عن كثبٍ , وبتركيزٍ وتمحيص , بحثتُ في الأطلس السياسي , وفي كلا الأطلسين الجغرافي والتأريخي , ثمّ حتى في الأطلس الكوميدي .! , فلم اعثر على أسم اي دولة او دويلة يزورها وزير خارجية دولة اجنبية اخرى , ويلتقي ويجتمع بسادة او قادة الأحزاب الدينية ” من مذهبٍ واحد ” وبممثلَين اثنين محسوبين على مذهب آخر .! وكلا الفريقين لا يشغلان مواقع رسمية في الدولة , بدلاً من ان تكون اجتماعات ايّ زائرٍ اجنبيٍ لأيِ دولةٍ ما بوزارة الخارجية ورئاسة الدولة حسب ما معمول به في دول العالم حتى قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى .
ربما من صحيح او صواب القول أنّ وزير الخارجية الأيراني ” جواد ظريف ” يعمل لمصلحة بلاده , وهو على دراية كاملة بأنّ لقاءاته مع ” هؤلاء ” هي خارج نطاق البروتوكول الدولي السائد والمتعارف عليه , لكنّ ذلك يشكّل Diplomatic Snub – إهانة دبلوماسية لدولة العراق , التي تأسسّت حكوماتها بعد الإحتلال على هكذا ازدراء , ثمّ تجذّر ذلك عبر هذه السنين العجاف , امّا الحكومة العراقية الحالية فلا حول ولا قوة لها في وقف واجتثاث هذه الظاهرة الخارجة عن النطاق البروتوكولي , والحكومة هذه محاصرة بالفصائل المسلحة اللائي تابعة او تنتمي لمعظم هذه الأحزاب التي جمعها ” جواد ظريف ” ليبلغها ما يبلغها .!
والى ذلك كذلك , فمن الصعب التصوّر انّ وزير الخارجية الأيراني لا يدرك صعوبة توحيد ” البيت الشيعي العراقي ” ليس بسبب التنافس الحادّ للإنتخابات المقبلة فحسب , انّما ما يسمى بهذا ” البيت ” فغير قابلٍ للتوحد او التوحيد اصلاً ” رغم الإنتماء للمذهب الواحد ” لكنّ الصراع على السلطة وامتيازات السلطة , بالرغم من هيمنتهم على اهم وزارات ودوائر السلطة , وخصوصاً في المفاصل الأمنيّة والستراتيجية .! هو ستراتيج التفرّق والتفكك بين قادة هذا البيت , رغم سعة الصالات والقاعات والغرف .!
أمّا اللقاء المنفصل الآخر للوزير الأيراني مع السيد خميس الخنجر – صاحب تنظيم المشروع العربي والمحسوب على الطائفة السنية ودون امتلاكه اي مقومات مذهبية ودينية , فهو علمانيٌ بأمتياز ورجل اعمال بارز وله علاقات تجارية هائلة مع دولة قطر والأردن وسواهما , ومع ايضا ” محمود المشهداني ” رئيس البرلمان العراقي السابق وهو ” اخوانجي اصيل ” تحت مسمى الحزب الأسلامي , وهو طبيب عسكري برتبة رائد وجرى طرده من الجيش في النظام السابق , وجاء الى العراق بعد الأحتلال , فهذا اللقاء لا يعدو ان يغدو شكلياً لمحاولة إظهار التوازن بين كلا الفريقين غير القابلين للتوازن اصلاً .!
لا شكّ بوجود احتمال اهداف اخرى لوزير الخارجية الأيرانية الى العراق واجتماعه بهؤلاء السادة , وبالرغم من افتقادهم لأيّ دورٍ سياسيٍ على الساحة الأقليمية , لكنّ مهمة بعضهم تقتصر وتنحصر في إيقاف اطلاق صواريخ الكاتيوشا على المصالح الأمريكية في العراق < والتي يترآى وكأنها في اجازةٍ زمنيةٍ ! > حتى الإنتهاء المفترض من مفاوضات فيّنا او تعثّرها ربما .!
تبعات ومضاعفات الفيديو المسرّب من ايران اكبر بكثيرٍ من لقاءات جواد ظريف بالمسؤولين غير الرسميين العراقيين .! وتكاد تمحوها .!