خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تكشفت أخيرًا نوايا الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، تجاه “إسرائيل”، فبعد سنوات من الخلافات العلنية، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن محاولات تركية للتقارب مع “إسرائيل”، وإعلان “أنقرة” استعدادها لإرسال سفير إلى “تل أبيب”.
صحيفة (إسرائيل هيوم) نقلت عن مسؤول تركي كبير قوله، إن: “الحكومة التركية مستعدة لإرسال سفير إلى تل أبيب؛ بمجرد أن تلتزم الحكومة الإسرائيلية بالرد بالمثل في نفس الوقت”.
يُذكر أنه، منذ آيار/مايو 2018، كانت “تركيا” قد أوقفت مع “إسرائيل” تبادل السفراء، وذلك على إثر الأزمة السياسية المتعلقة بنقل السفارة الأميركية من “تل أبيب” إلى “القدس”، فيما تواصلت العلاقات التجارية بين البلدين دون انقطاع.
العلاقات لم تنقطع بين تركيا وإسرائيل !
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن، “كاريل فالانسي”، المحلل السياسي لصحيفة (T24) التركية، قوله: “لم تقطع تركيا وإسرائيل علاقاتهما الدبلوماسية أبدًا، رغم كل الأحداث السلبية على مر السنين”.
مضيفًا “فالانسي”: “نجح كلا البلدين في الفصل بين الاقتصاد والسياسة، وساعد كل منهما الآخر في القضايا الإنسانية. وقنوات الحوار مفتوحة دائمًا، لذا ليس من السهل على أي من البلدين التخلي عن علاقتهما. وبهذا، عانت العلاقة إلى حد كبير، مما يعني أن هناك حاجة إلى إرادة سياسية وتدابير بناء الثقة؛ من أجل إعادة تأهيلها”.
العزلة حفزتها لتطبيع العلاقات..
أما ما يتعلق بالسياسة الخارجية التركية، فقال “فالانسي”؛ إن: “عزلة تركيا المتزايدة في المنطقة وعلاقاتها المتوترة مع الولايات المتحدة؛ هي العوامل المحفزة لمقترحات أنقرة لتطبيع العلاقات مع دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل”.
وأشار “فالانسي” إلى أن “إسرائيل لن تتجاهل فرصة إعادة تأهيل العلاقات مع تركيا، لكنها تريد التأكد من نوايا تركيا، إذ اعتادت تركيا أن تكون شريكًا اقتصاديًا ودبلوماسيًا ودفاعيًا حيويًا لإسرائيل، وبذلك أصبح الوضع اليوم مختلف، فبينما تراجعت العلاقات (التركية-الإسرائيلية)، عززت إسرائيل علاقاتها مع العديد من الدول الأخرى في الشرق الأوسط والخليج العربي”.
وأوضح أن دعم “أنقرة” لحركة (حماس)، واهتمامها المتزايد بـ”القدس”، تعني أن “إسرائيل” ستتعامل معها بحذر.
تغير إستراتيجيات السياسة الخارجية للبلدين..
من جهته، علق السفير التركي السابق في تل أبيب، “أوغوز تشيليكول”، لوكالة (سبوتنيك)؛ على آفاق تحسين العلاقات “التركية-الإسرائيلية”، وفي حديثه عن أسباب: “المستجدات الساخنة” الناشئة، أكد الدبلوماسي: “أولاً وقبل كل شيء، نرى أن هناك بعض التغييرات في إستراتيجيات السياسة الخارجية لكلا البلدين. إذا نظرنا من الجانب التركي، فإننا نلاحظ تعزيز السياسة المعادية لتركيا من جانب اليونان المجاورة”.
وأضاف: “تعمل آثينا على إنشاء جبهة مناهضة لتركيا في شرق البحر الأبيض المتوسط، بينما تنتهج سياسة جذب الدول الكبيرة إلى المنطقة. باختصار، رأت تركيا أن السياسات التي تهدد مصالحها الوطنية تنبع من اليونان. وبالتالي، أجبر هذا أنقرة على إعادة التفكير في سياستها الخارجية”.
وقال: “أما بالنسبة لإسرائيل، فبعد إنتهاء الولاية الرئاسية، لدونالد ترامب، في الولايات المتحدة، كان هناك احتمال لعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران واستئناف الحوار مع طهران. في هذه الحالة، أعرب الجانبان عن رغبتهما في تحديث خط سياستهما الخارجية”.
وبحسب “تشيليكول”، فإن التعيين المتبادل للسفراء سيكون خطوة مهمة نحو تطبيع العلاقات “التركية-الإسرائيلية”، وقال: “إذا توافرت الإرادة السياسية لدى الجانبين، يمكن أن يحدث تطبيع العلاقات بسرعة كبيرة. يجب تسهيل هذه العملية من خلال التعيين المتبادل للسفراء. لا توجد مشاكل كبيرة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وهي مستمرة في التطور. ومع ذلك، فإن تركيا وإسرائيل لديهما عدد من القضايا الحساسة الخاصة بهما والتي سوف تحتاج إلى النظر فيها في المستقبل”.
تودد “إردوغان” لتل أبيب..
وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، في كانون أول/ديسمبر الماضي، قد قال أن تركيا: “ترغب في إقامة علاقات أفضل مع إسرائيل”، مؤكدًا أن المحادثات على المستوى الاستخباراتي استؤنفت بين الجانبين.
وقال “إردوغان”، وقتذاك، إن تركيا: “كانت تود أن تصل العلاقات مع إسرائيل إلى نقطة أفضل”.
لكنه أشار، في الوقت ذاته؛ إلى أن: “السياسة تجاه فلسطين خط أحمر بالنسبة لنا. من المستحيل أن نقبل السياسة الإسرائيلية تجاه فلسطين. تصرفاتهم التي تفتقر إلى الرحمة هناك غير مقبولة”.
وأضاف: “لو لم تكن هناك قضايا على أعلى المستويات لكانت علاقاتنا مختلفة تمامًا.. نريد أن نصل بعلاقاتنا إلى نقطة أفضل”.
نية “إردوغان” هذه لعودة العلاقات أعلنها بعدما دفع حليفه الإذربيغاني، “إلهام علييف”، للتوسط مع “إسرائيل”، وإصلاح العلاقات بأسرع وقت، “وإبلاغ الطرف الإسرائيلي أن، إردوغان، تعرض لحملة تضليل من مستشاريه حول العلاقة مع تل أبيب”، بحسب ما ذكره موقع (أكسيوس) الأميركي.
وقال وزير الخارجية الإذربيغاني، “جيهون بيرموف”، في اتصال هاتفي مع نظيره الإسرائيلي، “غابي أشكنازي”، إن “إذربيغان” تعتقد أن الوقت مناسب لـ”إسرائيل” و”تركيا” لإصلاح العلاقات.
تقويض كتائب المقاومة شرط إسرائيل للعودة..
وذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، في كانون ثان/يناير الماضي؛ أن “إسرائيل” ستشترط على “تركيا” إغلاق مكتب حركة (حماس) بـ”إسطنبول”، ووقف أنشطة الأسرى المحررين المرتبطين بكتائب (القسام)، لإعادة العلاقات بين البلدين.
ونقلت الصحيفة، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي؛ قوله إن: “إردوغان كان سيكون سعيدًا جدًا بعودة سفيرنا إلى أنقرة، لكن ما يهمنا هو نشاط (حماس) في تركيا”، ولذلك تشير التقديرات إلى أن “إسرائيل” ستطلب من “تركيا” إغلاق مكتب (حماس) في “إسطنبول” كشرط لعودة العلاقات.
وزعم الدبلوماسي الإسرائيلي أن (حماس) تمتلك مكتبًا كبيرًا في “إسطنبول”، يعمل به أسرى من صفقة “شاليط” تم ترحيلهم إلى الخارج البلاد كجزء من الصفقة التي تمت بين “إسرائيل” و(حماس)، بالعام 2011، إذ ينشط المكتب لتعزيز نفوذ (حماس) بالضفة وتنفيذ عمليات.
تعيين سفيرة إسرائيلية في أنقرة..
ومؤخرًا، قامت الخارجية الإسرائيلية بتعيين الدبلوماسية، “إيريت ليليان”، التي كانت سفيرة إسرائيل لدى “بلغاريا”، كرئيسة للسفارة الإسرائيلية في “أنقرة”، وهي دبلوماسية مخضرمة وخبيرة في شؤون “تركيا”.
وحسب الصحيفة: “لقد تم تعيينها لهذا المنصب في سفارة إسرائيل بأنقرة، كرسالة حسن نية من جانب إسرائيل لزيادة الاتصالات الدبلوماسية مع تركيا، وفحص ما إذا كان من الممكن فتح صفحة جديدة في العلاقات”.
حذر إسرائيلي..
بموازاة ذلك، يقول المسؤولون الإسرائيليون إنهم سيكونون حذرين للغاية، بالنظر إلى شكوكهم بشأن نوايا “إردوغان” الحقيقية. كما أن “إسرائيل” لن تضر بعلاقاتها مع “اليونان” و”قبرص” من أجل إصلاح العلاقات مع “تركيا”.
كما يعلل المحللون رغبة “تركيا” في عودة العلاقات مع “إسرائيل”، إلى نزاعها مع “اليونان” و”قبرص” بشأن التنقيب عن “الغاز الطبيعي”، في “شرق البحر المتوسط”.