المكان / العراق
الزمان / ٢٠١٣
… ساد الظلام وشحبت الوجوه وذبلت العيون واصطبغت القلوب باليأس من وقع ما تحملت ونفى السواد باقي الالوان لان ارتدائه صار طقساً يومياً وتوقفت دقات الساعة وبدأت تترنح للخلف الأستنكار استحيا من نفسه لكثرة استعماله في كل مناسبة ، الشتاء عرى الفساد كشف ساتريه ، صرنا نتنقل من مكان لاخر لتقديم العزاء ، العودة الى البيوت بسلام صارت حلماً للكثيرين ،
هذه هي الحال والمٓشاهد مختلفة في ارض السواد فهنا أم تنتظر عودة ابنها الذي أخذته رياح الطائفية
.. زوجة وطفل واقفة تمسح التراب عن قبر زوجها وتحتضن ابنها بشدة وتقول لها ها هنا يرقد أبيك
.. رجل طاعن في السن يمر من امام منزله الذي هُجر منه قسريا ليلقى النظرة الأخيرة على الذكريات التي ملأت جدران ذلك البيت
..شاب يجلس في قاعة الدرس وينظر الى الكرسي الفارغ الذي كان مخصصاً لزميل بعثر الرصاص ابتسامته الجميلة
وفي غمرة هذا الجو الموحش انتفضت الحياة وقررت ان لا تنقطع عن شعب لطالما أحب الحياة ،
وقف مجموعة من الرجال يحملون علم والام العراق على راحاتهم قطعوا اجازاتهم غادروا بيوتهم التحقوا بباقي القطعات تركوا حياة الدعة والاستقرار الى حيث الحرب والاخطار
قرروا ان يضعوا حداً للمأساة تعاهدوا على ان لا يرجعوا الى بيوتهم قبل ان يسود السلام في ارض كان يقال عنها ارض السلام
عقدوا العزم وتوكلوا على الله وقرروا ان يشعلوا شجرة الميلاد ويعلقوا عليها الامنيات التي ضلت حبيسة الأنفس لسنوات
قرروا الأحتفال في ذات المكان الذي كان يوزع الحزن والموت لأهل بلادي قرروا ان يرى اهل الارض مفرقعات رأس السنة الجديدة في صحراء الانبار وليس في برج خليفة كما هو معتاد
أتصل بي أحد هؤلاء الجبال الشامخة والبرد منكسراً خجلاً من حرارة كلماته وقال بدأنا الأن بنصب شجرة الميلاد الجديد ليس ميلاد المسيح (ع) فحسب بل ميلاد الحياة ميلاد الأمل ميلاد السلام ميلاد العراق الذي ٓعسر مخاضه وطالت معانته
قال لي ماذا تريد ان نعلق من امنيات على هذه الشجرة فالدعوة مفتوحة لكل من يريد السلام
قلت اولاً نأمل ان يبدأ عامنا الجديد بزغاريد امهاتنا وهي تستقبل عودتكم سالمين منصورين
امنياتنا للعام الجديد ان يتظاهر تجار الاقمشة معلنين افلاسهم بسبب تكدس الاقمشة السوداء في المخازن دونما احد ليشتريها لان الحزن ولى وانحسر
امنياتنا في العام الجديد ان يذهب ابن الموصل ليركب مشحوف الاهوار ويشوي ما اصطاده من سمك في بيوتات الكرم الميساني لأن الطائفية انتهت
امنياتنا للعام الجديد ان يذهب علي وحسين وعمر في رحلة صيد بري في واحات الانبار لتتلقفهم مضايف الكرام في الانبار ليعلنوا من تلك الأرض ان الانسان واحد
امنياتنا في العام الجديد ان لا تقف امهاتنا في ابواب البيوت تتنطر عودتنا
امنياتنا ان يعرف الجميع اننا من نفس واحدة حرم الله قتلها لأي سبب
امنياتنا ان تلتقي الاطياف والمذاهب كما يلتقي دجلة والفرات ليصبوا في ذات الطريق
امنياتنا ان لا نرى عاجل في الاخبار يحدثنا عن موت المواطن والوطن
امنياتنا ان يدرك الجميع اننا سنحتفل بالميلاد على انقاض التشدد والارهاب
امنياتنا للعام الجديد هي ان ينتهي عصر الطائفة والدين ويبدأ عصر الوطن والدولة
شكرا لسانتا كلوزات العراق الذين يرابضون في صحراء الموت ليعلنوا بداية الحياة