إن التركيز على أهمية الأديان والمذاهب والقناعة بها والدفاع عنها حالياً وخلال فترات زمنية مختلفة سبقت هذا الوقت والذي قد يدفع بعض المتزمتين الى الاقتتال من أجلها فيما بينهم ومع غيرهم كما حصل ولمرات متعددة خلال حقب من التأريخ من أجل تأكيد أحقية معتقداتهم الدينية وقناعاتهم المذهبية وهي إرث يصعب التخلي عنه لدى الكثير من الناس ويصعب محاولة النظر فيه والتحقق منه او تغييره او تجديده او التنصل منه.
وهنا يأتي السؤال المهم لنقول أن التأريخ قد إنبثقت منه حضاراتاً وظهرت فيه أدياناً وبرزت فيه دولاً وتعاظمت فيه إمبراطورياتاً على مدى عصوره المتعددة ولكنها إنطمست واندثرت وبقيت آثارها أو جزءاً من شواهدها لنمر عليها اليوم ونقرأ تأريخها كما نقرأ الأساطير والحكايات القابعة في عمق الزمن.
إن التجدد والتغيير في أفكار الانسانية وقناعات البشر تتغير مع المراحل الزمنية خصوصاً إذا عرفنا ونحن نتحدث عن المرحلة الزمنية والتي قد تمتد لأكثر من آلاف ولربما ملايين السنين وهنا تبرز نقاطاً مهمة قد لانستطيع التكهن بها حالياً وهي ماذا سيحصل لأفكارنا فيما يتعلق بالأديان والمعتقدات خلال الإمتداد الزمني القادم لعمر البشرية والذي سنصبح فيه تأريخاً لغيرنا قد مضى عهده وانصرف زمانه.
واذا جاءت الأجيال في المستقبل القريب او البعيد وحاولت أن ترجع الى التأريخ لتلقي نظرة فاحصة على مرحلتنا الزمنية والتي ستصبح بالنسبة لها تأريخاً غائراً في الِقدم وعملت مقارنة بين مانعتقد به اليوم وماتعتقد به هي لاحقاً حينئذ ستجد هذه الأجيال أننا كنا نعيش الوهم والجهالة والتخلف الفكري والتخبط المنطقي خصوصاً إذا عرفنا أن العلم لايقف عند حدود وهو ينطلق بقفزات كبيرة ويمر بطفرات مذهلة ومتسارعة ومؤثرة في مسيرة البشرية وقد تجد تلك الأجيال أن معيار قناعاتها لايمكن أن تكتمل وتأخذ بها إذا لم تخضع (مثلاً) لفحص مختبري للأشخاص تعتمد فيه تحاليل (DNA) أو الاعتماد على الليزر وعلى فحوصات أخرى يتم ابتكارها أو معادلات جديدة تحاكي المنطق السليم لم نعرفها اليوم والتي سيأتي بها العلم وجميعها او بعضاً منها هي التي ستكون منطلقاً لتعزيز الافكار او دحض جزءاَ منها او رفضها والهدف من وراء كل ذلك هو للتحري عن الحقيقة وفق مايمليه العقل والعلم معاً ومايتماشى مع روح التقدم العلمي الهائل.
إذا حصل ذلك كله او جزءاً منه عندئذ ستكون جميع قناعاتنا الحالية بما جاءت به الأديان من أمور غيبية لاقيمة لها وهي مضيعة للوقت وازدراءً لعقولنا ولكن وللانصاف فان قناعاتنا الحالية وفي مسار تطور التفكير البشري قد تساهم في رسم الاتجاه الصحيح وإيضاح الطريق لأفكار أجيالنا المستقبلية بعد بيان هزالة ماجاءت به الأديان وما أملته قناعاتنا الحالية عند الخوض بها والبحث فيها ودراستها والتمعن في حيثياتها فيؤدي الى دحضها بعد تحطيم أساساتها.
وهنا أود أن أقول كلمة واحدة إذا كانت هنالك إحتمالية وهي واردة الحدوث في تغيير مرتقب في نظرة أجيالنا لهذه الأديان وقناعاته بها فلماذا نصرّ نحن على تمرير قناعاتنا اليوم في الدين والمذهب وفرضها على غيرنا وقد ينتج عن هذا الاصرار لدى بعضنا الى إستفحال الأحقاد والخصومات بين معتنقي الأديان فيطغى الخوف ويحل الموت بدلاً من الأمن والسلام.