خاص : كتبت – نشوى الحفني :
مازالت “تركيا” تواصل محاولاتها بالتقارب مع “مصر”؛ وتعرض مبادرات وتقبل بشروط “القاهرة”؛ واحد تلو الآخر لتطبيع العلاقات، وطي صفحة الخلافات بين البلدين.
وكانت آخر محاولات استئناف العلاقات بين البلدين، ما أفادت به مصادر (العربية)؛ بأن “القاهرة” اشترطت على، “أنقرة”، الاعتراف بثورة 30 حزيران/يونيو 2013، فوافقت الأخيرة؛ وهو ما يُعد ضربة قاصمة لجماعة “الإخوان المسلمين”.
إلى ذلك، أكد مسؤولون أتراك، للجانب المصري؛ أن الصورة، بشأن 30 حزيران/يونيو، لم تكن واضحة، بسبب عدد من المستشارين الأتراك الذين وصفوا الصورة بشكل خطأ؛ مؤكدين احترامهم لإرادة المصريين.
كما أبلغ مسؤولون أمنيون أتراك، “القاهرة”، بأن فترة حكم “الإخوان المسلمين”، كان بها العديد من الملاحظات وأنهم مارسوا العنف.
اقتراح بتشكيل لجنة صداقة..
وسبق تلك الخطوة، اقتراح الحزب الحاكم، (حزب العدالة والتنمية)، تشكيل “لجنة صداقة” بين البلدين، فضلاً عن إعلان وزير الخارجية صراحة أن بلاده وجهت تحذيرات إلى معارضين مصريين، متواجدين في البلاد، من التصعيد ضد “القاهرة”، لا سيما لمن يدلون بخطاب متطرف ضد “مصر”، قبل بدء خطوات التطبيع.
إلى ذلك، أضاف “أوغلو”؛ أنه في لقاء على مستوى وزراء الخارجية، اتفقنا على ضرورة القيام ببعض الخطوات من أجل التقارب بين البلدين.
وتابع: “دعتنا، مصر، للقاء على مستوى نواب الوزراء، وسنلتقي في شهر آيار/مايو، ومن ثم نجلس ونتحدث مع السيد، سامح شكري، حول تكليفات السفراء المتبادلة”.
وفيما يخص تبادل السفراء بين “أنقرة” و”القاهرة”؛ قال الوزير التركي: “عادة إذا كنت تتفق مع دولة، سواء كانت مصر أو غيرها على تعيين سفير، فسيحدث هذا في وقت واحد متزامن، عندما تصل العلاقات إلى نقطة معينة، عندها لا ينبغي أن تكون هناك مشكلة في تعيين السفراء”.
من ناحية أخرى، أكد “تشاووش أوغلو”؛ أن جماعة “الإخوان المسلمين”، “حركة سياسية”، تسعى للسلطة عبر الانتخابات؛ ولا يمكن تصنيفها “منظمة إرهابية”.
ولفت “أوغلو” إلى أن “تركيا” لم تُعارض ما وصفه: بالانقلاب في “مصر”، لأن جماعة “الإخوان” كانت في السلطة، وأن بلاده كانت ستتبنى نفس الموقف لو كان الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، في السلطة.
علاقة البلدين لا تتوقف على “الإخوان” !
في هذا السياق، كشفت مصادر تركية لـ (العربية. نت)؛ أن العلاقة بين البلدين لا تتوقف على “الإخوان”، فهو ملف لن يقف عقبة في طريق التقارب. كما أضافت أن “تركيا” قد تطلب، من قيادات الجماعة، المغادرة إلى دول أخرى منعًا لإحراجها مع “القاهرة”.
وجرى خلال المفاوضات، التي لم يُعلن عن تفاصيلها بشكل كامل؛ أن “مصر” أوضحت أنها قادرة على تعليق الاتصالات في أي وقت حال عدم إلتزام الأتراك.
وقالت المصادر إن “أنقرة” عرضت، في المفاوضات؛ تسليم عناصر من شباب “الإخوان” الموجودين في “تركيا”، لكن “القاهرة” تمسكت بالأسماء التي طلبتها؛ على رأسها: “يحيى موسى” و”علاء السماحي”.
وأضافت أن “القاهرة” تعتبر تصنيف “الإخوان”، “جماعة إرهابية”، شأنًا داخليًا لن تتراجع عنه، مشترطة احترام القيادة السياسية والمؤسسات وتجنب التعليق على أي شأن داخلي مصري؛ لاستمرار التواصل مع “تركيا”.
ولفتت إلى أن “مصر” تقيم التصريحات التركية: “الاستفزازية” بشكل مستمر.
تطبيق النموذج الباكستاني..
إلى ذلك، كشفت المصادر أن “تركيا” قد تطبق النموذج الباكستاني في ملف “الإخوان”، في إشارة إلى ما فعلته “باكستان”، عام 1994، مع عناصر التنظيمات الجهادية، في “أفغانستان”، والذين أقاموا على أراضيها، حيث طلبت منهم “بنازير بوتو”، رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة، حينها، تقنين أوضاعهم.
كما فرضت حظرًا على ممارستهم أية أنشطة؛ إنطلاقًا من أراضيها، أما في حال لم يمتثلوا فلا يبقى أمامهم سوى الترحيل، وتسليمهم لبلدانهم، وهو ما حدث بالفعل، حيث سلمت عناصر منهم إلى “مصر”، بينهم قيادي كبير كان رفيقًا لـ”أيمن الظواهري”، فيما سافر عدد آخر إلى: “البوسنة وألبانيا والشيشان والعراق واليمن والسودان”.
وأوضحت المصادر؛ أن ما يدعم هذا التوجه الخطوات التي اتخذتها “أنقرة” حاليًا، لا سيما طلبها من العناصر الإخوانية، المقيمة في “إسطنبول”، التوقف عن انتقاد “القاهرة”، وتخفيف حدة الخطاب الإعلامي أو الرحيل إلى دول أخرى.
تركيا ترى “الإخوان” حركة سياسية وليست إرهابية !
حول تصريحات وزير الخارجية التركي، يرى المحلل السياسي التركي، “محمود عثمان”، أن وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، كان واضحًا في تصريحاته؛ عندما قال إن “تركيا” لا تُصنف جماعة “الإخوان المسلمين” على أنها “جماعة إرهابية”، إنما تراها “حركة سياسية”، ولم يذكر أن “تركيا” و”مصر” اتفقتا على ذلك، أو أن “مصر” يجب أن تقتنع بذلك، هو لم يقل هذا، بل ذكر فقط وجهة النظر التركية، ومن الطبيعي أن يكون لـ”مصر” وجهة نظر أخرى.
وأضاف، في حديثه لموقع (سبوتنيك) الروسي؛ أما ما يتعلق بحديث وزير الخارجية عن الانقلابات، هو يُعبر عن التجربة التركية، التي عانت كثيرًا من الانقلابات، حيث لا ترى، “أنقرة”، أن الانقلابات طريقة صحيحة للوصول إلى السلطة، لكن هذا لا يعني أنها لا تعترف بالرئاسة المصرية، أو أنها لا تتعامل مع “مصر”، وموقف “تركيا” واضح وصريح من الانقلابات العسكرية، كما يتفق هذا الموقف مع مواقف كل الدول الأوروبية و”الولايات المتحدة الأميركية”، ولا تمنع الخلافات في وجهات النظر من استمرار الحياة وتعامل الدول مع بعضها بما يحقق مصالحها ومصالح شعوبها.
تغليب لغة العقل..
وحول ما إذا كانت تصريحات وزير الخارجية، “غاويش أوغلو”، تعني تجاوز البلدين النقاط الخلافية، قال “عثمان”، إذا نظرنا إلى الدول الغربية، المسماة بالديمقراطية والموصوفة بالتطور والتحضر، هذه الدول لا تنظر إلى ماهية الآخر، بل تنظر إلى مصالحها، والآن هناك تطابق شبه كامل في المصالح بين “مصر” و”تركيا”، هناك مصالح مشتركة وأدوار يمكن أن تلعبها الدولتان إقليميًا ودوليًا، والتقارب في صالح الطرفين من كل المناحي، ولا يهم بعد ذلك الاختلاف في وجهات النظر حول القضايا، المهم هو أن يلتقي الطرفان على الأمور المشتركة وهى كبيرة جدًا، علاوة على المصالح الإستراتيجية الكبرى بعيدة المدى، وهذه طبيعة الأداء السياسي في منطقة الشرق الأوسط، أنهم يتحركون بناء على قناعات إيديولوجية، وبالتالي تغليب لغة العقل يمكن أن يجمع “تركيا” بـ”مصر” أكثر مما يفرقهما.
أنقرة تتعرض للضغط..
فيما يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير “جمال بيومي”: “حتى الآن لم يبدأ التشاور المباشر، بين القاهرة وأنقرة، والرسائل الصادرة عن الجانب التركي فيها الكثير من التخبط في الحقيقة، تتمنى تركيا مصالحة مصر، لكن تلك التمنيات في إعتقادي ليست من صميم حسن النية، حيث تقع أنقرة تحت ضغوطات من جانب الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلنطي، وأميركا غير راضية”.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق: “في ظل الضغوطات التي تتعرض لها تركيا؛ تحاول القفز على الأمور وفتح قناة اتصال مع مصر، وفي نفس الوقت الذي يريد التواصل فيه مع القاهرة يعود للحديث عن أنه لا يعتبر الإخوان جماعة إرهابية، من حقه أن يؤيد أو لا يؤيد تصنيف الإخوان، لكن هناك القانون الدولي والذي ينظم حق اللجوء السياسي، لكن ليس من حق اللاجيء السياسي أن يعمل بالسياسة، وأن يتخذ من تركيا ملاذًا آمنًا لمهاجمة وطنه”.
وأشار إلى أنه، من غير المعقول أن ندعو للمصالحة، وفي الوقت ذاته تكون لديك قنوات تهاجمني طوال الوقت، وهنا علينا أن نفصل بين الشعب التركي الشقيق، عضو “منظمة المؤتمر الإسلامي”، أما بالنسبة للرئيس التركي؛ فمازال يتحدث عن “الإمبراطورية العثمانية”، والتي كانت ممتدة إلى: “النمسا والمجر” وإلى “المغرب العربي”، تلك إدعاءات استعمارية غير مقبولة، ولا تتوائم مع تسويات “الأمم المتحدة” أو ما استقرت عليه الحدود بعد الحرب العالمية الثانية.