تتعالى اليوم الاصوات المنادية باعادة مجالس المحافظات بحجة انها مطلب دستوري ، وان غيابها يؤدي إلى عدم توفر الرقابة على المحافظين ، وقبل الرد نقول للدعاة ان هناك الكثير من المتطلبات الدستورية لم تنفذ منذ عام 2005 منها تكوين المجلس الاتحادي بموجب المادة 48 منه ، او تأسيس الهيئة العامة لضمان حقوق الاقاليم والمحافظات ، بموجب المادة 105 من الدستور، او تنفيذ ما ورد بالمادة 106 الخاصة بانشاء هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات ،او غيرها من المتطلبات الدستورية ،
لقد كانت تجربة مجالس المحافظات تجربة مرة لم يستوعبها المواطن ، لكون تلك المجالس ، مجالس مناكفات ومنابزات عكست كل لحظة اختلافات الكتل الحاكمة على المناصب والموارد ، وكانت عينة سيئة لمن تولى أمورها من المعنيين من الأميين وحملة الألقاب العشائرية لا الالقاب العلمية ، وقد تسببت تلك المجالس على الإتيان على ما هو يمت للحضارة في كل المحافظات ، كما انها كانت مجالس مستهلكة للموارد من حيث الصرف على الأعضاء او من حيث سرقة المال العام او توزيع الأراضي الاميرية او الاستيلاء على عقارات الدولة ، باختصار كانت تلك المجالس نموذجا سييئا من التنظيمات الادارية الفاشلة ، خاصة وانها خالفت ما ورد بالفقرة ثانيا من المادة 122 من الدستور والتي منحت للمجالس صلاحيات إدارية ومالية واسعة ، ولم ينص الدستور على صلاحيات سياسية كما كانت اغلب أنشطة تلك المجالس إذ تحولت من التكليف الإداري إلى العبث السياسي،
ان غياب هذه المجالس جعل المحافظين يخضعون للرقابة الشعبية التي هي كما أثبتت التجربة أنجع بكثير من رقابة مجالس المحافظات الفاسدة ، أن التوجه الصحيح يكمن في تغيير الدستور نحو انتخاب المحافظ ونائبيه مباشرة من قبل أبناء المحافظة ، وان يكون المدراء العامون للدوائر في المحافظة اعضاء الحكومة المحلية حسب الاحتصاص .
ان المطالبة باعادة تلك المجالس هو عمل ضد إرادة الشارع وانه يعيد من جديد الصراعات الحزبية القائمة على المنافع الخاصة التي أدت بالنتيجة إلى بقاء الشوارع الترابية والمدارس الطينية ، والحليم يدرس انتفاضة المحافظات الشيعية ويأخذ منا العبر…