( الوطن شجرة طيبة لا تنمو الا في تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم ) ونستون تشرشل
انتهينا من الحديث عن الأشرار الذين هدموا وخربوا العراق لكن السؤال المهم هل هناك أمل في التخلص من هؤلاء وكيف السبيل الى ذلك ؟ اسمع من الكثير ان الامل في اعادة مجد العراق اصبح ضعيفا ويزداد صعوبة كل يوم وهذا الأمر صحيح ! وغير صحيح ! سيكون جوابنا الفصل في الجملة الأخيرة من المقال … لنطلع على الجانب المضيء لنطلع على الأخيار الذين نتأمل منهم كل خير وعلى يدهم سيتحرر العراق
المقاومة الوطنية :
( لايمكن للأنسان التخلي عن حق مقاومة من يعتدون عليه بالقوة لأخذ حياته منه ) توماس هوبز
ان مقاومة المحتل أمر أقرته الشرائع السماوية والقوانين الدولية والقوانين التي اقرتها الدول الاوروبية وكل الاعراف والتقاليد انه الدفاع المشروع عن النفس .. الا العراق سمعنا اصواتا نشازا دولية واقليمية و محلية تنتقد مقاومة الاحتلال الامريكي وهو امر يدعو الى الغرابة حقا .. لماذا لايحق للشعب العراقي مقاومة المحتل ويحق للشعب الفرنسي او البولوني مقاومة المحتل الالماني .. كانت هناك مقاومة وطنية من العراقيين ضد المحتل ومنذ الايام الاولى للاحتلال أغلبهم من ضباط الجيش العراقي الابطال وعدد من المدنيين وكثير من تنظيمات حزب البعث لقد جابهت هذه المقاومة الوطنية حملة عسكرية شرسة وحملة اعلامية اكثر شراسة …لا يفوتني ان اذكر مثالين على المقاومة الوطنية الاول هو مقاومة مدينة صغيرة وهي (ام قصر ) في البصرة التي وقفت بوجه المحتل الامريكي وصمدت في مقاومتها رغم الامكانيات المتواضعة من السلاح والعتاد اذاقت القوات الامريكية الويل وصراخ النجدة لانقاذهم .. والثاني معركة المدينة الخالدة مدينة الابطال الفلوجة لتسجل ملاحم البطولة بوجه العدوان الامريكي .. الا ان الهجمة المعادية كانت اكبر من الامكانيات والاهم من ذلك هو عدم استجابة باقي فئات الشعب لمساندة المقاومة والتي ادت الى خيبة امل المقاومة الوطنية . ولعل احد الاسباب الرئيسية لعدم مشاركة الشعب من ( الطائفة الشيعية ) هي فتوى المرجع الاعلى السيستاني بعدم جواز مقاومة المحتل ( بعد ان استلم اوامر من ايران بذلك واستلم ثمنا لهذه الفتوى ) هذه للتاريخ يجب ذكرها مع الاسف !! لقد كانت الفتوى ( ان مقاومة المحتل هي دفاعا عن نظام صدام حسين ) وما معناه (ان الدفاع عن العراق هو دفاع عن نظام صدام حسين ) وهناك الكثير من الجهلة ممن صدق هذه الاكذوبة وهي ان الدفاع عن العراق ضد المحتل الامريكي حرام ؟؟؟؟ وهذه الفرية لم تحصل في كل التاريخ ونسوا ان الوطن اكبر من الجميع والدفاع عن الوطن هو الجهاد في سبيل الله .. واصبح سرقة المتحف العراقي حلالا لانها عمل ضد نظام صدام والحذر من ان تقول هناك سرقات في النظام الفاسد فسيتهموك بانك ( صدامي ) او بعثي .. ابتلع العراقيون الطعم وابتلعوا الفتوى الخبيثة .. والسبب الآخر هو الهجمة الشرسة لاعتقال الكثير من الضباط وتعذيبهم بسجن ابو غريب ( والانتهاكات معروفة ) .. مع حملة اعلامية شرسة ضد المقاومة وتشويه سمعتها ادت الى ضعف المقاومة وانحسارها ( وهذه كلها جاءت في عهد اياد علاوي الذي يتباكى الان على العراق ويتكلم بأسم المقاومة .. ودخلت بعد ذلك على الخط تنظيمات القاعدة الإرهابية ( المشبوهة الصلات بكل المخابرات الاجنبية ) التي اخذت تقتل العراقيين بأسم المقاومة الوطنية ( شرطي يعمل في وظيفته .. او معلم .. اوجندي واي موظف بسيط او حتى بدرجة عليا بتهمة العمل في دوائر الدولة ) واصبح امر تكفير العراقيين وقتلهم امر بغاية السهولة وكله لهدف واحد هو تفتيت المجتمع العراقي ، وما قتلتهم القاعدة من الكفاءات ومن العلماء المئات ان لم يكن الآلاف .. وقتلت من العراقيين الابرياء بالتفجيرات الآلاف .. ولم تستطيع ان تقتل شخص واحد من العملاء الذين دمروا العراق .. وكل ذلك لابعاد الانظار عما يعمله المحتل والعملاء وايران وفعلا نجحت كل هذه الجهود .. لكن بقيت جذور المقاومة الوطنية موجودة في الارض العراقية تنير الدرب للشباب في ثورتهم وادرك الشعب وان كان متأخرا حجم المؤامرة التي طالته لابعاده عن رؤية الفساد وتدمير بلدهم
ثورة الشعب 1 تشرين ما لها وما عليها :
ثورة 1 تشرين وما حملته من امل في التغيير (يبقى هذا الامل في حدود الممكن) نظرا لامكانيات المنتفضين اولا وامكانيات المعسكر المعادي المقابل ثانيا لكن هذا الممكن ينتظر مساندة الشعب له لتنمو الثورة وتحقق أهدافها . فالجانب الثاني ( او كما يسمونه الطرف الثالث ) المتمكن بكل الوسائل والذي تقوده الاحزاب والمليشيات والقوى التي اصبحت هي جسد وعقل المشهد العراقي ومن الصعب تحطيم هذا (الصنم) الجسد وتغييرالعقل الفاسد والمرتشي الذي يتحكم بهذا الجسد العفن المريض مالم تتكاثف كل الجهود الوطنية ..وحتى على افتراض لو دخل الثوار الانتخابات ( وانا اشك في ذلك ) وحصل المنتفضون في الانتخابات على موضع قدم فسيبقى الامر دون التغيير ( اي التغيير المنشود ) الذي يأمله عموم العراقيين الذين هم اصبحوا خارج المشهد وحتى على افتراض مجيء حكومة نظيفة وطنية فانها تبقى دون وسائل فعالة تمكنها من الوقوف بوجه تيار الرشوة والفساد والطائفية المجابهة لها فمن يملك السلطة الحقيقية هم احزاب وقوى ومليشيات تشكلت خلال العقدين وكما نسميه في الاصطلاح السياسي والاعلامي باللوبي حيث تجذرت كثيرا هذه (اللوبيات) وعمودها كان السرقة والفساد والمصالح الحزبية الضيقة .. وفي رأي المتواضع اذا كان هناك تغيير في المدى المنظور على الصعيد الداخلي والسياسي فهو نسبي ولا يغير من مجرى التيار العام .. اين هو التغيير المنشود ؟ والمجلس الفاسد مجلس النواب اقر في موازنة 2021 مادة تضمنت بيع أصول الدولة العراقية وثرواتها للأستثمار ( نفط ، غاز، مياه، اراضي ، مشاريع ، حتى المصارف الحكومية ) وبيعها حتى للدول الاجنبية .. انها واحدة من أخطر الخطوات منذ عام 2003 انها خطوة نحو افقار العراق بلدا وشعبا حيث ستزداد حيتان الفساد شراسة وشراهة وسيزداد هؤلاء غنى وسيزداد الفقير فقرا مما سينعكس ذلك على مفاصل
لقد أظهرت ثورة تشرين الباسلة عمق الازمة التي يعيشها النظام السياسي الذي أوجده المحتل الأمريكي على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والمالية والصحية والامنية .. ان ابرز معالم وظواهر التردي إدارة السلطة الفاسدة المرتشية للشأن العراقي .. ان انتفاضة تشرين الباسلة بجماهيرها وثباتها ارعبت الاحزاب الحاكمة ولم تتخيل هذه السلطة انها ستشهد هذه الحشود التي ملئت الساحات في اغلب محافظات العراق وبدات تهز عروش سلطتها الذي ينخره الفساد والرشوة هذه الجماهير التي لاتملك سوى حناجرها وصدورها العارية .. محملين بالامل والقوة والايمان بالحرية … لقد تعاملت حكومة الفرنسي الغبي عادل عبد المهدي مع الانتفاضة على انها فقاعة تنتهي بعد عدة ايام وتعاملت معها وهو غير مدرك لها ولابعادها ولجديتها ونتائجها ( لقد اعتبر الشارع العراقي حكومة عادل من اسوء الحكومات ولا يجاريها في السوء الا حكومة المالكي ) .. لكن ستبقى ثورة تشرين هي الامل للعراقيين وان طال الزمان
العراق الى اين ؟ هل من افق امامه ؟
سؤال اجابته تحمل الكثير من الاحتمالات ، اجابته تختلف باختلاف المجيب وأنه من الصعب وضع اجابة محددة والادعاء انه الجواب النهائي !! انه بالرياضيات يسمى الاحتمالات ! الاحتمالات المفتوحة
ان العراق بوضعه الحالي امامه طريق طويل لكي يتعافى من سنوات الخراب (ان تهدم فذلك سهل لكن ان تبني هو الصعب ) التي خلفتها الحروب والدمار والسرقات وعليه ليس من السهل الخروج من هذه الدائرة التي أسرتوسجنت الانسان والارض وما عليها .. ان الوضع المعقد في العراق لا يمكن فهمه وبمعزل عما يحدث في المنطقة العربية بل وحتى في العالم ومن سوء حظ العراق ان تكون الحكومات المتعاقبة على الحكم ومنذ 2003 تتميز بثلاثة امراض اولها التبعية للاجنبي والثانية هبوط وطنيتهم الى الصفر وثالث الامور هو الفساد وتفشي السرقة .. هذه الامراض جعلت من الدولة العراقية ضعيفة ومفككة .. وبالتالي انهيار الدولة وضعف المناعة لها امام كل الامراض السياسية والاقتصادية وامام الضغوط والتدخلات الاجنبية .. ان من البديهيات التي أصبحت معروفة في الشارع العراقي بل ومن ادبيات السياسة في العراق ان الاحزاب والاشخاص القابضين على السلطة جميعهم لهم امتدادات مع الخارج لذا سيكون للخارج دور في مواقفها فيما يتعلق بالسياسة الحكومية في الداخل والخارج على الخصوص .. وكما هو معلوم الآن ان العالم على ابواب تشكل جديد للعلاقات الدولية ( سيتغير العالم بالتاكيد بعد وباء كورونا وما نجم عنه من تداعيات اقتصادية ) حيث ستغادر تلك العلاقات هيمنة القطب الواحد والتي عرفتها العلاقات الدولية بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وانفراد امريكا بالهيمنة على السياسة الدولية بكل مفرداتها ولعل الحرب على العراق احدى ابرز تجلياتها .. واصبحت امريكا هي الامر الناهي .. ان اهم ما يميز هذه الفترة التي نعيش نهاياتها هي الحروب التي شنتها امريكا في العراق وافغانستان بالاضافة الى محاولات اسقاط الانظمة والتدخل في سوريا واليمن ولبنان … صاحبتها بروز مفاهيم وافكار جديدة كالفوضى الخلاقة وبناء شرق اوسط جديد .. ان الصعود الصيني كان الأبرز خلال هذه الفترة والعلاقات الجيدة الروسية الصينية والمحاولات الروسية في بناء سياسة تقوم على الاوراسية في مجابهة التغول الامريكي .. ان الاتفاق الصيني الايراني الذي شغل المسؤولين الاميركان سيلقي بظلاله على العلاقات الامريكية الصينية الآخذة بالتدهور وسينعكس على المنطقة العربية ومنها العراق مما سيعزز النفوذ الصيني في المنطقة … وستكون للعلاقات الاسرائيلية الخليجية دورا كبيرا في المنطقة العربية عموما والعراق خصوصا ( كيف يمكن الموازنة بين ايران من جهة والدول الخليجية من جهة اخرى انها موازنة ليست سهلة ) وعلينا الانتباه الى اهمية زيارة الكاظمي للسعودية ( والتي جاءت ونحن بصدد كتابة هذا المقال ) والاتفاقيات التي وقعها الجانبان وشملت مفاصل اساسية في العلاقات بين البلدين التي بدأت تاخذ منحى عودة العراق الى الحضن العربي وهذا تم بجهود السعودية لاعادة العراق وسحبه من الحضن الإيراني نأمل ان يكون العراق جادا بالانضمام والعودة الى الصف العربي ( فهو ادفيء من الحضن الايراني ) .
الحكومة العراقية الحالية والمرتقبة بعد الانتخابات عليها السير بين معسكرين المحور الامريكي الاوروبي الخليجي والمحور الإيراني وتحالفاته عليها الموازنة بينها دون إغفال تركيا ..
مما نريد قوله مع أملنا بالثوار وما تحمله الثورة من نتائج داخلية وخارجية ان تحقق للعراق الهدف الذي نسعى اليه وهو تعافي العراق والتخلص من الاحتلال الاجنبي والهيمنة الاقتصادية وخاصة الهيمنة الايرانية والتخلص من اللصوص والاحزاب والمليشيات العميلة .. وذلك لايتم الا بجهد وطني عراقي وتعاون كافة القوى الوطنية والاحزاب الوطنية والاتفاق على منهاج عمل لانقاذ العراق .. وبعكسه سيذهب العراق الى الانهيار والتشظي والتقسيم وهو ما يسعى اليه الاعداء بانتظار هذه الفرصة .. الامل في انقاذ العراق معدوم طالما سكت الشعب وبقي صامتا والامل كبير وموجود عندما ينهض الشعب وهو ماننتظره وهو املنا امل الثورة في الشعب