22 ديسمبر، 2024 6:48 م

في إنطلاقة جديدة للعلاقات .. قادة “الاتحاد الأوروبي” في “أنقرة” بعد توتر لأكثر من عام !

في إنطلاقة جديدة للعلاقات .. قادة “الاتحاد الأوروبي” في “أنقرة” بعد توتر لأكثر من عام !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في زيارة تستهدف تحقيق إنطلاقة جديدة في العلاقات، يحل رئيس المجلس الأوروبي، “شارل ميشال”، ورئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، اليوم الثلاثاء، ضيفا على “تركيا”.

وفي عدة مناسبات دعا الأتراك، الأوروبيين، إلى بحث ملفات ساخنة: كالدور التركي في النزاعات في “ليبيا” و”سوريا”؛ والخلاف البحري “اليوناني-التركي”، في “البحر الأبيض المتوسط”، وقضايا اللاجئين والهجرة، بينما طالب الأوروبيون، “أنقرة”، بمبادرات: “ذات مصداقية”؛ وبـ”جهود دائمة”.

زيارة قادة “الاتحاد الأوروبي”، اليوم الثلاثاء، إلى “تركيا”، تأتي كمحاولة للدفع باتجاه إنطلاقة جديدة في العلاقات، بين “أنقرة” و”بروكسل”، بعد أشهر من التوتر، ووعد “تركيا” الأخير بالعمل على: “برنامج إيجابي”.

استئناف تدريجي للعلاقات الاقتصادية ومناقشة الدعم للاجئين..

ويعرض رئيس المجلس الأوروبي، “شارل ميشال”، ورئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، خلال هذه الزيارة، على الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، السُبل من أجل استئناف تدريجي للعلاقات الاقتصادية ومناقشة الدعم للاجئين المقيمين في “تركيا”.

وبعد سنة من التوترات، كثف المسؤولون الأتراك الدعوات إلى الحوار مع الأوروبيين لتسوية مواضيع حساسة مثل؛ الخلاف البحري “اليوناني-التركي”، في “شرق المتوسط”؛ أو دور “تركيا” في النزاعات في “سوريا” و”ليبيا”؛ وفي الآونة الأخيرة “ناغورني قره باغ”.

لكن القادة الأوروبيين طلبوا: “بادرات ذات صدقية” و”جهودًا دائمة”، من جانب “أنقرة”، ووضعوها تحت المراقبة، حتى حزيران/يونيو 2021، مع التلويح في الوقت نفسه بتهديد العقوبات.

وطلبوا من الرئيس التركي القيام بأفعال لإظهار رغبته في التهدئة، لا سيما بما يتصل بخلافاته مع “اليونان” و”قبرص”؛ وسحب قواته من “ليبيا”؛ واحترام الحقوق الأساسية في بلاده.

مطالب بـ”برنامج عمل إيجابي..

وتؤكد السلطات التركية رغبتها في إجراء محادثات: “إيجابية”؛ عبر التركيز على أعمال ملموسة يجب القيام بها في ما يتعلق بالهجرة.

غير أن قادة “الاتحاد الأوروبي” حذروا من أن الإبقاء على: “برنامج عمل إيجابي” رهن بقدرة “إردوغان” على إثبات أنه لا يزال شريكًا موثوقًا.

سياسة التهدئة، التي تعتمدها “أنقرة”، تأتي في الوقت الذي تبدي فيه قلقًا من احتمال تشدد الموقف الأميركي تجاهها، مع تولي الإدارة الديموقراطية الجديدة مهامها في “واشنطن”.

وفي سبيل تشجيع “تركيا”، أبدى “الاتحاد الأوروبي” استعداده لمباشرة تحديث الاتحاد الجمركي واستئناف الحوار على مستوى عال بعد تعليقه، العام 2019، بشأن بعض المسائل مثل: الأمن والبيئة والصحة ومنح بعض التسهيلات لإصدار تأشيرات دخول للأتراك.

كما تأتي الزيارة بعيد انسحاب “تركيا” من اتفاقية تحمي المرأة من العنف؛ والذي أثار جدلاً، وبعد إجراء قضائي لحظر (حزب الشعوب الديموقراطي) المؤيد للأكراد، ثالث أكبر حزب في البرلمان.

ونددت “بروكسل”، بهذه التطورات، لكنها أبقت على إلتزامها العمل مع “تركيا”: “إذا تواصل تخفيف التصعيد الحالي”.

مآخذ مشتركة..

ويؤخذ على كلا الطرفين مآخذ على الآخر. فتتوقع “أنقرة” تحديث “اتفاق الاتحاد الجمركي”، الموقع العام 1995، والدفع قدمًا بعملية ترشيحها للإنضمام إلى “الاتحاد الأوروبي”، كما قال مصدر دبلوماسي  .

كما ترغب “أنقرة”، أيضًا، بحسب المصدر نفسه، في تجديد الاتفاق الموقع، العام 2016، مع “الاتحاد الأوروبي”، والذي أتاح خفض عدد المهاجرين الوافدين من “تركيا” إلى “أوروبا” بشكل كبير في مقابل مساعدة مالية كبرى.

وتستقبل “تركيا” نحو أربعة ملايين لاجيء ومهاجر، غالبيتهم من السوريين.

وقال المصدر الدبلوماسي التركي؛ إن: “الاتحاد الأوروبي؛ لم يحترم بالكامل تعهداته في الاتفاق، لا سيما وعوده المالية”.

لهذا تنتقد “أنقرة”، “الاتحاد الأوروبي”، لأنه لم يدفع إلا 3,7 مليارات يورو، كمساعدة لاستقبال مهاجرين، من أصل ستة مليارات موعودة. وتؤكد السلطات التركية بانتظام؛ أنها أنفقت أكثر من 40 مليار يورو على اللاجئين.

ومن جهتها؛ تنتقد “بروكسل”، “أنقرة”، لأنها أوقفت استرداد مهاجرين في أوضاع غير قانونية من الجزر اليونانية، منذ بدء وباء (كوفيد-19).

إقامة علاقة تبادلية مع الاتحاد الأوروبي..

“إيلكي تويغور”، المحللة لدى “معهد العلاقات الدولية والأمنية” الألماني، ترى أن “تركيا” تسعى إلى إقامة علاقة تبادلية مع “الاتحاد الأوروبي”. وأوضحت: “ترى تركيا عالمًا متعدد الأقطاب ومنقسمًا يتراجع فيه نفوذ الغرب. وهي ترى في ذلك فرصة لتنويع حلفائها”.

وتضاف إلى قائمة الخلافات الطويلة بين الطرفين، مطالبة “تركيا” بإنشاء دولتين في “قبرص”، فيما تدعم “بروكسل” إعادة توحيد الجزيرة، في إطار دولة اتحادية. و”قبرص” مقسومة، منذ اجتاح الجيش التركي ثلثها الشمالي، العام 1974، ردًا على انقلاب كان يهدف إلى إلحاق الجزيرة بـ”اليونان”.

علاقات إيجابية قابلة لتحقيق التقدم..

ويرى بعض الخبراء أن الزيارة المرتقبة التي يجريها رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، “تشارلز ميشيل”، ورئيسة مفوضية الاتحاد، “أورسولا فون دير لاين”، إلى “تركيا” اليوم، سوف تركز بشكل أساس على قضايا اللاجئين، وتساهم في دعم الأجندة الإيجابية في العلاقات الثنائية.

يقول رئيس قسم العلاقات الدولية بجامعة “حاجي بيرم ولي” التركية، “مصطفى نائل ألقان”، إن: “قيام رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس؛ بإجراء زيارة إلى تركيا، فور إنتهاء قمة قادة الاتحاد الأوروبي، التي عقدت، الأسبوع الماضي، يُعد تطورًا مهمًا في العلاقات مع تركيا”.

وأضاف “ألقان”، في حديث لوكالة (الأناضول)، أن: “زيارة المسؤولين الأوروبيين، إلى تركيا، تُظهر الأهمية التي يوليها الاتحاد الأوروبي لعلاقاته مع تركيا، وأن قضية اللاجئين تلعب دورًا مهمًا في العلاقات الثنائية”.

وأشار إلى أن “الاتحاد الأوروبي” يحتاج إلى “تركيا” في عدة ملفات، لعل أبرزها: “ليبيا” و”سوريا” وحل الأزمة في “جنوب القوقاز”، كما أن: “بروكسل تسعى للحفاظ على أفضل العلاقات مع أنقرة”.

ووصف “ألقان”، العلاقات التركية مع “الاتحاد الأوروبي”، بأنها: “تتميز بالأجندة الإيجابية وقابلة لتحقيق تقدم والعودة من شفير الأزمات”.

وأكد أن: “الاتحاد الأوروبي سيولي أهمية أكبر لعلاقاته مع تركيا، في عام 2021″، مبينًا أنه: “لم يتم خلال السنوات الأخيرة الماضية، فتح فصول جديدة في مسار إنضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ربما يتم الاتفاق على فتح فصول جديدة”.

وتابع “ألقان”: “آمل أن تعود العلاقات إلى طبيعتها بين الجانبين، وأن يتم التمسك بالحوار كوسيلة لحل الأزمات”.

مراجعة للملفات العالقة..

من جهتها؛ أشارت “غيدم ناس”، الأمينة العامة لمؤسسة التنمية الاقتصادية، عضو هيئة التدريس بجامعة “يلديز” التقنية التركية، إلى أهمية تعزيز الاتصالات بين “الاتحاد الأوروبي” و”تركيا”.

وقالت “ناس”، لمراسل (الأناضول): “هناك عملية دبلوماسية تجري، بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، تسعى للتركيز على الأجندة الإيجابية بين الطرفين، كما أن الزيارة المرتقبة ستمهد لجدول أعمال يعالج الملفات الإيجابية”.

وذكرت أنه في قمة قادة “الاتحاد الأوروبي”، التي عقدت في الفترة، من 25 إلى 26 آذار/مارس الماضي، تم تحديد الملفات الإيجابية: “ومن بينها تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي، والتعاون في مجال اللاجئين، وتعزيز العلاقات الاجتماعية، وبدء حوار رفيع المستوى بين الجانبين”.

وأوضحت أن: “الاتحاد الأوروبي سيتابع التطورات في شرق البحر المتوسط، ويجري مراجعة للملفات المتعلقة بهذه المنطقة، في حزيران/يونيو المقبل”.

وتابعت: “يمكننا وصف الزيارة بأنها تمهيدية لهذه الأجندة الإيجابية، قد تكون الأولوية الأهم هنا استمرار التعاون مع مجال اللاجئين”، مؤكدة أن: “قضية تحديث اتفاقية اللاجئين الموقعة بين الجانبين، عام 2016، مهمة للجانبين التركي والأوروبي”.

معوقات سياسية تقف أمام “اتفاقية الاتحاد الجمركي”..

ولفتت “ناس” إلى أن: “مسألة تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي تنتظر البت، منذ عام 2016، وهذه العملية لا تحقق تقدمًا بسبب معوقات سياسية، لذلك يجب على السلطات المختصة مناقشة الملفات ذات الصلة بشكل متبادل وتذليل العقبات والخلافات الموجودة بين الطرفين”.

وتتواصل الجهود التركية واللقاءات الرسمية مع المسؤولين بـ”الاتحاد الأوروبي”؛ لتحديث “اتفاقية الاتحاد الجمركي”، والمعمول بها منذ ربع قرن، أي منذ دخولها حيز التنفيذ، عام 1996.

وأوضحت “ناس”، أن” “الجانبين سوف يناقشان، خلال الزيارة؛ قضية السماح للمواطنين الأتراك بالسفر إلى الاتحاد الأوروبي دون تأشيرات، وعلاج هذه القضية على المدى الطويل”.

التعاون في المواضيع الإقليمية والدولية..

بدوره، قال عضو الهيئة التدريسية في قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة “باشكنت” التركية، “مرجان سزكين”، إن: “العلاقات (التركية-الأوروبية) تستعيد ملفاتها الإيجابية؛ بعيدًا عن الأزمات التي أضرت بالعلاقات الثنائية”.

وأضاف “سزكين”، في حديثه لـ (الأناضول)، أن: “زيارة المسؤولين الأوروبيين إلى تركيا؛ تهدف بالدرجة الأولى إلى تعزيز أوجه التعاون الإيجابية مع تركيا، ومن بينها التعاون في المواضيع الإقليمية والدولية”.

وأشار إلى أن: “تركيا تتوقع من الاتحاد الأوروبي إيجاد حلول سريعة لأزمة طالبي اللجوء الموجودين في الجزر اليونانية، وإحراز تقدم في ملف إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، والتوصل إلى اتفاقية تتعلق بالاتحاد الجمركي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة