خاص: كتبت- سماح عادل

فيلم Bliss أو “النعيم” فيلم درامي وخيال علمي أمريكي، يحكي عن حلم الإنسان بالوصول إلى الجنة، التي يتحقق فيها كل شيء، ويختفي فيها الفقر والمعاناة والصراعات، وينعم فيها الإنسان بحياة الرفاهية والجمال.

البداية..

يبدأ الفيلم ب”جريج ويتل” موظف في إحدى الشركات، يرسم منزل أحلامه، منزل على البحر وعلى جبل وحدائق خضراء، به كل وسائل الرفاهية على بساطته وجماله، ويرسم سيدة داخل المنزل، يستدعيه مدير الشركة لكي يقابله، ثم تهاتفه ابنته التي تطلب منه أن يحضر حفل تخرجها، فيؤكد لها أنه سيحضر، ثم يماطل “جريج” في الذهاب إلى مديره، مهتما بدواء يأخذه ويحاول إعادة ملئه مهاتفا الصيدلية، ثم يذهب بعد أن يسحق حبتين من هذا الدواء ويستنشقهم.

وحينما يقابل المدير يخبره أنه مفصول لأنه تسبب في خسائر للشركة وأنه يقضى وقت العمل في رسم منزل أحلامه، يصمت “جريج” وحين يقترب منه المدير يدفعه بحركة لا إرادية فيرتطم رأسه بالمنضدة ويموت، يحتار “جريج” ماذا يفعل فيعلق جثة المدير على الشباك ويخفيها بستارة ويقول للسكرتيرة أن المدير لم يأت إلى مكتبة وأنه ذاهب ليتناول غذائه ثم سيرجع لاحقا. ويخرج من الشركة، ويذهب إلى الحانة المقابلة لمبنى الشركة ليشرب كأسا من الشراب ليتمالك نفسه.

بلورات صفراء..

هناك يتقابل مع سيدة يبدو من شكلها أنها مشردة، تقول له أنه حقيقي، وتريه بعض الحركات التي تستطيع من خلالها التحكم في الأشياء من حولها، وتقول له أنها ستخلصه من الورطة التي وقع فيها، وتشير إلى جثة المدير التي تظهر من الشباك، وتطلب منه أن يحضر لها سلسلة بها بلورات صفراء من صديقها السابق الذي دخل حمام الحانة، يذهب “جريج” ليجد صديقها فاقد للوعي ويأخذ منه البلورات الصفراء، ثم حين يخبرها أنه فاقد الوعي تطلب منه إحضار نقوده، وتتناول السيدة التي يعرف “جريج” أن اسمها “إيزابيل” بلورة صفراء ثم توجه يديها إلى الشباك المعلق عليه جثة المدير فينفتح الشباك وتسقط الجثة ويبدو للجميع أنه انتحر راميا نفسه من الشباك، ويفكر “جريج” في أن يدخل الشركة ليحضر محفظته، لكن ترفض “إيزابيل” مؤكدة له أنه لابد وأن يختفي حتى تنتهي التحقيقات في مقتل المدير، وتبيع هاتفه المحمول إلى أحد المحال حتى يتعذر على الشرطة العثور على “جريج”.وتذهب به إلى منزلها الذي يقع تحت أحد الجسور في الشارع، وهو عبارة عن خيمة وبها أشياء كثيرة من مخلفات الناس.

يقضي “جريج” بضع أيام مع “إيزابيل” وحين يعرف أن قضية مقتل المدير أغلقت دون شبة قتل فيها يفكر في تركها والعودة إلى حياته حيث يعيش في فندق لأنه طلق حديثا وله أبن وابنه، لكنها ترفض تركه مؤكده له أنه توأم روحها، وأنها هي السيدة التي في رسوماته، ويتجولان في الشوارع يتزحلقان ويأكلان ويعيدان ملأ السلسلة بالبلوارت الصفراء التي يجربها “جريج” ويكتشف أنها تمنحه القدرة على التحكم في الأشياء والناس من حوله.

عالم غير حقيقي..

وتكشف له “إيزابيل”  أن هذا العالم الذي يعيشان فيه غير حقيقي وأنه مجرد محاكاة، وأنه هو وهي وبعض الناس هم فقط الحقيقيين ولا يصدقها “جريج” ويحاول مهاتفة ابنته التي تبحث عنه في كل مكان، لكن “إيزابيل” تغضب منه وتؤكد له أن ابنته ليست حقيقة، وأنه لابد وأن يذهب معها لكي يصدقها، وتخرج بلورات زرقاء، وتقول له أن عليه أن يستنشق 10 بلورات زرقاء لكن البلورات التي معها لا تكفيهما هما الاثنان، فتقسمها عليهما وتطحنها بواسطة آله معها، وحين يستنشقها “جريج” يفيق ليجد نفسه مربوط إلى آلة مع بعض الناس، وتأخذه “إيزابيل”  التي يناديها الناس ب”د كليمنس” وتخرج ليجد نفسه في عالم نظيف ومرتب وعلى درجة كبيرة من الرفاهية، ويكتشف أن المنزل الذي كان يرسمه كثيرا هو منزل حقيقي يعيش فيه مع “إيزابيل”  زوجته، لكنه لا يستعيد ذاكرته.

عالم ساحر..

تخبره “إيزابيل” أنهما يعيشان في عالم ساحر، حيث كل مشاكل الأرض قد انتهت وحدث ذلك بثلاثة أمور، أولا تعدين الكواكب، حيث قام أحدهم باستخراج المعادن من الكواكب والتي جلبت ثروات ضخمة له، لكنه قرر توزيع هذه الثروة على جميع الناس في الأرض، مما قضى على الفقر والتفاوت بين الناس، وأصبح كل الناس يملكون المال والرفاهية، والأمر الثالث الاستعانة بالآليين للقيام بالأعمال الشاقة والمجهدة، فأصبح الإنسان يعيش الرفاهية وحياة النعيم على الأرض، لكن للأسف ورغم أن الحياة أصبحت أجمل وبدون مشاكل إلا أن الإنسان يعتاد كل شيء حتى وإن كان النعيم.

صندوق العقل..

لذا فقد فكرت في عمل تجارب على بحث علمي يدعي “صندوق العقل”، لكن جريج أخبرها أنه يريد أن يستمتع بالمنزل الذي يمثل جنة بالنسبة له ويستمتع بصحبتها، ويذهب إلى إحدى الحفلات، ليجد أناسا ويتعامل معهم، لكن أحدهم يخبره أن الناس متشككون في تجربة زوجته وأنه ربما يكون مشروعا غير مكتمل.

فتقرر “إيزابيل” عمل مقابلة يشاهدها الجميع مع “جريج” وتسأله عدة أسئلة مقارنة إجاباته مع إجابات أخرى له في وقت سابق قبل أن يكون متطوعا في تجربة “صندوق العقل”، ليكتشف المشاهد والمتفرجون من الناس أن جريج كان يشعر بالضجر في حياته، وأن جوهر بحث “إيزابيل” هو أن يجعل الناس تعايش عوالم بها فقر وصراعات وحروب حتى يستعيدوا اندهاشهم وانبهارهم واستمتاعهم بالعيش في عالمهم الجديد الذي يخلوا من كل تلك المشاكل، لكي يعيدوا اكتشافهم لجمال حياتهم وسحرها.

ثم تبدأ أشياء من العالم الذي يمثل محاكاة تظهر في عالم “إيزابيل”  و”جريج” الساحر، وتفسر “إيزابيل” ذلك بأنهم لم يتناولوا البلورات الزرقاء كاملة، لذا ربما هم لم يتخلصوا من تأثير المحاكاة تماما فتعود هي و”جريج” إلى عالم المحاكاة مرة أخرى للحصول على البلورات الزرقاء لكي يتناولوا ويتخلصوا تماما من تأثير المحاكاة.

حين تعود “إيزابيل” تكون متوترة وتتصرف بتوتر شديد حتى أنها تقتل الرجل المسئول عن صناعة البلورات الزرقاء مؤكدة ل”جريج” أنه لن يموت إلا في عالم المحاكاة، وأنه سيعود إلى عالمهم الساحر، لكن صوت الرصاص يجتذب الشرطة فتطاردهم فيضطر “جريج” و”إيزابيل” إلى الهرب من الشرطة بعد حصولهم على البلورات الزرقاء لكي يذهبوا إلى الخيمة لكي يطحنوها في الآلة هناك، وتطاردهم ابنة “جريج” أيضا بحثا عن والدها، و حين يتحققون من البلورات الزرقاء تكتشف “إيزابيل”  أنهم 10 فقط أي تكفي فرد واحد.

تفضيل عالم الشقاء..

يقرر “جريج” أنه لن يستطيع أن يبقى في عالم المحاكاة للأبد، فتقول له “إيزابيل”  أن يذهب هو، لكنه يشعر بالذنب ويطلب منها أن تقتله ربما يعود إلى العالم الساحر، لكنها تصبح غير متأكدة من أنها إذا قتلته في عالم المحاكاة  فيعني ذلك عودته إلى العالم الساحر، وبعد لحظات من التردد يقول لها “جريج” أنه يحب عالم المحاكاة لأنه رغم الفوضى إلا أنه عالم جميل بالنسبة له، لأن لاشيء متوقع فيه، ويعيش فيه جو من المغامرة، فتحاول “إيزابيل” إلهاء الشرطة لكي يهرب “جريج” منها ثم تستنشق البلورات الزرقاء، ويهرب هو ويذهب إلى عيادة نفسية اسمها “الملاذ الآمن”، ثم يتقابل مع ابنته وينتهي الفيلم على ذلك.

الفيلم متوسط الإخراج، اعتمد في عالم المحاكاة على صورة بألوان قاتمة ما بين الأبيض والأسود والرمادي والأزرق عالم ألوانه محايدة وقاتمة، لكن في العالم الساحر كانت الصورة مبهرة وجميلة والأماكن فاخرة وساحرة، أداء الممثلين كان متوسطا، وكانت هناك فجوات في الحكاية، حيث أن الفيلم لم يوفق في عمل حكاية محكمة، حيث أن فكرته تقوم على توفر النعيم للإنسان وتحقيقه على الأرض وأن كل مشاكل التلوث والفقر والعوز وقلة الموارد انتهت، وأصبح الناس يعيشون في غنى ورفاهية دون طبقية أو صراعات.

لكن الإنسان مع ذلك أصبح يشعر بالتعود والملل لذا جاءت فكرة “صندوق العقل” التي تحاول “إيزابيل” من خلالها إرجاع الدهشة والانبهار والاستمتاع للناس، لكنها مع ذلك تفشل في توفير الوسائل التي يستطيع من خلالها الناس الخروج من عالم المحاكاة، والمتمثلة في البلورات الزرقاء، كما أنها تتعامل بتوتر لا يليق بعالم يحدد خطوات تجربته جيدا، كما أن ابنة “جريج” التي تنتمي لعالم المحاكاة ظهرت في العالم الساحر دون تفسير من الفيلم لذلك، فلم يفسر للمشاهد لم ظهرت ابنة “جريج” في العالم الآخر رغم أنها جزء من المحاكاة وليست حقيقية، ثم يعود “جريج” ويقول في العيادة النفسية أن ابنته حقيقية ويقابلها بالفعل في النهاية، وكمشاهدة لم أفهم تفسيرا لذلك فالفيلم خلق تشويشا جعل المشاهد لا يفهم هل عالم المحاكاة هو عالم حقيقي.

كما أن اختيار “جريج” العيش في عالم المحاكاة لم يكن منطقيا ولم يقدم تبريرا مقنعا، حيث أن هذه الاختيار يخالف فكرة الفيلم نفسها، فكيف أن النعيم هو ما يبحث عنه الإنسان و”جريج” نفسه كان يرسمه ثم يختار العيش في الشقاء بدعوى أن الشقاء ينطوي على مفاجآت ومغامرات. ربما تكون هذه هي الفكرة التي أراد المخرج توصيلها، وهي أن الحياة الطبيعية للإنسان رغم أنها على قدر كبير من الشقاء إلا أنه يتمتع بالعيش فيها، على عكس النعيم الذي يصيبه بالملل، لكنه لم يقم بعمل حكاية محكمة تخدم فكرته وإنما ترك فجوات كثيرة في الحكاية.

الفيلم..

فيلم Bliss، فيلم دراما وخيال علمي أمريكي لعام 2021 من تأليف وإخراج “مايك كاهيل”. بطولة (أوين ويلسون وسلمى حايك)، صدر الفيلم في 5 فبراير 2021 لشركة أمازون.

منح “نيك ألين” من موقع “روجر إيبرت”، الفيلم 2 من أصل 4 نجوم، ووصفه بأنه شاعري ومربك وبلا فائدة. كتب “أندرو باركر” من مجلة “فارايتي”: “المخرج كاهيل غارق جدًا في الشعر لدرجة أنه يفقد مسار الموضوعات الأكبر”.

منح موقع الطماطم الفاسدة الفيلم تقييم مقداره 31% بناء على آراء 75 ناقد سينمائي، وكتب الإجماع النقدي: “عندما يتعلق الأمر ببناء دراما خيال علمي مسلية حول بعض الأفكار الرائعة، فإن هذا “النعيم” يجهل ذلك إلى حد كبير”. منح موقع ميتاكريتيك الفيلم تقييم مقداره 34% بناء على آراء 14 ناقد فني.