خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
وصف الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، مذابح الأرمن، عام 1915م، على أيدي القوات العثمانية: بـ”الإبادة”، الأمر الذي أثار عصبية الأتراك؛ ورفع مستوى التوتر بين “أنقرة” و”واشنطن”.
تأتي هذه الخطوة الرمزية، بعد عقود من مساعي، “الولايات المتحدة”، للاستفادة من أساليب أكثر تحفظًا حيال هذه المسألة. وهذه الخطوة؛ وإن ضاعفت الاختلافات بين عضوي حلف الـ (ناتو)، لكنها ساهمت للوهلة الأولى في توطيد اللحمة بين الحكومة التركية وفصائل المعارضة.
فلقد أبدى الأتراك، سواء من أنصار حكومة “إردوغان” أو من المعارضة، رد فعل على هذه الخطوة ووصفوها: بـ”غير المنطقية”.
ويُثير هذا الإجراء، الذي سبق وأن رفضه رؤساء “الولايات المتحدة” السابقين، مثل: “باراك أوباما”؛ و”دونالد ترامب”، الأسئلة عن أسباب تبني، “بايدن”، هكذا توجه ضد الدولة التركية؛ في أول إجراء دبلوماسي ؟!. بحسب صحيفة (وطن آمروز) الإيرانية.
خلافات “أميركية-تركية”..
والإجابة تتطلب النظر في الخلافات القديمة بين البلدين. فقد اختلف عضوي حلف الـ (ناتو)، في السنوات الأخيرة؛ بشأن الكثير من القضايا الإقليمية والعسكرية؛ على شاكلة شراء منظومة (S-400) الروسية، والتواجد التركي العسكري في “ليبيا”، ومساعي “تركيا” الأخيرة بخصوص دعم “المملكة العربية السعودية” في حرب “اليمن”، بالتوازي مع مساعي إدارة “بايدن”؛ لإنهاء هذه الحرب وسحب القوات الأميركية، بخلاف جميع القضايا التي تضع، “أنقرة”، في مواجهة الديمقراطيين بـ”البيت الأبيض”.
والواقع أن بيان “بايدن”، الذي يصف مذابح الأرمن: بـ”الإبادة الجماعية”، هو بمثابة خطوة أولية في برنامج الإدارة الأميركية الخاص بـ”تركيا”.
وكان “بايدن” قد وعد، في حوار مطول مع صحيفة (نيويورك تايمز)، أثناء مارثون المنافسات الانتخابية، عام 2020م، بدعم المعارضة التركية؛ في هزيمة “إردوغان”، ووصفه: بـ”السلطوي”، وانتقد بقوة التقارب “التركي-الروسي”.
ويتضح من الحواء؛ أن “بايدن”، قد دعا للإطاحة بالحكومة التركية. في المقابل، انتقد المسؤولون، في “تركيا”، ووسائل الإعلام بل وبعض أعضاء المعارضة؛ هذه التصريحات واعتبروها نموذج واضح على التدخل الكامل في الشأن الداخلي التركي. مع هذا لم تمنع، هذه الانتقادات، “بايدن”، من تكرار مساره القديم تجاه “تركيا”، بعد الفوز بالرئاسة.
تركيا و”بايدن”..
لقد عارض “بايدن”، “تركيا”، حتى عندما كان سيناتور بـ”مجلس الشيوخ” الأميركي، وطالب بإجراء المزيد من الإصلاحات؛ حتى يتسنى للدولة التركية الإنضمام إلى “الاتحاد الأوروبي”، ولطالما اقترح على الأوروبيين بعدم قبول “تركيا” في الاتحاد؛ طالما لم تحدث إصلاحات سريعة.
وفي آتون الخلاف، “التركي-القبرصي”؛ كان يدعم الطرف الأخير، ويتهم “تركيا” بانتهاك القوانين الدولية.
مع هذا؛ أعلنت الحكومة التركية أن اللويبهات تمنع، “بايدن”، من رؤية الوقائع على حقيقتها. وفي العام 2008م، وعندما قرر “أوباما” اختيار، “بايدن”، كنائب أول، تعاملت وسائل الإعلام التركية مع الأمر ببرود، وقالت: “من المقرر أن يكون عدو تركيا؛ نائب رئيس الولايات المتحدة”.
ووجهت إليه تهمة التورط في تفعيل “العقوبات الأميركية”، على “تركيا”، عام 1974م، بعد هجومها على “قبرص”.
تحسن العلاقات نسبيًا في عهد “ترامب”..
ومع صعود، “دونالد ترامب”، إلى السلطة، تحسنت علاقات البلدين نسبيًا. فقد أدار صهرا الرئيسين، العلاقات التجارية، خلف ستار السياسة، ولذلك وافق “ترامب” على بقاء القوات العسكرية التركية في شمال “سوريا”.
آنذاك؛ وصف “بايدن”، في لقاء تليفزيوني، هذا الإجراء: بـ”خيانة” الأكراد، وعبر عن قناعاته بضرورة بقاء القوات الأميركية في شمال شرق “تركيا”. لكن “ترامب”؛ لم يعبأ بتلكم الانتقادات، وأعلن في اسناد مهمة مكافحة (داعش) والعناصر الإرهابية في الشمال السوري إلى نظيره التركي.
الديمقراطيون وراء تركيا بالمرصاد..
المشكلة التالية، التي ساهمت في تكرار اسم: “بايدن”، بوسائل الإعلام التركية، انتقاده قرار “إدوغان”، بخصوص تحويل “آيا صوفيا” إلى مسجد.
لقد تحمل الديمقراطيون، مدة 4 سنوات، الكثير من تسهيلات “ترامب” إلى، “إردوغان”، لكن يبدو أن الإدارة الأميركية الحالية؛ تضع على جدول أعمالها، للسياسة الخارجية، المزيد من الخطوات على مسار المواجهة ضد “أنقرة”.
ويميل الديمقراطيون، وبخاصة في “الكونغرس” الأميركي، من تحذير “إردوغان” من مغبة شراء منظومة (S-400) الروسية، من خلال فرض عقوبات (كاتسا) على “تركيا”، وقد تكون هذه الخطوة التحذيرية جزء من سياسات الإدارة الأميركية.
ورغم أن “بايدن”، كان أول سياسي أجنبي يزور “تركيا”، للقاء “إردوغان”، بعد محاولة الانقلاب، عام 2016م، وتأكيده مؤخرًا، في حوار مع نظيره التركي؛ على أهمية توطيد العلاقات بين البلدين، لكن يبدو أنه يعتزم هذه المرة أن يشهر السيف في وجه “إردوغان”.
يُذكر أن الصراعات السياسية، بين “الولايات المتحدة” و”روسيا”، أجبرت “إردوغان”، في النهاية على الاختيار بين هاتين القوتين لإتمام صفقة أسلحة.