هل هناك من يعتقد أن قصد المشرع بعد الإحتلال ، هو في صالح المتقاعدين قبل الإحتلال ؟، لا أعتقد ذلك بالمطلق ، لأن معظم مقادير رواتبهم التقاعدية لا تتجاوز (550) ألف دينار شهريا ، حصلوا عليها بعد ضنك العيش القاتل إعتبارا من 30/12/2019 ، مع إن غالبيتهم من المحالين إلى التقاعد بموجب قانون التقاعد المدني رقم (33) لسنة 1966 منذ بداية تسعينيات القرن الماضي ؟، وقصد الإضرار بهم وبعوائلهم واضح لا لبس فيه أو غموض ، ولا يحتاج إلى دليل أو برهان ، لأسباب سياسية تافهة ومعيبة إنسانيا وأخلاقيا ، حيث يعتبرهم النظام القائم منذ (19) سنة ، بأنهم من أتباع النظام السابق وأدوات عدائهم الدائم بالشبهة دون اليقين ؟!. وليس هم من بذلوا الجهد والوقت والكلفة من أعمارهم في سبيل بناء الوطن العزيز ؟!. مواطنين أصلاء صادقين ، لا يستحقون غير المكافأة والتكريم .
* وتعني كلمة ( قَصد ) في معاجم اللغة – تَوَخّى أو رَمَى إلى أو تَوَجّهَ إلى ، ولما كان الهدف من التفسير معرفة نية أو قصد المشرع الذي عبر عنه في وقت وضع القانون , من خلال ألفاظ النص ومفرداته وقواعد المنطق واللغه فيه ، فقد رأينا فيها الإيغال في إلحاق الأذى والضرر المتعمد والمقصود ، لشريحة أفنت عمرها في أداء الواجبات ، تحت ضغط وظروف القوة القاهرة في جميع المجالات والميادن ، وحين جاء الإحتلال اللعين ، وشرع يومه الأسود عيدا وطنيا وعطلة رسمية ؟!، ووسمت الشوارع ببصمات كل مسيء ، أيقنا بقدوم الشر المستطير . فكانت حصة المتقاعدين بقايا الفتات من على موائد اللئام المارقين ، حسبما قرره قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 ؟!. المعدل بالقانون رقم (69) لسنة 2007 ، حيث يحتسب الراتب التقاعدي للموظف على أساس نسبة تراكمية مقدارها (2,5% ) أو (2%) من معدل الراتب الوظيفي ، أو على أساس معدل الراتب الوظيفي لراتب المرتبة الأولى للدرجة الوظيفية الأدنى من درجته ؟!، كما ويقصد بمعدل الراتب الوظيفي لغرض إحتساب الراتب التقاعدي ، أ- الراتب الوظيفي الأخير إذا كان تأريخ الإنفكاك من الوظيفة قبل سنة 2008 ، أو -ب- معدل راتب الموظف خلال آخر السنة الاخيرة إذا كان تأريخ الإنفكاك من الوظيفة قبل سنة 2010 ، أو-ج- يضاف الى معدل راتب الموظف المنصوص عليه في الفقرة (ب) من هذا البند معدل راتب سنة عن كل سنة ابتداء من عام 2010 .
* كل ذلك لغرض التفرقة والتمييز المخل في إستخراج مقدار الراتب التقاعدي المتفاوت ، الذي يستحقه الموظف المتقاعد بذات الشروط والمؤهلات وبمختلف المعايير ؟!. حيث لا يجوز أن يزيد الراتب التقاعدي على (80% ) عن آخر راتب وظيفي تقاضاه الموظف في الخدمة التقاعدية ، ولا يجوز أن يقل عن (150.000) مئة وخمسين ألف دينار ، وأن لا يقل عما كان يتقاضاه بالنسبة للمحال إلى التقاعد من 17/1/2006 . وما أدراك ما الذي كان يتقاضاه في ظل ظروف الحصار الإقتصادي للبلاد ؟!.
* وعندما صدر قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ، نصت المادة (3) منه على أن ( تسري أحكام هذا القانون على جميع موظفي دوائر الدولة والقطاع العام والموظفين المؤقتين والمكلفين بخدمة عامة وموظفي الدولة في القطاع المختلط المعينين قبل 9/4/2003 والمتقاعدين في حالات : التقاعد – المرض أو الإعاقة – الشيخوخة – الوفاة ) . وهذا النص مما لم يستخدم في قانون التعديل ، ولأن جملة ( والمتقاعدين ) هي غير عبارة ( للمحالين الى التقاعد ) من حيث المفهوم والدلالة والواردة في المادة (14) من قانون التعديل ، مثار اللغط والشكوى والتذمر وسوء الفهم ، وكذلك الحال بالنسبة لمعدل الراتب الذي أصبح معدل الراتب الوظيفي للموظف خلال (36) ستة وثلاثين شهرا من خدمته التقاعدية الأخيرة . كما يستخرج الراتب التقاعدي من حاصل ضرب معدل الراتب x 2,5x عدد سنوات الخدمة/100 ، على أن تعد مدة الخدمة التي لا تقل عن (6) ستة أشهر سنة كاملة للغرض المذكور ، ومع ذلك لم يؤدي ذلك إلى التحسن المطلوب في مقادير رواتب المظلومين ؟!.
* وحيث نصت المادة (14) على أن ( يعاد إحتساب الرواتب التقاعدية للمحالين إلى التقاعد قبل نفاذ هذا التعديل أو خلفهم أسوة بأقرانهم المشمولين بأحكام القانون بتأريخ نفاذه ، على أن لايترتب أي أثر مالي عن الفترة السابقة ) . فواضح قصد المشرع بعدم شمول المتقاعدين السابقين ، وإنما شمول من هم في ساحة إجراءات الإحالة إلى التقاعد المعدلة أحكامها ، بموجب القانون رقم (26) لسنة 2019- قانون التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ، وإلا فما الذي يمنع من عدم تطبيق أحكام التعديل على السابقين ولمدة تزيد على سنة وثلاثة أشهر حتى الآن ؟!، مع أن الجنبة المالية التي قد تمنع من إصدار القانون ، وهي الكلفة التخمينية لمقترح أي مشروع ، أو التي لا يمكن توفيرها أو منع تأثيرها السلبي على إنجاز المشاريع الأخرى غير موجودة ولا فاعلة وقت وظروف الإصدار ، وإذا كانت فاعلة حينها ولم يأخذ بها تحوطا وبنظر الاعتبار ، فعلى المشرع الطايء ترك ما لا يعنيه ، لأن متطلبات أمن وإستقرار الوطن سابقة لحقوق المواطن ، إلا في المزايدات السياسية والحزبية غير المهنية في هذا الوطن المستباح ؟!.
* إن تطبيق قواعد الخدمة وقطف ثمارها ، يتطلب من يجيد النقش على الحجر ، وليس من يتمنى الغرف من البحر ، خطابي إلى من يخوض فيما لا فائدة منه ، لأن تحقيق المصالح الشخصية أو العامة ، يتم باتباع آليات العمل المنظم ، ذو الأحكام والقواعد المهنية المتينة ، وليس بتمنيات الأوهام والأحلام التي لا سند لها من القانون ، والتي أوضحنا ما ينبغي تشريعه لتحقيقها في مقالتنا السابقة بعنوان ( المتقاعدون بين سندان الإستحقاقات ومطارق التظاهر ووقفات الإحتجاح ؟! ) ، المنشورة بتأريخ 9/ نيسان/أبريل 2021 على صفحات هذه الجريدة الغراء .