هو صديقي الذي لا أستطيع التخلي عنه او ان اقطع صلتي به بأي حال من الأحوال…
صديق طفولتي وصباي وكأنه قدر لا يمكن تغيره او تجاهله فنحن صديقان رغم اختلاف سيرتنا الذاتية وطبائعنا الاخلاقية ونحن في عمر متقارب لا يفصلنا من الزمن سوى سنتين أو أكثر هو الفرق الذي يكبرني به.
……………….
كنت أهم بالخروج من المنزل حين دخلت اختي الصغيرة التي لم تبلغ الرابعة بعد باكية وتلثغ بكلماتها وقامت قيامة امي لتعرف ما سبب بكائها وقد تمكنت بالفعل من معرفة السبب نتيجة ترديد اختي لأسم صديقي بلثغتها المعهودة وبالتفاتة امي الى ان قرطيها مسروقين وهذا هو سبب بكائها لذا صاحت بي :
الحق بصديقك فقد سرق اقراط اختك الصغيرة!!!!
كانت العبارة مؤلمة حقا وحاولت ان اتحاشى نظرت الاتهام التي وجهتها أمي اليَّ فسارعت لمزيد من الاستفسار من اختي الصغيرة محاولا تغيير الامر ولكن باءت محاولاتي بالفشل الذريع إذ بقيت اختي تردد أسم صديقي وتبكي قرطيها المسروقين ,لذا لم أجد بدا من ان اشمر عن ذراعي واطلق ساقي للريح محاولا اللحاق بصديقي وبعد جهد كبير استطعت ان امسك بتلابيبه قريبا من احد منعطفات الشارع الرئيسي فصرخ بي محاولا الافلات من قبضتي
ماذا دهاك… ماذا تريد؟
صرخت به انا الآخر
اخرج قرطي اختي الصغيرة.
قال متسائلا كمن اصابته الدهشة …
ما بك …اية اقراط …؟
وقبل ان اجيبه تحلق حولي الكثير من افراد عصابته ..صبيان على اعتاب سن الشباب لكنه اشار اليهم ان يبتعدوا فأن الأمر لا يتطلب عونهم قائلا بالحرف الواحد:
لا عليكم…انه اخي.
الامر بيني وبينكم شعرت بالارتياح لان تلك العصابة الشابة التي تأتمر بأمر صديقي قادرة على تغيير الموقف ولو بالإكراه وفي سري شكرت لصديقي كلمته تلك , لكنني بقيت متشبثا بتلابيبه واردد كلمتي الاولى او بالأحرى امري له بإعادة قرطي اختي الصغيرة .
اقول لك لم اسرق … اه منك يا اسمر(هكذا كان يناديني لأن بشرتي تميل الى السمرة) فتشني ها انا امامك.
واخرج جيوبه الفارغة وكان علي الاذعان للأمر الواقع بعد ان انتهيت من التفتيش لكني لم اكن واثقا من براءته لذا رحت اشدد عليه واطيل النظر الى عينيه القلقتين للحظات فإذا به ينفجر ضاحكا ويفتح كمي قميصه الذي كان قد طواه عدة طيات فإذا بالقرطين يسقطان الى الارض التقطتهما لا عيدهما الى اختي وانا اصرخ فيه لم تعد صديقي …..لم تعد صديقي…
…………………………………..
بعد فترة من الزمن
رأيته من جديد …
كان مختلفا وبشخصية جديدة لقد كبر وتعلم ونضج وتثقف من خلال الحياة وكأن حوادث الصبا حلم مضى طيبته البراءة ولم تعد له ظلال من الحقد أو الضغينة .اقترب مني وهمس قائلا : هذه هدية بسيطة بمناسبة نجاح اختك في المدرسة وكانت الهدية عبارة عن قرطين جميلين اشبه بقرطيها اللذين اوشك على سرقتهما قبل ثلاث سنين مضت.