23 ديسمبر، 2024 5:17 م

انتخابات العراق 2021 .. إلغاء تصويت الخارج يحرم 5 ملايين من حقهم الدستوري بتبريرات مختلفة !

انتخابات العراق 2021 .. إلغاء تصويت الخارج يحرم 5 ملايين من حقهم الدستوري بتبريرات مختلفة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا حول مدى دستوريتها، قررت “المفوضية العليا المستقلة للانتخابات” في “العراق”، الثلاثاء الماضي، إلغاء تصويت الناخبين المقيمين بالخارج في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها، في العاشر من تشرين أول/أكتوبر المقبل، عازية القرار لأسباب فنية وقانونية ومالية وصحية.

وقالت المفوضية، في بيان لها، إن: “إجراء العملية الانتخابية في أماكن غير خاضعة للسيادة العراقية يجعلها خاضعة لقوانين تلك الدول ولا ولاية للقضاء العراقي على المخالفات والتجاوزات التي قد تحصل خلال إجراء العملية الانتخابية، إضافة إلى أن إرسال موظفي المفوضية إلى دول أخرى في ظل الظروف الصحية الحرجة المتمثلة بانتشار جائحة (كورونا) يعرض سلامتهم إلى الخطر، وهو ما أوضحته الأمانة العامة لمجلس الوزراء”.

وأكدت أن: “مجلس المفوضين الحالي، ومنذ تسلمه لمهامه؛ عمل جاهدًا لأن تكون إجراءاته المتخذة في تنظيم وإجراء انتخابات العراقيين في الخارج سليمة وموافقة للقانون، وبناءً على ما تقدم، وحيث إن المعوقات العديدة المذكورة آنفًا والمعطيات المفروضة على أرض الواقع تُعد ظرفًا قاهرًا يحول دون إتمام هذه العملية على نحو سليم”.

وأضاف البيان أنه: “ومن أجل إطلاع الرأي العام وأبناء شعبنا العراقي الذين نتطلع لمشاركتهم الفعالة في العملية الانتخابية المقبلة، قرر مجلس المفوضين في جلسته الاستثنائية المنعقدة، في 22/3/2021: (عدم إجراء انتخابات مجلس النواب لعراقيي الخارج، المقرر إجراؤها في 10/10/2021)”، مؤكدًا على أن: “هذا الموعد حتمي لا يمكن تغييره من الناحية القانونية”.

تكليف بحسم موضوع انتخابات المغتربين..

وكان رئيس وزراء العراق، “مصطفى الكاظمي”، قد طالب “المفوضية العليا للانتخابات” العراقية؛ بحسم موضوع انتخابات المغتربين، داعيًا إياها لتولي كامل المسؤولية، بشأن أخذ القرار الملائم لحسم موضوع إجراء انتخابات الخارج.

وقررت الحكومة العراقية، في 19 كانون ثان/يناير الماضي، تأجيل الانتخابات البرلمانية المبكرة لتجرى في، تشرين أول/أكتوبر المقبل، بدلاً من حزيران/يونيو 2021، بناء على اقتراح مفوضية الانتخابات.

وفي تموز/يوليو الماضي، حدد رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، السادس من حزيران/يونيو المقبل، موعدًا لإجراء الانتخابات البرلمانية، وشدد على ضرورة المضي قدمًا لإنجاح الانتخابات المبكرة. وشدد على أن: “مفوضية الانتخابات بحاجة إلى دعم جهودها، وتذليل كل العقبات أمام احتياجاتها من الوزارات وتجنيبها الإجراءات البيروقراطية والروتينية، لأجل إنجاح عملها”.

خطوة تمنع التزوير وتحد من إهدار المال العام..

وتباينت ردود الأفعال حول القرار، فقد اعتبر النائب عن كتلة “الاتحاد الوطني الكُردستاني”، “ريبوار طه”، قرار المفوضية، إلغاء إجراء الانتخابات في الخارج: “أول خطوة من شأنها منع التزوير والحد من هدر المال العام”.

وقال “طه”، في بيان: “نبارك خطوة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات؛ ونُعدها قرارًا صحيحًا ولا غبار عليه، ونشد على يد المفوضية لاتخاذ قرارات أخرى مماثلة لضمان نزاهة واستقلالية العملية الانتخابية”.

توقعات بضغوط مقبلة..

كما عبرت كتلة (سائرون) عن موقفها من قرار إلغاء انتخابات العراقيين في الخارج، فيما توقعت ضغوطات كبيرة قالت إنها ستمارس، خلال الأيام المقبلة، لإعادة النظر بالقرار.

وقال عضو الكتلة النائب، “صباح العكيلي”، في تصريحات إعلامية، إن: “المشكلة التي عانينا منها في انتخابات الخارج، هي كثرة التزوير الذي حصل، وهذا كان سببًا مباشرًا للضغط لإلغائها”.

وتابع: “لكن أعتقد أن الكثير من الجهات ستضغط بشكل كبير جدًا؛ لأنهم يعتبرون أن جمهور الخارج سيحقق لهم النتائج المرجوة”.

يُذكر أن عمليات اقتراع الخارج في الانتخابات التشريعية، للدورة الماضية 2018، كانت قد شابتها شبهات تزوير وتلاعب بالأصوات، وهو ما اعتبرته بعض القوى السياسية والكتل البرلمانية: “طوق نجاة” للجهات التي لم تكسب أصواتًا في انتخابات الداخل؛ بسبب تراجع شعبيتها.

تبريرات غير منطقية..

فيما أكد القيادي في “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، “ريبين سلام”، أن؛ “تبريرات المفوضية غير منطقية وغير مقبولة من الناحية الفنية والإدارية، ولذا يجب عليها مراجعة هذا القرار الذي كأنما يقول للمواطنين في الخارج بأنهم ليسوا أبناء البلد، ولا يحق لكم تقرير مصيره”، مشيرًا إلى أن: “الكُرد سيتضررون من هذا القرار، وأيضًا الأقليات الأخرى من المسيحيين والإيزيديين، خاصة ولدينا الآلاف من المواطنين الكُرد المهاجرين في ألمانيا، والسويد، والنرويج، والدول الأخرى”.

قرار غير سليم يفتقر للأساس القانوني !

عضو البرلمان العراقي، الدكتور “ظافر العاني”؛ قال إن: “هذا القرار غير سليم ويفتقر للأساس القانوني”، مضيفًا أن: “الأعذار التي قدمتها المفوضية كاللوجيستية والصحية والفنية تفتقر للدقة؛ لأنها أصلاً لم تباشر بإجراءاتها حتى اليوم”، مؤكدًا أن: “قطع صلة العراقيين الذين قهروا على مغادرة البلاد؛ لا يصب في صالح العملية السياسية”.

من جهته، يرى عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، “يحيى المحمدي”؛ أنه: “دستوريًا لكل عراقي الحق بالانتخاب، وهذا أمر لا جدال فيه، وكذلك تم تحديد فقرة في قانون الانتخابات تشير إلى قيام المفوضية بإجراءات تحديث سجلات العراقيين في الخارج على أن تكون انتخاباتهم بالطريقة البايومترية حصرًا أسوة بالنازحين والأجهزة الأمنية”.

وأضاف “المحمدي”: “الذي حصل أننا، وفي خلال لقاءاتنا مع المفوضية العليا للانتخابات، وجدنا أنها غير قادرة على إجراء عمليات التحديث، وإصدار البطاقات البايومترية؛ بسبب انتشار جائحة (كورونا)، في تلك البلدان، وبالتالي أصبحنا أمام سبب قاهر في عدم إشراك المواطنين في الخارج”.

مطلوب كواقع حال..

أما رئيس حركة (كفى) والعضو السابق في البرلمان العراقي، “رحيم الدراجي”، فقال إنه: “برغم أن عدم إجراء انتخابات الخارج قرار غير دستوري، لكنه مطلوب كواقع حال”، مبينًا أن: “هناك أسبابًا عديدة؛ منها الأزمة السياسية التي يمر بها العراق، التي تحتاج إلى كسب ثقة الناخب، كما أن صوت الخارج لا يمثل حقيقة المأساة التي يعانيها المواطن في الداخل”، موضحًا أن: “انتخابات الخارج مكلفة ماديًا وفيها هدر كبير للمال العام، فضلاً عن كونها مجالاً واسعًا للتلاعب والتزوير، وبالتالي من الصعب ضمان نزاهتها”.

مفوضية الانتخابات لا تتمتع بالاستقلالية التامة..

كما يعلق أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد” والسفير السابق بالخارجية العراقية، الدكتور “قيس النوري”، قائلاً أن “مفوضية الانتخابات العراقية” لا تتمتع بالاستقلالية التامة؛ التي تؤهلها للعمل بشفافية وحيادية تامة، في ظل ما هو سائد الآن في البلاد من محاصصة طائفية وهيمنة للأحزاب وميليشياتها المسلحة.

وأوضح أن الممارسات السابقة؛ أثبتت للمفوضية وقوعها تحت ضغط وتأثير هذا الوضع، الذي جرد الانتخابات من نزاهتها بفعل التزوير وسطوة الميليشيات، الأمر الذي يجعل الخوف والترقب هو سيد الموقف في أي عملية قادمة.

وذكر “النوري” أن القرار الأخير بإلغاء التصويت في الخارج؛ يأتي نظرًا لمعرفة  القائمين على المفوضية بأنه يستحيل التدخل في نتائج التصويت في الخارج، لأنها خارج سطوتهم، فهم يتحكمون في عملية الفرز والنتائج في الداخل، كما تحدث عمليات تزوير وتلاعب بأصوات الناخبين.

يضيع 4 ملايين صوت !

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية؛ أن هذا القرار يُغّيب نحو أربعة ملايين صوت عراقي يعيشون في الشتات، وهو ما يُشكل نسبة عالية من الذين يحق لهم التصويت، كما أن هذا القرار يعني عدم الاهتمام حتى بالجانب الشكلي، إضافة إلى الجانب الموضوعي من عملية الانتخاب، لافتًا إلى أنه في كل الأحوال ما يهم المفوضية هو الوصول إلى نتائج تتوافق ومصالح وهيمنة القوى السياسية الحاكمة، من خلال العمل في بيئة مقموعة ومسيطر عليها وهذا غير متوافر في بيئة المهاجر العراقية.

ضربة كبيرة للديمقراطية..

كما قال المحلل السياسي العراقي، “عبدالقادر النايل”، أنه مخالفة صريحة للدستور، مشيرًا إلى أن قرار مفوضية الانتخابات بإلغاء التصويت للعراقيين في الخارج، الذي يعاني أكثرهم من التهجير القسري، ليس رغبة منهم في ترك وطنهم ومنازلهم الخاصة، وتعريض أنفسهم وأهلهم للمخاطر. وهناك مناطق مهمة لا يسمح لأهلها بالعودة إلى ديارهم التي تم تهجيرهم منها قسرًا، مثل: “جرف الصخر” و”عزيز بلد” وغيرها من المناطق، وهذا يعني أن هذا القرار يُعد مخالفة صريحة للدستور الحالي وقوانين الانتخابات، ويُشكل ضربة كبيرة للديمقراطية التي عليها ملاحظات كبيرة داخل “العراق”.

السلاح يحدد شكل الحكومة القادمة..

وأوضح المحلل السياسي؛ أنه منذ ثمانية عشر عامًا، وأغلب الشعب العراقي يقاطع الانتخابات، والمقاطعة إزدادت في آخر عملية انتخابية ووصلت إلى 80 في المئة، لذا فإن فشل مفوضية الانتخابات في إجراء انتخابات الخارج؛ يؤكد أنهم غير قادرين على إدارة الانتخابات وأنهم يسعون إلى تزوير الانتخابات القادمة، ولاسيما أن الاستعراضات الأخيرة المسلحة تؤكد أن الشعب العراقي أصبح مقتنعًا أن السلاح هو من سيفرض شكل الحكومة القادمة، وليست صناديق الاقتراع.

ويتساءل “النايل”؛ حول أن العراقيين في الخارج يُشكلون 5 ملايين مواطن، أي أن نسبتهم في البرلمان تساوي خمسين مقعدًا، فلمن ستذهب هذه المقاعد ومن سيشغلها، والقانون والدستور الحالي يؤكد أن كل 100 ألف نسمة يمثلهم نائب، لذا لابد من تجميد عضوية خمسين نائب ما دام عراقيين الخارج تم إلغاء حقهم في التصويت.

ويساهم تخفيض عدد النواب في حذف مبالغ مالية كبيرة من الميزانية المالية، لأن رواتبهم سوف تجمد أيضًا مما سيخفف عن الاقتصاد العراقي، وهذا حق العراقيين في الخارج.

وطالب المحلل السياسي، المفوضية العُليا للانتخابات”؛ بإلغاء جميع الإمتيازات التي تخصص لكل مئة ألف عراقي والآثار المترتبة، وفق قانون الانتخابات، طالما أقدمت المفوضية على إلغاء تصويت الخارج.

ليس من الضروري إجراء انتخابات الخارج والمبرر مقنع !

في السياق نفسه، أكد الخبير في شؤون الانتخابات ورئيس أول إدارة انتخابية في العراق، “عادل اللامي”، في حديثه لـ (الشرق الأوسط)؛ إنه: “ليس من الضروري إجراء انتخابات في الخارج للعراقيين المقيمين هناك بصفة دائمة”، مشيرًا إلى أنه: “من خلال التجارب السابقة؛ فإن مشاركة ناخبي الخارج تقل عن 10 في المئة في كل الانتخابات السابقة”. لكن “اللامي”، أقر في الوقت نفسه؛ أن: “قرار مجلس المفوضين مخالف للقانون الذي نص صراحة على إجرائها، والمفوضية تذرعت أن سبب إلغاء انتخابات الخارج يعود لضيق الوقت وصعوبة فتح حسابات وغيرها، أي أن شرعية الإلغاء مبنية على نظرية الظروف الطارئة وهذا مبرر مقنع لإلغائها”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة