سبق لي أن كتبتُ مقالات ونشرت أحاديث مرئية متعددة حملت عنوان المعارضة الوطنية المستقلة في إطارها العام هو جزء من نشاطي الاعلامي سواء في مرحلة المعارضة زمن النظام السابق ومابعد العام 2003. في المرحلة الأولى قبل العام 2003 كان الخطاب المعارض فيما نُشر لي هو تغيير النظام الحاكم الى نظام برلماني تعددي يحترمُ حقوق الإنسان وكان ذلك من خلال منظومة مؤسساتية مع المعارضة الرسمية. أما في مرحلة الإعلان الرسمي عن موقفي كمعارض للعملية السياسية القاتلة والفاسدة بعد العام 2003 فهو الاعلان الرسمي بتغيير العملية السياسية وهذا يعني قناعتي الشخصية أن من يحكمون العراق لم يعد بالإمكان ممارسة النقد او التظاهرات السلمية ضدهم فقط لفرض تصحيح مسار العملية السياسية من خلال إجراءات تأديبية تنطلق من ساحات التظاهرات ومقاطعة أي انتخابات تجري. هذا الموضوع وصل الى طريق مسدود يحتاج الى رؤية جديدة ومراجعة نقدية وخطوات عملية تكون مكمّلة لمسار حركة الاحتجاجات المدنية كي لا تذهب سُدى كل الجهود والدماء الطاهرة لأبناءنا وبناتنا في جميع مراحل النضال السلمي. عنوان المقال المعارضة العراقية لماذا ومتى؟ يُفترض أن يكون السؤالين موجهين الى المتلقي وكذلك من يقدمون أنفسهم معارضين ضد العملية السياسية في العراق. بالنسبة للشق الأول من العنوان للتساؤل لماذا المعارضة ؟ فكل الوقائع فرضت مرحلة جديدة هي الموقف والإعلان الرسمي عنه بل الافصاح بكل وضوح عما نريد وماهي طموحاتنا سواء ضمن عمل الجبهة الوطنية للتغيير في العراق أو كفرد ناضلت في هذا الطريق منذ أكثر من ربع قرن. فالموقف كثقافة معارض ليس جديدا في تاريخي النضالي وسيرتي الشخصية وعملي كذلك في مؤسسات الاعلام للمعارضة منذ العام 1991 وهذا يشمل أيضاً رفاقي المؤسسين معي للجبهة الوطنية للتغيير في العراق. هذه النقطة يجب ويُفترض أن تكون من اهتمامات الباحثين عن المعنى الحقيقي ومصداقية من يقدمون أنفسهم معارضين ولديهم مشروع وطني . أما الشق الثاني من السؤال متى المعارضة العراقية ؟ وأعني به ككيان رسمي ووجود على أرض الواقع فطبيعي أن يكون الإعلان ينطلقُ من موقف الفرد نفسه رسميا كمعارض ضد العملية السياسية او النظام الحاكم ثم تبدأ مرحلة البحث عن قواسم مشتركة مع آخرين في المواقف والتوجهات وكذلك الرؤى المشتركة لتحقيق التغيير المنشود هذا البحث بالتأكيد سيُترجم الى كيان كجبهة او مؤسسة معارضة يكون لديها أتباع وتحالفات مستقبلية. السؤال هنا لماذا لم ننجح حتى هذه اللحظة في استقطاب من يتوافقون معنا ؟ ولماذا هذا التقصير هل هو تقصير متعمّد؟ هل هناك عقبات قوية تقف في طريقنا كجبهة وطنية معارضة؟ أقول نعم نحن أمام تحديّات من يقدمون أنفسهم كنُخب سياسية او مثقفة او اعلامية ..أو …التحدّي الأول هو تقوقع الكثير منهم في عالمهم الوهمي لأنهم يعيشون في عزلة عن لغة المجموعة او لغة العمل الجماعي المشترك وبالتالي اضاعة فرص التحول في المواقف ومن ثم الانتاج. في نفس الوقت هناك جبهة مقابلة هي جبهة النظام السياسي الحاكم هؤلاء يملكون المال وشرعية المؤسسة الدينية المتناغمة مع مصالحهم وكذلك مراهنات الدول على النظام الحاكم فيكون الزمن هو الأسبق على كل ما ندعوا اليه.ونفقد فرصا عظيمة تهيأت من خلال مستجدات الأحداث المحلية والإقليمية والدولية. هذا فشل ذريع يواجهنا كمعارضين ويجب أن نخرج عن صمت المجاملات لأطراف أخرى تدّعي أنها معارضة. أقول أيضا آن الأوان أن نحسم أمرنا في كسر حواجز وهمية من صنع الأنا التي قتلت كل الجهود المخلصة لنكون فاعلين مؤثرين وداعمين منتجين لحركة ثورة تشرين الوطنية. كيف؟ في رأيي المتواضع من خلال المقترحات التالية /
اولا/ استقطاب كل الجهود الفردية أو الجماعية للمعارضين على أن تُراجع سيرتهم الذاتية تحسُباً للطارئين والمندّسين من أحزاب السلطة الحاكمة.
ثانيا / الاتفاق على مشروع وطني يتبنى وبلا تنازل عن ثوابت وخارطة طريق ثورة تشرين الوطنية.
ثالثا / وضع سقف زمني لمشروع المعارضة وعقد مؤتمرها التأسيسي العام .
رابعا / الانفتاح على العالم بلغة يفهمها الجميع من حيث المشروع الوطني الشامل وتتبع كافة السبل المشروعة لإيصال صوت المعارضة ومشروعها الوطني والتحرك على الجاليات العراقية أينما كانت بغية ضمها الى المعارضة وسحب الشرعية من النظام السياسي الحاكم الى المعارضة الوطنية ليكون ذلك واحدا من أساليب الضغط على دول العالم لاسيما الداعمة لتزوير وبقاء العملية السياسية كماهي فاسدة ومشوّهة. ويكون أيضا رسالة مهمة الى الداخل أننا نكمّل حركتكم ونضالكم وبالتالي زعزعة وجود النظام السياسي الحاكم.
خامسا / مصالح العراق العليا هي من أبجديات الخطاب الوطني الموجه الى العالم وكذلك تشجيع الدول على الانفتاح على المعارضة من منطلق المصالح المتبادلة والتحالفات المستقبلية .
نحن في الجبهة الوطنية للتغيير في العراق نمتلك امكانيات الخطاب والاستقطاب لكننا نتعامل مع الجميع بنظرة واقعية وليست سطحية ولانصادر حقوق وجهود الآخرين بل نبارك لهم فهل وجدتم الاجابة عن تساؤلاتي في منهج وعمل غيرنا؟. الجواب لدى الرأي العام والمعنيين بالأمر.