خاص: كتبت- سماح عادل
فيلم “الورشة” فيلم مصري صدر في عام 1940، يحكي عن قيمة العمل الجاد، وينتقد التأثر بالغرب بالنسبة لأخلاق المرأة.
البداية..
يبدأ الفيلم بسفر الأسطى علي والذي يقوم بدوره “استيفان روستي” بصحبة أحد البشوات ورفاقه في رحلة إلى الصحراء، حيث يمتلك الأسطى علي ورشة لتصليح السيارات ولديه زوجة وابن، ويترك زوجته وابنه وأمه في عهدة اخو زوجته الشاب الذي يقوم بدوره “أنور وجدي”، ثم تأتي الأنباء في الراديو عن فقدان الأسطى علي في الصحراء رغم نجاة باقي من ذهبوا إلى الرحلة، وترضى زينب زوجته والتي تقوم بدورها “عزيزة أمير” بنصيبها وترفض أخذ المال من الباشا كتعويض عن فقدان زوجها.
ويدير الأسطى عباس الورشة بعد اختفاء الأسطى علي لكنه لا يكون أمينا ويسرق الأموال من الورشة ليسهر ويشرب الخمر، ولا يهتم بإعطاء العمال أجورهم مما يؤثر على العمل في الورشة، ويهرب الزبائن ويهدد العمال بترك العمل، وحين تعرف زينب بكل ذلك من الأسطى حسن الذي يعمل في الورشة تعطيه ذهبها ليعطي للعمال أجورهم، ثم تنزل في اليوم التالي لتبلغ العمال أنها ستدير الورشة بدلا من أخيها عباس.
العمال وصاحب العمل..
وأنها ستتعاون مع العمال ويعملوا جميعهم سويا لكي تظل بيوتهم مفتوحة، في حديث يجعل للعمال حقوق مساوية لصاحبة الورشة، وكأن الفيلم يؤكد على المساواة بين العمال وأصحاب الأعمال، ويسمى العمال زينب الأسطى زهزه بعد أن رأوها ترتدي أفرول العامل، ويتشجع العمال ويعملون بجد وتستعيد الورشة زبائنها والعمل يكثر فيها، وتتعامل زينب مع الزبائن كرجل اسمه الأسطى زهزه.
وكأن عمل المرأة في ورشة في ذلك الوقت كان أمرا معيبا اجتماعيا ولا يصح لذا تنكرت في زي رجل، وكان أحد الزبائن هو المهندس أحمد الذي يقوم بدوره “محمود ذو الفقار” حيث يأتي مع خطيبته رفيعة لتصليح السيارة ويعجب بهمة وحماس الأسطى زهزه.
فساد المدنية..
ثم تنتقل الكاميرا لبيت رفيعة والتي تقوم بدورها الممثلة “نجمة إبراهيم” فنجدها تتحدث بكلمات مختلطة بين اللغة العربية والفرنسية، وينزعج والدها الباشا من ذلك قائلا لها أنها لابد وأن تنطق الكلمات باللغة العربية، ونشاهد أمها تلعب الورق مع صديقاتها، ثم يأتي المهندس أحمد ليصطحبها إلى إحدى الحفلات ويشير إلى فستانها المكشوف من الظهر موضحا لها أنه لا يصلح خاصة وأن والدته محافظة وستأتي معهم، وترفض رفيعة ملاحظة المهندس أحمد وتقول لها أنها ستخرج مع ابن عمها الذي يقوم بدوره “عبد السلام النابلسي” لكنه يرفض خروجها مع ابن عمها مؤكدا لها أنها لا يجب أن تخرج مع أحد سوى خطيبها.
ويتدخل الباشا والد رفيعة مناصرا لأحمد في حين تتدخل والدتها رافضة لراي أحمد فينفعل الباشا على زوجته ذاكرا أنه مل من فرض رأيها وسيطرتها، وأنه يرفض تحويلها المنزل إلى “كلوب” بلعب الورق وتواجد صديقاتها طول الوقت ويهدد زوجته وابنته بالعصا، وحين يساعده أحمد على الجلوس ويعتذر له لأنه سبب تلك المشكلة يقول له الباشا أنه سعيد أنه استطاع إخافة زوجته مرة قبل موته، مؤكدا لأحمد أنه يرفض المدنية التي تقول ابنته وزوجته أنهما متمسكتان بها، وأن تلك المدنية أفسدت ابنته طالبا منه أن يتزوج من فتاة أخرى تراعي زوجها وحقوقه.
يمتنع أحمد عن مقابلة رفيعة فتذهب إليه للعمل لتعرف السبب وهي تشك أنه يعرف امرأة أخرى، وتفتش في مكتبه وحين يقول لها أنهما مختلفان لا تصدق فيقول لها أنه سيرجع لكن بشرط أن تكون مطيعة له.
فتقول رفيعة إنها ليست متمردة لكنها ترفض أن يحرمها من الحرية التي حصلت عليها وترفض أن يفرض عليها شروطا وتتركه وترحل.
الأسطى زهزه..
ويستعد أحمد للسفر إلى الإسكندرية ويرسل السيارة للورشة للتجهيز وحين يعرف أن الأسطى زهزه سيسافر أيضا إلى الإسكندرية يعرض عليه صحبته، وتقف العربية في الطريق ثم تصطدم سيارة بأحمد فيضطر الأسطى زهزه البقاء معه في الرست هاوس ويرعاه، وهو خائف من أن ينفضح أمره ويعرف أحمد أنه امرأة فينام على كرسي مواجه للسرير الذي ينام عليه أحمد.
لكن أثناء النوم يظهر شعره ويستيقظ أحمد ويعرف أنه امرأة لكنه لا يخبره أنه عرف، ويتردد على الورشة كثيرا بسبب شعوره بالانجذاب نحو زينب، فيعترض بعض العمال على ذلك محرضين عباس على إرجاع أخته إلى البيت وطردها من رئاسة الورشة، ويفتعل العمال مشاجرة مع أحمد ويساندهم الأسطى عباس ويصاب ابن زينب أثناء المشاجرة، ثم يعرف أحمد من الأسطى حسن حكاية زينب وتنكرها في شكل الأسطى زهزه.
حب وفراق..
ويصرح أحمد لزينب بحبه ويتفقان على الزواج، لكن أخوها عباس يظل في موقفه المتعنت، ويستعين برفيعة ويذهب إلى منزلها فتكيد رفيعة وتوهم زينب أن أحمد لا يحبها وأنه يسخر منها، فتطرد زينب أحمد حين يذهب لمنزلها لإتمام الزواج.
فيذهب أحمد إلى الجيش متطوعا ليخدم بلده، كما يستفيق عباس ويتطوع هو أيضا للجيش، وهناك يرصد الفيلم الجيش وملابس الأفراد وكيف يعيشون في خيام في الصحراء، ويعترف عباس لأحمد ما بفعله هو ورفيعة فيمرض أحمد وتذهب زينب لرؤيته بعد أن يصارحها عباس أيضا، ويقرران الزواج أخيرا بعد أن يتعافي أحمد، ويوم الزفاف يظهر زوجها علي فجأة، وتسأل زينب أحمد ماذا تفعل، فيقول لها أنه سيظل يحبها طوال عمره لكن لابد وأن يحكما ضميرهما وتعود زينب لزوجها لأجل ابنها وينتهي الفيلم.
المرأة الشريفة..
الفيلم بسيط وبدائي، ومتناسب مع كونه من أفلام بدايات السينما في مصر، يستخدم فكرة تنكر المرأة في هيئة رجل مثل فيلم “بنت الباشا المدير” لآسيا الذي أخرج قبله، لكي تستطيع المرأة العمل بحرية، مما يعني أن مجالات العمل لم تكن مفتوحة جميعها أمام المرأة، خاصة العمل وسط العمال في ورشة، لكن مع ذلك نستنتج أن السيدات كانت تقوم ببعض الأعمال فقد قدمت رفيعة زينب لأمها حين أتت إلى منزلها، قدمتها على أنها سيدة تعمل خياطة ولديها محل وأنها درست في باريس مما يكشف أن السيدات من الطبقة العليا كان مسموح لهن القيام بالعمل في بعض الأعمال.
كما طرح الفيلم وجهة نظر محافظة أقرب إلى التخلف، وهذه الأفكار للأسف تخلدت في السينما المصرية، وأصبحت الأفلام تتنافس على تجسيدها، وهي أن المرأة الشريفة هي المرأة المطيعة للرجل والتي تسعى لإرضائه والتي توافق على كل آراءه وتسير وفق ما يخطط لها من مسار، أما المرأة التي تنادي بالحرية فهي امرأة سيئة لا تصلح للزواج، تلك المرأة التي تأثرت بأفكار الغرب والتي يسميها الباشا مدنية، والتي اعتبرها الباشا فسادا لابنته وزوجته، وكانت رفيعة امرأة سيئة لأنها رفضت شروط أحمد ورفضت أن تخضع لسيطرته وسلطته ولأنها متأثرة بالغرب في الملابس والعادات.
كما مجد الفيلم الجيش والملك فاروق، حتى أن هناك حائط مكتوب عليه يحيا الملك، كما تخللت الفيلم بعض الأغنيات المغناة بالطريقة القديمة وبأصوات عذبة. كما طرح الفيلم قضية هامة بشكل سريع جدا ولم يعطها حقها وهي حق الزوج العائد في زوجته، وهل من حقها أن تتزوج بآخر حينما يغيب وقتا طويلا، ولأن الفيلم يدعم الرأي المحافظ كانت النهاية أن تضحي زينب بحبها لأحمد وتعود لزوجها لأجل ابنها، رغم أنها أصبحت تحب رجلا آخر غير زوجها ورغم أن زوجها نفسه فكر في الرحيل حين وجدها قررت أن تتزوج برجل آخر. ومن هنا يتضح لنا دور السينما المصرية منذ بدايتها في تدجين المرأة، وتسييد الآراء المعادية لحقوق المرأة وحريتها، وتصوير المرأة التي تؤمن بحقوقها وحريتها امرأة شريرة ومتسلطة.
الفليم ﺗﻤﺜﻴﻞ (عزيزة أمير- أنور وجدي- عمر وصفي- عبد السلام النابلسي-محمود ذو الفقار- إستيفان روستي- سرينا إبراهيم- نجمة إبراهيم- ثريا فخري- حسن مختار صقر- ممدوح ذو الفقار (طفل)- عز الدين ذو الفقار). ﺩﻳﻜﻮﺭ”محمد كامل”، ﺗﺼﻮﻳﺮ “أرام ماراليان” مهندس اﻹضاءة “فرانسوا فاركاش”، ﺗﺄﻟﻴﻒ “عزيزة أمير” قصة وسيناريو وحوار “محمود ذو الفقار”، إخراج “إستيفان روستي”. إنتاج “ايزيس فيلم”.