لم يمض شهر على نيله ثقة البرلمان,حتى اخذت سرائره تتكشف للرأي العام,لم تكن زياراته لدول الجوار إلا لذر الرماد في العيون,وإيهام الجميع بأنها حكومة وحدة وطنية حيادية,في27 نوفمبر2019م وقع اردوغان والسراج مذكرتي تفاهم تتعلقان بالتعاون الأمني والعسكري وتحديد مناطق الصلاحية البحرية،واللتان تم رفضهما من قبل دول شرق المتوسط لأنهما تنتهكان سيادة تلك الدول,اذ انه لا حدود بحرية بين تركيا وليبيا,تسعى تركيا منذ الاطاحة بالنظام الى تثبيت نفوذها في البلد الغني بمصادر الطاقة من نفط وغاز,وذلك لتحقيق أطماعها الاقتصادية,حيث بدأت تتهاوى قيمة الليرة وبلغت مستويات دنيا.
حكومة الدبيبة ماضية على خطى حكومة السراج بالارتماء في احضان تركيا،في حين اتفق المجتمعون(جماعة 75) في جنيف على حكومة مستقلة(ظاهريا) لا ولاءات لها لقيادة البلاد نحو بناء دولة مدنية عبر انتخابات ديمقراطية تفضي الى سلام شامل ودائم ولم شمل الوطن.
لقد ذهب الدبيبة الى تركيا ضمن وفد وزاري كبير لاحياء ” المجلس التركي الليبي للتعاون الاستراتيجي” ,فقام الرئيس اردوغان بتعميد الدبيبة بمياه البوسفور,(ربما ادخله كنيسة ايا صوفيا بعد ان تم تحويلها الى مسجد ليدعوا له بطول العمر),لئلا ينسى فضل السلطان الذي وقف مع اخوان ليبيا,في وقت كانوا يحزمون فيه حقائبهم,ليرحلوا عن العاصمة التي احتموا داخل اسوارها لأشهر ينتظرون الفرج وقد ضاقت عليهم الارض بما رحبت.
لم تبارك حكومة الدبيبة اتفاقيتي السراج فقط,بل امعنت في ازدراء الليبيين وتحقيرهم والاستهانة بأرواح الشهداء الذين قتلتهم تركيا من خلال الطيران المسيّر في الغرب الليبي وجرافات الموت التي حملت مختلف انواع الاسلحة والذخائر التي ارسلتها تركيا الى مجموعاتها الارهابية المسلحة التي كانت تسيطر على بنغازي عبر توقيعها لعديد الاتفاقيات في مختلف المجالات وأثبتت انها حكومة عميلة تنفذ الاجندات الخارجية لزرع الفتنة بين مكونات الشعب الليبي ونهب خيراته.
ان الليبيين لم يشعروا بأي تحسن على المستوى المعيشي,يكابدون الحياة التي اصبحت صعبة, ناهيك عن الوضع الامني المتأزم,فالإفراج عن (البيدجا) اكبر مهرب للبشر والمحروقات وتبرئة ساحته وإقامة احتفالات رسمية وجهوية له,يثبت وبما لا يدع مجالا للشك ان المجيء بالدبيبة خلفا للسراج هو اظهار الوجه الاخر لنفس العملة وجعله (كبش)فداء,هكذا هي الدمى يتم احراقها ان انتهى دورها,فلكل مرحلة من مراحل الانحطاط الاخلاقي تم تجهيز عديد البدائل بعناية فائقة.
لقد رمى الدبيبة ومن معه الواح الوطن خلف ظهورهم,واستبدلوا ثياب الشرف والعز بثياب الذل والمهانة,هنيئا لهم باردوغانهم وهنيئا للسلطان بأناس لم ينكروا جميله,لا غرو في ذلك,فعددهم حسب احصائية اردوغان يقارب المليون (ليبيون من اصول تركية) متجنس.
لم يتم الحديث خلال الزيارة عن آلاف المرتزقة السوريين الذين زج بهم اردوغان,قد تكون هناك عقود لجلب المزيد على هيئة مستشارين عسكريين لتدريب ما يسمى بالجيش الوطني في غرب البلاد الذي جل منتسبيه من الشباب المغرر بهم بإغداق الاموال الطائلة عليهم ليكونوا وقود حرب ذهبت بالآلاف منهم,وصنفوا بين قتيل وجريح ومعوقين.
الليبيون والحالة هذه,فإنهم يعلقون امالهم البسيطة على الرابع والعشرون من ديسمبر لهذا العام ,علهم يستطيعون ازاحة الزمرة الفاسدة من خلال صناديق الاقتراع ان لم يستعملوا صناديق الذخيرة كعادتهم.والى ذاك الحين سيستغل ساستنا الجدد الذين دفع بهم المجتمع الدولي كل الظروف لأجل نهب المزيد من الاموال.