وكالات – كتابات :
من المقرر أن تبدأ فعاليات الجولة الثانية من “الحوار الإستراتيجي”، الذي طلبت الحكومة العراقية استئنافه مع الإدارة الأميركية، يوم الأربعاء المقبل السابع من شهر نيسان/أبريل الجاري، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، لبحث مجالات: “الأمن والثقافة والتجارة والمناخ والصحة ومكافحة الإرهاب والاقتصاد والطاقة”.
ويدرك البلدان أن التعاون الثنائي أمر حيوي في محاربة الإرهاب، بما يخدم المصالح المشتركة على أساس احترام سيادة “العراق” وتعزيز مؤسساته ومستقبل الشراكة بينهما، كما حددتها اتفاقية الإطار الإستراتيجي، الموقعة عام 2008، وبموجبها اتُفق على سحب القوات الأميركية من “العراق”، بحلول نهاية 2011.
وتدعم “واشنطن”؛ حكومة “مصطفى الكاظمي”، “الانتقالية”، في إجراء انتخابات مبكرة، في 10 تشرين أول/أكتوبر المقبل، ومواصلة تعزيز قدرات القوات الأمنية لفرض سلطة الدولة ونزع سلاح الفصائل التي تستهدف الوجود الأميركي في “العراق”.
ووفقًا لـ”البيت الأبيض”، عبر بيان صدر، في 23 آذار/مارس الماضي، فإن قوات “التحالف الدولي”، التي تقودها “الولايات المتحدة”، تتواجد في “العراق” لتقديم المشورة والتدريب للقوات الأمنية العراقية، لمنع تنظيم (داعش) من إعادة نشاطاته في “العراق”.
إلتزامات أميركية في المرحلة الأولى..
وتأتي المرحلة الثانية من “الحوار الإستراتيجي”، وهي الأولى في عهد الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، بعد جولتين من الحوار مع إدارة الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، خلال عام 2020، كانت الأولى خلال يومي 10 و11 حزيران/يونيو، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، والثانية يومي 19 و20 آب/أغسطس، خلال زيارة “الكاظمي”، لـ”واشنطن”.
وأكدت “واشنطن”، خلال المرحلة الأولى من “الحوار الإستراتيجي”، إلتزامها بسيادة “العراق” ووحدة أراضيه، وجدولة انسحاب القوات الأميركية، خلال ثلاث سنوات، يتم خلالها تأهيل القوات الأمنية العراقية مع استمرار “الولايات المتحدة” بتقديم الدعم في الحرب على (داعش)، ومساعدة “العراق” اقتصاديًا، ودعم حكومة “الكاظمي” في إجراء انتخابات مبكرة.
تقليص عدد القوات الأميركية..
ويشير مسؤولون أميركيون إلى أن مباحثات الطرفين، في جلسات “الحوار الإستراتيجي” المقبلة؛ ستركز على التنسيق والتعاون لضمان الهزيمة الكاملة لـ (داعش)، وما يمكن أن تقدمه القوات الأميركية المتواجدة في “العراق” من دعم للقوات الأمنية.
كما ستركز المناقشات على انسحاب المزيد من الجنود الأميركيين، المُقدر عددهم بنحو 2500 جندي ما زالوا في “العراق”؛ بعد سحب أكثر من 2700 منهم، خلال العام الأخير، من ولاية “ترامب”، (2017 – 2021).
وقلّصت “الولايات المتحدة” تواجدها العسكري في “العراق”، بنحو 60 بالمئة، بعد جولتي “الحوار الإستراتيجي” العام الماضي، حيث خفض “ترامب” عدد القوات الأميركية من أكثر من 5200 جندي إلى 2500، قبل مغادرته “البيت الأبيض”، في كانون ثان/يناير الماضي.
وستواصل الحكومة العراقية مناقشة إعادة نشر القوات الأميركية خارج “العراق”؛ في جلسات الحوار المقبلة، حسب تصريح لـ”الكاظمي”.
تحركات ميليشياوية بتوافق مع أذرعها السياسية..
ومنذ إعلان خسارة “ترامب” الانتخابات الرئاسية، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، توافقت الفصائل على “هدنة مؤقتة”، بوقف استهداف البعثات الأجنبية، مقابل مطالبة “الكاظمي”، لـ”واشنطن”، رسميًا بسحب قواتها من “العراق”.
وصعّدت الفصائل من وتيرة هجماتها على القواعد والمرافق الدبلوماسية الأميركية، بـ”العراق”، منذ اغتيال قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، ونائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي) العراقية، “أبومهدي المهندس”، في 3 كانون ثان/يناير 2020، عبر غارة أميركية، قرب “مطار بغداد الدولي”، بأمر مباشر من “ترامب”.
وتطالب الفصائل، عبر ممثلي أجنحتها السياسية في “مجلس النواب” العراقي، بإخراج جميع القوات الأميركية من “العراق”، بعد أن مررت، في 5 كانون ثان/يناير 2020، قرارًا بالطلب من “واشنطن” سحب جنودها من “العراق”، وهو قرار: “غير مُلزم” للسلطة التنفيذية، أي الحكومة العراقية، لعدم مصادقة رئيس الجمهورية عليه.
وتشدد الكتل النيابية الشيعية، على وجوب سحب جميع القوات الأجنبية من “العراق”، والقوات الأميركية خاصة.
بينما تتفق الكتل السياسية، العربية السُنيّة والكُردية، على ضرورة الإبقاء على القوات الأميركية لمهام قتالية في الحرب على (داعش)، الذي لا يزال ينشط في العديد من المحافظات “السُنيّة”، غربي وشمال غربي “العراق”، وفي المناطق المتنازع عليها على الحدود الإدارية لمحافظات “إقليم كُردستان”، شمالي “العراق”.
وفي تصريحات للنائب عن ائتلاف (دولة القانون)، برئاسة رئيس الوزراء الأسبق، “نوري المالكي”، (2006 – 2014)، كشف، “كاطع الركابي”، عضو لجنة الأمن والدفاع بـ”مجلس النواب”، أنه أكد على الوفد العراقي، المقرر مشاركته في جلسات “الحوار الإستراتيجي”، على ضرورة تنفيذ قرار المجلس بإخراج القوات الأجنبية من “العراق”، وأنه سيكون هناك موقف للمجلس في حال انتهت جولة الحوار دون إقرار الانسحاب.
الخيار الأميركي !
ومن المحتمل أن تسحب الإدارة الأميركية المزيد من جنودها، “القتاليين”، بعد الاتفاق مع “بغداد”؛ في جلسات الحوار المقبلة، مع الإبقاء على عدد من المستشارين لدعم مهمات جنود “حلف شمال الأطلسي”، الـ (ناتو)، الذين سيزيد الحلف عددهم، في “العراق”، إلى نحو 4000، بعد تخفيضه، في 2020، بسبب جائحة (كورونا)، حسب تصريحات الأمين العام للحلف، “ينس ستولتنبرغ”، في شباط/فبراير الماضي.
وصوّتت لجنة في “مجلس النواب” الأميركي، في 26 آذار/مارس الماضي، على إلغاء التفويض العسكري المتعلق بغزو “العراق”، عام 2003، على أن يُعرض لاحقًا للتصويت عليه من مجلسي، “النواب” و”الشيوخ”، (الكونغرس)، ليُصبح نافذًا في حال صادق عليه الرئيس الأميركي.
ويتوقع مراقبون أن يكون وضع جدول زمني لانسحاب القوات القتالية الأميركية من “العراق”؛ على رأس أولويات مناقشات المرحلة الثانية من “الحوار الإستراتيجي، لكنه من المستبعد أن توافق الإدارة الأميركية على سحب جميع قواتها القتالية من “العراق”.
لذلك فإن “الولايات المتحدة”، “قد”، تضع العراقيين أمام خيارين، فإما إبقاء وضع القوات الأميركية على ما هي عليه لأداء مهامها بنجاح وفق رؤية القادة العسكريين الأميركيين، أو الانسحاب الكلي، وهو ما تسعى إليه الكتل السياسية الشيعية، لكنه لا يتوافق مع رغبة الحكومة العراقية، التي تسعى إلى إبقاء قوات أميركية بأعداد محدودة تكفي لدعم القوات الأمنية في الحرب على (داعش).
“الأمن والدفاع” النيابية تضع ثوابت !
من جانبها؛ كشفت “لجنة الأمن والدفاع”، في “مجلس النواب”، اليوم الجمعة، عن محاور الجولة الجديدة من “الحوار الإستراتيجي”، فيما أكدت وجوب وجود ثوابت تخص “العراق” للاستفادة من الجولة المقبلة من الحوار.
وقال عضو اللجنة، “بدر الزيادي”، في تصريح صحافي، إن: “الجولة الجديدة من الحوار الإستراتيجي، بين العراق والولايات المتحدة الأميركية، التي ستنطلق في السابع من شهر نيسان/أبريل الجاري، ستتضمن محاور اقتصادية وسياسية وأمنية”، مشيرًا إلى أن: “الحكومة العراقية لديها ملفات لمناقشتها ضمن خطة الكاظمي؛ بشأن الوضع الأمني بشكل خاص”.
وأضاف “الزيادي”؛ أنه: “في هذا الحوار يجب تثبيت النقاط الرئيسة حتى يمكن الاستفادة منه، ولا يكون شكليًا، فيجب أن تكون فيه ثوابت تخص العراق لكونه يحتاج إلى الكثير ويجب الاستفادة من العلاقات الدبلوماسية”، مبينًا أن: “العراق اليوم لديه قوات أمنية ممتازة ومتطورة، وبإمكانه الاعتماد على نفسه في الدفاع عن حدوده من دون الحاجة إلى قوات إضافية”.