تستمر جولة المحادثات في فيينا، بين إيران من جهة ،وبين أمريكا والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى، حول عودة أمريكا الى الاتفاق النووي الايراني،وكيفية إخضاع إيران للشروط الأمريكية والاوربية ، لإحياء الاتفاق ،في حين تصرّ ايران على الموافقة على الشروط مقابل رفع كلّي للحصارالمفروض عليها، وبقية العقوبات الأخرى،ولكن هل تتوقف الموافقات عند هذا الحدّ ، دون مناقشة الاوضاع الحربية في الشرق الاوسط،، وقضايا مصيرية بالنسبة لإيران،ترفض نقاشها، مثل إنهاء حرب اليمن،وإعادة الشرعية للحكم، ونزع سلاح ميليشيا الحوثي وحزب الله ، وحلّ الحشد الشعبي في العراق ،وتسليم السلاح المنفلّت ،الخارج عن القانون ، الذي تمتلكه ميليشيات ولائية،تأتمربأوامرالمرشد الاعلى الايراني،وسحب إيران فصائلها المسلحة من سوريا،كل هذه الملفات هي من يعرقل سير المفاوضات ، وربما يفشلها في مرحلة لاحقة،وهي ملفات إستراتيجية، شديدة الاهمية، ليس لأمريكا فحسب، وإنما للدول الاوروبية ، ولكن تعنّت وإصرار إيران على رفض النقاش بهكذا ملفات، يجعل من التوافق وإنجاح مؤتمر فيينا مستحيلاً،ولكن على ماذا تستند إيران على عنادها، وتسويفها وتضليل الرأي الامريكي والاوروبي، بهكذا مفاوضات ، هي تعلم أنها لن تصل الى نتيجة ، من المؤكد،أن تسويف ومماطلة إيران في المفاوضات، هو لكسب الوقت، لإعلانها أيران دولة نووية ،معتمدة الى الدعم الكبير، الذي تقدمه لها الصين ،بوصفها العدو اللدود لأمريكا، وروسيا لتقاسمها التواجد في الاراضي السورية ، لمواجهة تظيم داعش وتركيا هناك، في حين الدعم الكوري الشمالي من أجل اكمال برنامج إيران النووي، إذن إيران، لا تريد التفاوض من أجل التفاوض، وإنما من أجل تحقيق عدة منجزات في وقت واحد، ومن هذه الانجازات التي تعوّل عليها ،وتعتبرها خطاً أحمر، هو الفصائل الولائية ، ذراعها العسكري في المنطقة،في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن،وهذه الفصائل، هي من يقاتل عنها بالأنابة الآن في المنطقة، وهو مَن يصرّ على طرد القوات الامريكية ،وغلق قواعدها في العراق، من خلال القصف اليومي على القواعد والمعسكرات والسفارة ومطاري بغداد واربيل وغيرها،وهذا ما يؤرق الادارة الامريكية،ويجبرها على سحب قواتها من العراق، ولو على مراحل ،تبقى قضية اسرائيل، والصراع معها،حيث تتصاعد حدة التهديدات ،الى اقصاها، بل تنذر بحرب في الخليج،كما حصل في ضرب متبادل للناقلات في عرض الخليج العربي وباب المندب، وقصف مفاعل ديمونا ، وقصف سيبراني لمفاعل نطنز، وإغتيال أبو القنبلة النووية فخري قطب زادة، وهكذا ، حتى أن الخلافات بين إسرائيل وإدارة بايدن حول هرولة أمريكا ،للتفاوض مع إيران في فيينا وصفته بأنه مهين، كما أعلنت أسرائيل أنها غير ملتزمة به، وستواجه أنشطة إيران النووية، وتعمل بكل قوتها على إيقافها ومنعها من إمتلاك السلاح النووي ،مهما كلف الأمر، الأمر إذن أخطر من مؤتمر فيينا، وبايدن يعطي تنازلات غير مسبوقة لطهران، مقابل لاشيء من قبل إيران، وهذا بحد ذاته إنتصاركبيرلإيران وهزيمة لأمريكا ،على الصعيدين السياسي والعسكري،والدليل تصريحات المسؤولين في إدارة بايدن ،حول تسجيل تقدم خجول وملحوظ في المفاوضات،وتسريبات أوربية بتقديم إدارة بايدن تنازلات حقيقية، للوصول الى رفع كلي للحصار التأريخي، ولكن ، وهذا هو المهم، أن ادارة الرئيس بايدن تواجه رفضاً كبيراً في الكونغرس الامريكي، حول رفع الحصار عن إيران ،والذي يرفضه الحزب الجمهوري بشكل قاطع،وهو ما يعقد تلك المفاوضات ،ويفشل جولاتها،حتى أن قائد الجيوش الامريكية الجنرال ماكانزي، أعلن أننا باقون في العراق ، لا أنسحاب لامريكا منه ، والمعركة مع تنظيم داعش لم تنته بعد، وأن العراق سيشهد دماءا كثيرة، وهو يعي مايقول،أن الادارة الامريكية ،ينتظرها عمل مهم وكبير في العراق، هو إنجاح الإنتخابات ، وإنهاء خطر السلاح المنفلّت ،المتمثّل باللادولة ،وهذا التصريح يتطابق مع توجه حكومة الكاظمي، وتصريحاتها ، حول ضرورة إعادة هيبة الدولة، وفرض القانون ،وإنهاء مهزلة السلاح الخارج عن القانون، وتنمّر الفصائل الولائية ضد الدولة، والتي كان آخرها الإستعراض العسكري الإستفزازي في شوارع بغداد،وكأنها دولة داخل دولة،حتى أصبح بعض السياسيين يسمّونها دولة الميليشيات، وهذا مصطلح إستفزازي لحكومة الكاظمي، ولإدارة الرئيس بايدن، وسط إصرار الأحزاب الولائية في البرلمان،على طرد القوات الامريكية من العراق، وكذلك تصريحات قادة إيران، بأن العراق لايستقر بوجود جيوش وقواعد عسكرية أمريكية،بإختصارالمنطقة كلها تنتظر حسماً عسكرياً، وربما حرب عالمية، تصرّ إيران وإسرائيل إشعالها في الخليج، وهذه الحرب تدعمها جهات دولة ، وهي واحدة من إستراتيجياتها ، في وضع بؤر أزمات، وحروب هنا وهناك، وهذا ما نراه متجسداً، في عدة أماكن، كالذي يحصل الآن بين روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل وإيران، وتركيا واليونان ، وتركيا وايران، والصين وأمريكا، وكلها تنطلق من مصالحها الإستراتيجية في المنطقة والعالم، في وقت يجتاح العالم وباء كورونا الذي أخذ يحصد أرواح الملايين في العالم كله، لانغالي اذا قلنا، وتخوفنا أن الحروب لاتصيب غير منطقتنا، وتهدّد وجودنا كدول عربية ضعيفة، لاتقوى على خوض أية حرب قادم، بعد إخراج العراق، من خانة التوازن الدولي والإقليمي،بحيث نرى هرولة السعودية الى مفاوضات مهينة توسلية مع إيران، في بغداد المحتلة من إيران، لتفرض إيران شروطها عليها، وتحرجها أمام الدول العربية، في مفاوضاتها ببغداد الآن، إيران، ورغم أها تعرف قدرتها العسكرية المعدومة، أمام الآلة العسكرية الهائلة لأمريكا وإسرائيل، وبدعم خليجي وسعودي لامحدود لها، فأنها ترى نفسها المنتصر الذي يفرض شروطه على الخصم، وهذا بحد ذاته-نصراً- ولو معنوياً فقط، ،أما على الأرض فهو غير ذلك تماماً، فهي تعرف حجمها الحقيقي، ولكنها تكابرمكابرة المهزوم ،الذي يوهم الاخرين بنصره الكاذب،فهل ستمرّر مفاوضات فيينا ، شروط طهران، وتفرض أجندتها على الادارة الامريكية، والاوربية،وتخرج من المؤتمر منتصرة، نعتقد ان هذا لن يتم، فالدول الأوربية الآن، في وضع يسمح لها بإخضاع طهران، لبنود الاتفاق النووي، وإعباره من الماضي،إنْ لم توافق على الشروط الجديدة ،التي خلقتها الأوضاع في العالم، وخاصة تنمّر إيران وإصرارها على إمتلاح السلاح النووي ،والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة ،التي اخذت تهدّد بها العالم، نعم المفاوضات مستمرة مع ايران، ولكن ليس كما يريدها المفاوض الايراني، فهي معقدة جداً ،ولابد لإيران من تقديم التنازلات ،كي تخرج من عنق الزجاجة ،التي خنقتها آثار الحصار التاريخي،إيران أمامها طريقان، لاثالث لهما، إمّا التخلّي عن برنامجها النووي، وإنهاء خطر الفصائل ،والميليشيات الولائية في عموم المنطقة ، وأما مواجهة العالم بحرب طاحنة ، قد تبدأ بأية لحظة، وإشاراتها واضحة في الخليج وغيره،مؤتمر فيينا مأزق الرئيس بايدن،وأمتحان مصيري له ،في مواجهة التغوّل النووي الايراني،وفرصة لإيران أن تثبت حسن نواياها مع المجتمع الدولي…