خاص : كتبت – نشوى الحفني :
من “سوريا” إلى “إسرائيل”؛ إنطلاق متبادل للصواريخ، فالأولى أطلقت صاروخًا وقع قرب مفاعل (ديمونة)، إنطلقت حوله الكثير من الفرضيات والتساؤلات حول ما إذا كان مقصودًا أم لا ؟، والثانية ردت بإطلاق صواريخ، من جانبها، رغم عدم استطاعتها اعتراض الأول.
صافرات الإنذار دوت قرب مفاعل (ديمونة) النووي الإسرائيلي، ثم أوضح الجيش الإسرائيلي أن الدفاعات الجوية السورية أطلقت: “صواريخ من طراز (إس. إيه-5)؛ عدة باتجاه طائرات إسرائيلية كانت تقوم بنشاط أمني في الشطر السوري من هضبة الجولان”.
وأضاف الجيش الإسرائيلي أن أحد الصواريخ أخطأ هدفه وأنزلق نحو الأراضي الإسرائيلية، وسقط في منطقة “النقب” الجنوبية.
أفاد الجيش الإسرائيلي أيضًا؛ أن التحقيقات الأولية أظهرت أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية: “لم تنجح” في اعتراض الصاروخ الطائش، وشددت على أن الحادث لم يُسفر عن أي خسائر مادية أو بشرية، كما لم يصب مفاعل (ديمونة) النووي، ولم يقترب منه حتى.
لكن المصادر الإسرائيلية أعلنت أنه سيجري تحقيق في فشل التصدي للصاروخ.
رد بإطلاق صواريخ في العمق السوري..
وردًا على الهجوم، أعلن الجيش الإسرائيلي أن قواته قصفت بطارية الصواريخ المعينة، بالإضافة إلى بطاريات صواريخ (أرض-جو) أخرى في العمق السوري.
ولم تعلق “سوريا” على الصاروخ، الذي تقول “إسرائيل” إنه إنطلق من أراضيها، لكنها أقرت بإصابة بعض جنودها في الهجوم الإسرائيلي المضاد؛ الذي استهدف مناطق في ضواحي العاصمة، بينما أفاد “المرصد السوري” أن ضابطًا سوريًا قد قُتل.
وأكدت “دمشق”، كالمعتاد، أن دفاعاتها الجوية تصدت لمعظم الصواريخ المعادية.
رد على هجوم “نطنز“..
وسط المشهد، تتحدث وسائل إعلام إيرانية عن أن استهداف منشأة (ديمونة) الإسرائيلية: “رد من إيران”، بعد الهجوم على (نطنز)؛ بمنطق “العين بالعين”، ولكن لا تأكيد إيرانيًا رسميًا في هذا الشأن.
غير متعمد ويعكس عدم كفاءة الجيش السوري..
وإزدادت التكهنات حول ما حدث، فنقلت وكالة (رويترز)، عن جنرال أميركي قوله؛ إن: “الضربة السورية داخل إسرائيل؛ لا تبدو متعمدة وتبين عدم كفاءة الجيش السوري”.
وقال قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال “كينيث ماكينزي”، خلال جلسة للجنة القوات المسلحة بـ”مجلس الشيوخ”: “أعتقد أنه يعكس عدم كفاءة في الدفاع الجوي السوري. لا أعتقد أنه كان هجومًا متعمدًا”.
يُظهر نقاط ضعف الدفاعات الجوية الإسرائيلية..
وقال الكاتب والمحلل السياسي السوري، “د. علاء الأصفري”؛ إن: “هناك نظريتين، الأولى أنه من الممكن أن يكون صاروخ دفاع جوي تائه، حيث كان يُلحق بإحدى الطائرات المتجهة إلى المواقع السورية. والنظرية الثانية: هي أن يكون هذا الصاروخ مقصودًا يذهب لمدى بعيد. وفي كلتا الحالتين؛ هذا يظهر أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية لديها نقاط ضعف وتستطيع الصواريخ السورية الوصول لأي مكان في الأراضي المحتلة، وإن كان ذلك حدث عن طريق الخطأ، فهذا يعني أن الدفاعات الجوية الإسرائيلية غير متمكنة مما سبب قلقًا كبيرًاً”.
وأضاف “الأصفري”؛ أن: “اختراق صاروخ سوري، للدفاعات الإسرائيلية، يعني ثلاثة أمور، الأول: أن كل العنجهية الإسرائيلية، بأن سماء فلسطين المحتلة مغلقة بالكامل، حتى كانوا يفتخرون بأنهم يستطيعون صيد ذبابة في الجو، والأمر الثاني: هو أن سوريا جادة في مسألة ردع العدوان الإسرائيلي المتكرر، منذ 2011، على سوريا دعمًا للإرهاب، ودعمًا لعدم استقرار سوريا، والأمر الثالث: والأهم بأننا نقترب من أبواب الحرب؛ وسوريا مستعدة لكل الاحتمالات، وبأن تخوض حربًا شرسة بآلاف الصواريخ ضد إسرائيل، حيث تغيرت قواعد اللعبة والاشتباك، وأصبح الموضوع أكثر خطورة بالنسبة للكيان الإسرائيلي، الذي هزه صاروخ”.
توجد حدود للكفاءة..
واتفق معه الخبير العسكري والإستراتيجي، “د. فايز الدويري”، بقوله إنه: “لا يمكن تحقيق الأمن المطلق، فقد تكون هناك حدود للكفاءة، وهذه الحدود تختلف من مجال إلى آخر، فعندما نتحدث عن منظومة الدفاع الجوي فقد تكون كفاءة المنظومة: 60 أو 70 أو 80% أو 90%، وعندما تصل إلى كفاءة بنسبة 90%؛ فهذا يعتبر أمر ممتاز، ولكن تبقى هناك 10% ثغرات قد تكون قاتلة. وبالتالي، وصول الصاروخ السوري إلى إسرائيل كشف ثغرة في المنظومة الإسرائيلية التي كثر الحديث عنها، والتي تتفاخر إسرائيل بها وبأنها تمتلك درعًا حديديًا يمنع الاختراق، ولكن جاء صاروخ قطع 200 كيلومتر في أجواء فلسطين المحتلة؛ لم يتم إكتشافه أو إطلاق صافرات الإنذار وفشل التعامل معه. وكان قد سبق ذلك بسنوات طائرة (درون) بدائية جدًا إنطلقت من لبنان ووصلت إلى (ديمونة)، فهذه الاختراقات لأنها جاءت بعد حملة إقناع كبيرة جدًا أن منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية متميزة جدًا، خاصة أنهم يملكون ثلاثة منظومات إسرائيلية معززة بصواريخ (الباتريوت) وهذا سبب التركيز على ذلك”.
استبعاد فرضية القصد السوري..
كما رأى الخبير السوري في الشؤون العسكرية، العميد المتقاعد “تركي حسن”، أن النتائج التي ظهرت بعد إطلاق الصاروخ السوري باتجاه مفاعل (ديمونة)، في “إسرائيل”، طرحت تساؤلات حول جاهزية “إسرائيل” للتصدي للصواريخ.
واستبعد “حسن” احتمال أن تكون “سوريا” قد قصدت استهداف مفاعل (ديمونة)، حيث قال: “عندما تريد القيادة السورية ضرب مفاعل (ديمونة)؛ لا يمكن أن تستخدم صاروخ دفاع جوي، وإنما صاروخ (أرض-أرض)”.
وأضاف أن: “التحليلات التي صدرت، بعد إطلاق الصاروخ؛ ذهبت مذاهب شتى في عدة اتجاهات، ولكن حتى الآن ما هو معروف أن الصاروخ هو دفاع جوي، والنتائج تطرح تساؤلات حول جهوزية إسرائيل للتصدي للصواريخ، هنا يكمن السؤال”.
وحول التصريحات الإسرائيلية عن أن ضرباتها في “ريف دمشق”؛ جاءت ردًا على إطلاق صاروخ من الجانب السوري، أشار “حسن”؛ إلى أن: “الروايات الإسرائيلية وتبريراتها لا يعول عليها”.
وأوضح أن: “الصاروخ السوري؛ جاء ردًا على الطيران الإسرائيلي، وإسرائيل ليست بحاجة لعذر لتنفيذ ضرباتها ضد سوريا؛ فمن بداية العام وحتى الآن، نفذت 8 هجمات وبالعام الماضي 41 استهدافًا”.
بقصد تخفيف الضربات الإسرائيلية على القوات الإيرانية في سوريا..
قال اللواء “محمد الشهاوي”، الخبير العسكري ومستشار أكاديمية “ناصر” العسكرية؛ إن الصاروخ الذي أطلق من “سوريا”، تجاه منطقة “النقب”، في “إسرائيل”، هو صاروخ (أرض-أرض).
وأوضح في تصريحات لـ (RT)؛ أن: “القصد من إطلاقه؛ تخفيف الضربات الجوية الإسرائيلية، التي تُنقذ بشكل مستمر على الأراضي السورية، خاصة مناطق تموضع القوات الإيرانية في سوريا”.
وأشار “الشهاوي”؛ أن: “الضربات الإسرائيلية المتكرة؛ تستهدف القيادات الإيرانية داخل سوريا، وتدعم نفوذ جماعات إرهابية؛ مثل: (جبهة النصرة)، التي تحارب النظام السوري، ولو بشكل غير مباشر”.
وعن إمكانية وصول صاروخ لمفاعل (ديمونة)، أكد اللواء “محمد الشهاوي”؛ أن: “منطقة (ديمونة) محصنة بشكل جيد جدًا؛ ومن الصعب استهدافها بصاروخ واحد، أو تدمير المفاعل النووي”.
في إطار الدعاية الإيرانية..
ولو حدث ذلك؛ فمعناه انتشار السحابة النووية، التى ستصيب كل دول المنطقة بلا استثناء، موضحًا أن: “حديث الإعلام الإيراني عن أن الصاروخ من طراز (الفاتح)، وأنه كان من الممكن أن يصل لمفاعل (ديمونة)؛ هو من وجهة نظري من قبيل الدعاية فقط”.
ونوه بأن: “إيران لو كان لديها القدرة على الوصول لـ (ديمونة)؛ لفعلت ذلك”، مشيرًا إلى أن تدمير المفاعل يحتاج رشقات متتابعة من الصواريخ. وأضاف أن هناك ثغرات ولا شك فى المنظومة الدفاعية الإسرائيلية التى لا تستطيع تحمل ضربات متزامنة من الصواريخ.
يفتح شهية إيران في تكرار الموضوع عن عمد..
وقال اللواء “سمير راغب”، الخبير العسكري، لـ (RT)، إن: “مفاعل (ديمونة)؛ له منظومة دفاع جوي خاصة بتوفير الحماية والوقاية، تتعامل مع أي هدف يقترب من دائرة التهديد، دون تحقق، سواء كان هدف صديق أو معادي وقد سبق أن أسقط طائرة إسرائيلية دخلت الدائرة عن طريق الخطأ”.
وتابع: “تتكون منظومة الدفاع الجوي من عدة طبقات من الحماية تغطي كافة الارتفاعات ومسافات الإقتراب، (الباتريوت، مقلاع داود، خيتس-2)، (السهم)، تغطي كافة القطاعات والأهداف الحيوية في إسرائيل، بالإضافة للدفاع الجوي العضوي الخاص بكل هدف حيوي”.
وأكد أنه: “بالإضافة أن تصميم المفاعل النووي؛ يوفر معامل أمان حتى في حالة سقوط صاروخ تقليدي، أو تدمر طائرة في جدران أو أسطح المفاعل، فصاروخ (باليستي) أو دفاع جوي واحد لا يدمر المفاعل النووي”.
وأشار إلى أن: “الصاروخ السوري صاروخ (طائش)، إنزلق إلى هذه المنطقة بدون عمد أو نوايا مسبقة، وما حدث هو شيء نادر ويصعب تكراره بنفس الطريقة، فقد تخطى الصاروخ الروسي (SA-5)، أقصى مدى متعارف علية ليصل لمدى 280 كم، ولم يتم اعتراضه في مدى 90 كم شمال (ديمونة)، رغم رصده وإنطلاق صافرات الإنذار”.
وأشار إلى أن: “أهم ما في الموضوع؛ كشف نقطة ضعف لدى الدفاع الجوي الإسرائيلي، قد تفتح شهية إيران ووكالاتها في تكرار الموضوع عن عمد، وخاصة أن إيران لها تجربة مع الحوثيين في تحويل صواريخ دفاع جوي روسية (سام-2)، و(سام-3)، (دافينا وبتشورا)، إلى صواريخ (أرض-أرض)، أو استخدام صواريخ (باليستية) إيرانية للاستهداف المستمر لأهداف داخل العمق الإسرائيلي على طريقة الحوثيين والسعودية، الذي سوف يزيد من حالة الصراع وقد ينزلق لصراع أكبر، ويتحول من صراع متقطع منخفض الحدة، إلى صراع مستمر منخفض أو عالي الحدة، حال إقدام إسرائيل على استهداف العمق الإيراني، الذي قد يشعل المنطقة ويدخل أو أطراف إقليمية ودولية في الصراع”.