إن هذا العام هو عام خاص بالنسبة للإيرانيين من جميع النواحي. لأن هناك العديد من التطورات المهمة المتعلقة بإيران والتي تحتاج إلى اتخاذ قرار مصيري فيها، وأهمها التطورات التي توشك على الحدوث داخل إيران. فبالتوازي مع تفشي وباء كورونا في إيران الذي يعتبر نظام الملالي هو السبب الرئيسي وراءه ليس إلا، نجد الإيرانيين المطحونين قد عقدوا العزم على الإطاحة بالنظام الديني الحاكم بشتى الطرق مهما كان الثمن. لأنهم يدركون جيدًا أن السبب الرئيسي في كل ما حل بهم من كوارث ومشاكل داخل المجتمع، ومن بينها تفشي وباء كورونا في إيران الذي أسفر عن وفاة 260,000 فرد من أبناء الوطن، هو بالتأكيد نظام الحكم الحاكم المناهض للشعب الذي يسعى كعادته إلى حرمان أبناء الوطن من حقوقهم المشروعة وإطالة عمره المخزي بتلفيق الأكاذيب والقمع وارتكاب الجرائم والنهب والتخريف باسم الدين والمذهب. والإيرانيون، بشهادة التاريخ، أناسٌ يستحقون الحرية والازدهار والرفاهية والتحرر.
والجدير بالذكر أن الاحتجاجات الشعبية مستمرة بوتيرة متصاعدة يوميًا وبأشكال مختلفة، وبطبيعة الحال موحدة الهدف، وتتصاعد روح الغضب والانفجار عنفًا في كل احتجاج ضد نظام الملالي. إن استئناف الإيرانيين وأبنائهم الثوار للانتفاضة للإطاحة بالديكتاتورية الدينية أمرٌ حتمي لا شك فيه، والآن تتجه إليهم معظم الأنظار في العالم، خاصة في منطقة الشرق الأوسط متمنيةً النصر لهم والتخلص من المفسدين في الأرض.
وبناءً عليه، تعتبر انتفاضة الشعب للإطاحة بالديكتاتور هي التطور الذي يحدد مصير التطورات والأزمات الأخرى في إيران، ولا يكمن جوهر القضية في تحديد مصير إيران فحسب، بل في تحديد المصير النهائي للمنطقة برمتها.
وهذا هو المسار الذي نجد فيه على خامنئي وقادة نظامه محبطين وعاجزين عن إجراء مسرحية الانتخابات هذا العام، ولا يمكنهم التستر على عجزهم في هذا الأمر. وقرر الولي الفقيه الحاكم توحيد نظامه الآن. وهذه هي الخطوة التي تعجل من إشعال الانتفاضة، واندلاعها يعني القضاء على هذا النظام الفاشي إلى الأبد، نظرًا لأن الشعب الإيراني أصبح الآن أقوى من أي وقت مضى وازداد أمله في النصر بشكل غير مسبوق في ساحة المعركة ضد الديكتاتور. إذ استطاع جزء كبير من الإيرانيين وأبنائهم الشجعان الأشاوس تسليح أنفسهم. والأخبار التي تنشرها وسائل الإعلام الحكومية حول مصادرة الأسلحة من أبناء الوطن برهان قاطع على هذه الحقيقة. لذلك، فإن المشهد الحقيقي للانتفاضة القادمة مختلف تمامًا ولن يقبل المقارنة حتى بانتفاضة نوفمبر 2019 التي هزت هيكل نظام الحكم الفاشي.
وإذا كانت انتفاضة نوفمبر 2019 استطاعت أن تغير المعادلة العالمية لصالح الشعب والمقاومة الإيرانية، فمن المؤكد أن الانتفاضة القادمة ستؤدي إلى تطورات أهم بكثير في هذا الاتجاه. وليس من فراغ أن يصر علي خامنئي دائمًا في خطاباته الأخيرة على “أحادية قطب نظام الملالي” و “المضي قدمًا في سياسة الانكماش”.
واعترف عارف، أحد قادة الزمرة الحاكمة المغلوبة على أمرها أنهم يشعرون بـ “عدم رغبة أبناء الوطن في المشاركة في الانتخابات”، وهذا الأمر يمثل خطورة كبيرة على نظام الملالي، خاصة وأنهم يراهنون على مشاركة المواطنين منذ بداية الثورة” (10 مارس 2021). ويتناحر ذئاب نظام الملالي في ظل هذا الوضع، على منصب رئاسة الجمهورية لدرجة أن هذا الأمر يواجه مشكلة عشية الانتخابات، ولا يمكن التستر على قلب الحقائق والاختلافات. والصراع هو صراعٌ بين العرابين، ولا أحد ينوي التقصير”. (صحيفة “همدلي” الحكومية، 9 مارس 2021).
نعم، لقد احتدم الاختلاف لدرجة أن العراب الرئيسي لسلطة نظام الملالي الفاشية، أي الولي الفقيه لم يعد قادرًا على أن يطيق الزمرة المغلوبة على أمرها المتمثلة في حسن روحاني والتيار المسمى بالتيار الإصلاحي. وهتف أبناء الوطن في انتفاضة يناير 2018 ضد التياران اللذان كانا ولا يزالا متماسكان في جذور وطبيعة النظام. ورفع المواطنون في انتفاضة يناير 2018 شعار “انتهت اللعبة يا إصلاحي ويا أصولي”.
وأصبح فيروس كورونا الآن، نقطة ارتكاز في يد الديكتاتور ضد أبناء الوطن بسبب طبيعة النظام الحاكم وسياساته المناهضة للبشرية، ورغم أن فيروس كورونا قضى على حياة أكثر من 260,000 فرد من أبناء الشعب الإيراني حتى الآن، بيد أنه لن یمر وقت طویل حتى تتم الإطاحة بهذا النظام الفاشي بعزيمة وإصرار الشعب الإيراني والعالم، وستكون المواجهة شرسة مرة أخرى بين الشعب والديکتاتور. وهذه هي الحقيقة المروعة للنظام الحاكم في إيران إلى حد بعيد.
وبناءً عليه، ستجرى مسرحية انتخابات هذا العام في جو من البرود وستشهد ركودًا غير مسبوق مقارنة بالانتخابات التي أجريت على مديى الـ 4 عقود الماضية، على حد تعبير وسائل إعلام نظام الملالي. (صحيفة “مستقل”، 17 أبريل 2021). وتمكن أبناء الوطن من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي بشتى الطرق، على الرغم من ضغوط نظام الملالي وتهديداته بالموت، مما أدى إلى إطلاق العديد من الدوائر الإلكترونية بأمر من علي خامنئي لعرقلة المواطنين عن استخدام هذه الشبكات.
والجدير بالذكر أن الإيرانيين إما أنهم معرضون للإصابة والوفاة بوباء كورونا الآن أو أنهم مسجونون وتحت التهديد، أو أنهم عاطلون عن العمل ويصارعون الفقر، حيث أن 50 في المائة من أبناء الشعب الإيراني يعيشون تحت خط الفقر على حد تعبير وسائل إعلام هذا النظام الفاشي أو أنهم غادروا البلاد بسبب القمع والكبت ويعيشون مشردون في الغربة. وبالإضافة إلى ذلك هناك العديد من الظواهر الاجتماعیة التی أثرت بشکل أو بآخر على کل أسرة. لذا فمن الطبيعي أن تكون الرغبة الأساسية للشعب الإيراني هي إسقاط هذا النظام الفاشي.
ويتزامن هذا المشهد المؤلم حقًا مع الجهود العبثية التي تبذلها الزمر القمعية المفترسة الحاكمة التي لا تهتم إلا ببقائها وبقاء نظامها الفاشي. وألقى كل واحد منهم بمخالبه القذرة على رأسمال بمليارات الدولارات ولم يكتفوا بذلك أيضًا، ويبادرون ببيع مياه إيران وأرضها ورؤوس أموالها، ويبرمون عقودًا بعشرات ومئات المليارات من الدولارات مع الدول الأجنبية. لذلك، فإن الحق المشروع للشعب الإيراني هو الانضمام للمقاومة الإيرانية للإطاحة بهذا النظام المناهض لأبناء الوطن والوطنية، واستخدام شتى الطرق الممكنة للقضاء عليه إلى الأبد.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.