستراتيجية”؛ تعكس إلى حد كبير مساعي رئيس الوزراء العراقي للبقاء على الساحة السياسية بعد الانتخابات.
والجدير بالاهتمام؛ أن هذه المفاوضات بدأت بعد زيارة، “الكاظمي”، لإثنتين من الدول المحورية في المنطقة. فقد توجه إلى “المملكة العربية السعودية”، بتاريخ 31 آذار/مارس الماضي، ثم “الإمارات”؛ بتاريخ 4 نيسان/أبريل الجاري.
ويمكن تأويل، هذه الزيارات، تحت مسمى جهود “الكاظمي”، لتقديم نفسه بأنه: “الشخصية الشيعية التي تميل الدول العربية للتعاون معها”. ومن ثم يستطع، بعد انتخابات تشرين أول/أكتوبر المقبل؛ تقوية مكانته كسياسي محبوب من “الولايات المتحدة”، ومقبول من “طهران”.
ذاك الوجه من العُملة..
في المقابل؛ لم تبدي الفصائل العراقية المسلحة التفاؤل بالنتائج المحتملة لـ”المفاوضات الإستراتيجية”، بين “بغداد-واشنطن”.
بخلاف ذلك؛ لا يظهر تباطؤ على تسارع وتيرة خطط الهجوم على منشآت “الولايات المتحدة الأميركية”، على سبيل المثال، تم الكشف، في 9 نيسان/أبريل الماضي؛ عن منصة لإطلاق الصواريخ تستهدف أحد قواعد القوات الأميركية، في محافظة “الأنبار”.
لكن المقلق، وبخاصة بالنسبة لأعضاء (الحشد الشعبي)، ما ورد في بيان المسؤولين الأميركيين بخصوص أحدث جولات المفاوضات، عدم الإشارة بشكل صريح لمطلب الجانب العراقي؛ بجدول زمني لانسحاب القوات الأميركية.
كذلك يصعب التفاؤل بقدرة، “الكاظمي”، بالمحافظة على وجوده الحاسم بالمشهد السياسي العراقي، بعد الانتخابات، لأن هذه الانتخابات ستكون بداية حكومة جديدة.