خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة قد تجد طريقًا للسلام على أرض “اليمن”، أعلن وزير الخارجية السعودي، الأمير “فيصل بن فرحان”، الإثنين الماضي، مبادرة ترمي إلى إنهاء الأزمة في “اليمن”، التي دخلت عامها السابع.
وأوضح “بن فرحان”، في مؤتمر صحافي عقده في “الرياض”؛ أن: “نريد وقف إطلاق نار شامل، تمهيدًا للحوار السياسي، والكرة الآن في ملعب الحوثيين”.
وأضاف: “لا مؤشر، حتى الآن، على رغبة الحوثيين في السلام”.
وتابع وزير الخارجية السعودي: “المملكة تنسق مع الأمم المتحدة لوضع حد للأزمة في اليمن”، مؤكدًا: “سنواصل دعمنا للشعب اليمني وحكومته الشرعية”.
وشدد الأمير “فيصل بن فرحان”، في الوقت ذاته، على أن تدخلات “إيران” هي التي تؤثر على الوضع في “اليمن”، لافتًا إلى أن المملكة تحافظ على حقها في الدفاع عن نفسها في “اليمن”.
وقال إن المبادرة تشمل فتح “مطار صنعاء” أمام الرحلات المباشرة، الإقليمية والدولية، والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية ثم بدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية برعاية “الأمم المتحدة”، بناء على مرجعيات قرار “مجلس الأمن الدولي”، (2216)، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني.
وأردف “بن فرحان”؛ أن “السعودية” تدعو، الحكومة اليمنية و”الحوثيين”، إلى قبول المبادرة، فهي تمنح “الحوثيين” الفرصة لتحكيم العقل ووقف نزيف الدم ومعالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية الصعبة، التي يعاني منها الشعب اليمني، وأن يكونوا شركاء في تحقيق السلام.
ودعا “الحوثيين” إلى اختيار مصالح الشعب اليمني؛ عوضًا عن الرضوخ للمشروع الإيراني في المنطقة.
وشدد وزير الخارجية السعودي على أن المبادرة ستتم تحت إشراف “الأمم المتحدة”.
وأضاف أن هذه المبادرة تأتي في إطار دعم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى “اليمن”، “مارتن غريفيث”، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، “تيموثي ليندركينغ”، والدور الإيجابي لـ”سلطنة عُمان”، وشارك في المؤتمر الصحافي أيضًا؛ المتحدث باسم قوات التحالف لدعم الشرعية في اليمن، العقيد “تركي المالكي”، والسفير السعودي لدى الحكومة اليمنية، “محمد آل جابر”.
وقال “المالكي”؛ إن وقف إطلاق النار بـ”اليمن” مشروط بقبول المبادرة من كافة الأطراف.
ترحيب الحكومة اليمنية ورفض حوثي..
في حين رحّبت الحكومة اليمنية بالمبادرة، باعتبار إنها: “اختبار حقيقي لمدى رغبة الميليشيات، المدعومة من إيران، في السلام”، رفضها “الحوثيون” وقلّلوا من أهميتها؛ وقالوا إنها: “لا تتضمن شيئًا جديدًا”.
وقال كبير المفاوضين الحوثيين، “محمد عبدالسلام”، إنهم سيواصلون المحادثات مع “الرياض” و”مسقط” و”واشنطن”، في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام.
وقال “عبدالسلام”، لـ (رويترز)؛ إن فتح المطارات والموانيء: “حق إنساني”، ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط.
كما قال القيادي في حركة (أنصار الله)، “محمد البخيتي”، لوكالة أنباء (سبوتنيك) الروسية: “إن أي مبادرة مرفوضة ما لم تُلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، بما في ذلك قوات التحالف الدولي، بقيادة السعودية، وهذه المبادرة غير كاملة لأنها لم تُلزم جميع الأطراف الداخلية والخارجية بوقف إطلاق النار والانتقال للحل السياسي الشامل، نحن من جهتنا سنلتزم بأي مبادرة شاملة وعادلة ومع إعادة الاستقرار لليمن وحل الأزمة”.
فرقعة إعلامية وتهرب سعودي !
وقال مستشار المجلس السياسي الأعلى، عضو فريق المصالحة الوطنية، الشيخ “محمد طاهر أنعم”: “هذه المبادرة من وجهة نظرنا هي فرقعة إعلامية وصلتنا عبر الإعلام، وكما قال رئيس الوفد الوطني، محمد عبدالسلام، هي عبارة عن إعلان لا يرقى إلى درجة مبادرة، وليس فيه جديد، وهو مطروح من قبل السعوديين، منذ عدة أشهر، ولم يلق موافقة يمنية”.
وأوضح “أنعم”؛ أن: “هذه المبادرة نوع من التهرب السعودي والتخوف من الضربات اليمنية، التي بدأت تأخذ منحى خطيرًا. نحن لن نقبل بأن تكون السعودية وسيطًا؛ لأنها طرف، ونحن نعتبر أنفسنا في حالة حرب معها. حل الحرب (السعودية-اليمنية) يكمن في أن يتقدم طرف آخر محايد يجمع الطرفين، وكان عضو المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، قد طالب بتدخل الحكومة الروسية، التي تعتبر جهة نزيهة ومحايدة، وهنا عُمان وأطراف محايدة أخرى يمكن أن تتدخل”.
مشروع حرب دائمة واستمرار للاحتلال..
وعلق السفير الإيراني في صنعاء، “حسن إيرلو”، على المبادرة، واعتبر في تغريدة على حسابه على (تويتر)، أن المبادرة: “مشروع حرب دائمة” و”استمرار الاحتلال” وليس إنهاء للحرب.
وتابع السفير: “المبادرة الحقيقية تعني: وقف الحرب بشكل كامل، رفع الحصار بشكل كامل، إنهاء الاحتلال السعودي، وسحب قواته العسكرية، وعدم دعم المرتزقة، والتكفيريين بالمال والأسلحة وحوار سياسي بين اليمنيين دون أي تدخلات خارجية”.
ترحيب عربي..
على المستوى العربي، ثمّنت “مصر”، الجهود الصادقة للمملكة وحرصها الدؤوب على التوصل لتسوية شاملة في “اليمن”، تُنهي أزمته السياسية والإنسانية المُمتدة، وتعمل على تغليب مصلحة الشعب اليمني الشقيق، وتهيئة الأجواء لاستئناف العملية السياسية، بهدف التوصل إلى حل شامل للأزمة اليمنية.
ودعت “مصر”، في بيان لـ”وزارة الخارجية”، كافة الأطراف اليمنية؛ إلى التجاوب مع المبادرة السعودية، بما يحقن دماء الشعب اليمني الشقيق ويدعم جهود إحلال السلام في “اليمن”.
وأعربت “الإمارات” عن تأييدها للمبادرة. ووصف، وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ “عبدالله بن زايد”، المبادرة بأنها: “فرصة ثمينة” لوقف شاملٍ لإطلاق النار في “اليمن”، ولتمهيد الطريق نحو حل سياسي دائم.
فيما أشادت “البحرين”، بالمواقف السعودية الداعمة لـ”اليمن”، وسعيها الدائم لاستعادة أمنه واستقراره، مُعربة عن تطلعها بأن: “تلقى هذه المبادرة السعودية الخيرة تأييدًا وترحيبًا من كافة الأطراف اليمنية والمجتمع الدولي، من أجل إنهاء الحرب، وإعادة السلم والأمن إلى اليمن، وتحقيق تطلعات شعبه الشقيق في إعادة الإعمار والتنمية والإزدهار”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء البحرينية.
كما رحّبت “الكويت”، بالمبادرة السعودية، داعية الأطراف اليمنية إلى التفاعل الإيجابي معها، والإلتزام التام بها، بغية إنطلاق المشاورات وصولًا إلى الحل السياسي المنشود، وفق المرجعيات الثلاث المتفق عليها، بحسب وكالة الأنباء الكويتية، (كونا).
وأنضمت “سلطنة عُمان” إلى “مصر والإمارات والكويت”، وأعربت عن تأييدها للمبادرة السعودية. وقالت السلطنة، في بيان أوردته وكالة الأنباء العُمانية، أمس الثلاثاء، إنها ستواصل العمل مع المملكة و”الأمم المتحدة” والأطراف اليمنية المعنيّة: “بهدف تحقيق التسوية السياسية المنشودة، التي تُعيد لليمن الشقيق أمنه واستقراره، وبما يحفظ أمن ومصالح دول المنطقة”.
وكذلك أعلن “الأردن”: “دعمه المُطلق” للمبادرة، باعتبار أنها: “توفر طرحًا متكاملًا للتوصل لاتفاق سياسي شامل منسجم مع قرارات الشرعية الدولية”، لإنهاء الأزمة وحماية “اليمن” وشعبه وتعزيز الأمن والاستقرار الإقليميين، بحسب وكالة الأنباء الأردنية، (بترا).
وأيّد، الأمين العام لجامعة الدول العربية، “أحمد أبوالغيط”، المبادرة، بأنها: “خطوة إيجابية نحو تسوية شاملة في اليمن”، تعكس صدق نوايا المملكة وسعيها للتخفيف من معاناة الشعب اليمني جراء استمرار الحرب.
كما رحب، الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، “نايف الحجرف”، بالمبادرة، واعتبر أنها تعكس الحرص الكبير والرغبة الصادقة لإنهاء الأزمة اليمنية، داعيًا إلى قبولها لتجاوز العقبات القائمة وتغليب مصالح الشعب اليمني.
وأشاد، رئيس منظمة التعاون الإسلامي، الدكتور “يوسف العثيمين”، بحرص المملكة المستمر على أمن واستقرار “اليمن” والمنطقة، ودعمها الجاد والعملي للسلام وإنهاء الأزمة اليمنية، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني.
دعم دولي للمبادرة..
وعلى المستوى الدولي، رحبت “الولايات المتحدة” بالمبادرة. ودعت “وزارة الخارجية” الأميركية، جميع الأطراف؛ إلى: “الإلتزام بجديّة” بوقف إطلاق النار فورًا والإنخراط في المفاوضات السياسية برعاية “الأمم المتحدة”.
ووصف كبير الجمهوريين، في لجنة العلاقات الخارجية بـ”مجلس الشيوخ” الأميركي، “جيم ريش”، المبادرة: بـ”الطرح البنّاء”، مُشيرًا إلى أن الكرة باتت في ملعب “الحوثيين”، وداعميهم في “إيران”، للتجاوب مع المبادرة بشكل جدي.
وغرّد السيناتور الجمهوري عبر (تويتر): “أرحب بالطرح الجدّي البنّاء، من قبل السعودية، لإنهاء الصراع في اليمن.. على الحوثيين إثبات ما إذا كانوا هم وداعموهم الإيرانيون جادين في تحقيق سلام حقيقي”.
كما أيّد، وزير الخارجية البريطاني، “دومينيك راب”، المبادرة باعتبارها: “أمرًا ضروريًا”، داعيًا “الحوثيين”؛ إلى العمل مع “السعودية” لوضع حد للصراع المستمر، منذ 6 سنوات، في “اليمن”.
وغرّد “راب”: “أرحب بإعلان السعودية، اليوم، بخصوص اليمن. وقف إطلاق النار على مستوى البلاد والتحرك لتخفيف القيود على وصول المساعدات الإنسانية أمر ضروري. يجب على الحوثيين الآن اتخاذ خطوات بالمثل صوب السلام وصوب إنهاء معاناة الشعب اليمني”.
كما أشادت “الأمم المتحدة”، بالمبادرة السعودية؛ التي: “تتوافق مع مبادرات المنظمة الدولية”.
وقال، المتحدث باسم الأمم المتحدة، “فرحان حق”؛ إن: “المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيثس، يعمل على تأمين وقف إطلاق النار على المستوى الوطني في اليمن، وإعادة فتح مطار صنعاء أمام المدنيين والملاحة الجوية، والسماح بدخول مزيد من الوقود والسلع إلى ميناء الحديدة، واستئناف العملية السياسية لإنهاء الصراع”.
وقف مؤقت لإطلاق النار في اليمن..
وكان التحالف العسكري بقيادة “السعودية”، قد أعلن، في نيسان/أبريل 2020، وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار في “اليمن” بهدف منع انتشار فيروس (كورونا)، لكن “الحوثيين” رفضوا تلك المبادرة ووصفوها بأنها مناورة سياسية.
هذه المبادرة السعودية تأتي وسط تصاعد الهجمات الصاروخية وبالطائرات المُسيّرة، التي يشنها “الحوثيون” ضد المملكة، والتي تستهدف المدنيين ومنشآت للطاقة.
وأسفر النزاع في “اليمن”، منذ 2014، عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين، بحسب منظمات دولية، بينما بات ما يقرب من 80 في المئة من سكان “اليمن”، البالغ عددهم 29 مليونًا، يعتمدون على المساعدات في إطار أكبر أزمة إنسانية على مستوى العالم.
ماذا سيفعل الحوثيون في المقابل ؟
تعليقًا على تلك المبادرة، قال المحلل السياسي اليمني، “وضاح الجليل”، إنها مبادرة جيدة وكانت منتظرة، خاصة أنها تأتي في إطار دعم جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، “مارتن غريفيث”، والمبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن، “تيموثي ليندركينغ”، والدور الإيجابي لـ”سلطنة عُمان”.
وتساءل “الجليل”: على الجانب الآخر.. ما الذي سيقدمه “الحوثيون” لإنجاحها ؟.. “الحوثيون” يرفضون المبادرات التي يتم تقديمها لحل الصراع اليمني.
وأضاف المحلل اليمني، أن “التحالف العربي” يحاول الوصول بالمنطقة و”اليمن” إلى بر الأمان؛ وتجنب الموت والدمار والخراب، لكن هذه السياسات لا تروق لـ”الحوثيين” ومن خلفهم داعميهم في “إيران”.
وأشار إلى أن “الحوثيين” يرفضون محاولات السلام، ويريدون مبادرة مفصلة على شروطهم، ولن يرضوا بدونها من أجل التوصل لأي اتفاق سياسي في المستقبل.
واستطرد قائلاً؛ إن: “قرار جماعة الحوثيين، ليس في أيديهم، فهم مجرد أداة عسكرية للإيرانيين، والحل الأساس يجب أن يصدر لهم من طهران لينفذوه، والرؤية الإيرانية لا تتجه نحو السلام، بل لزيادة حدة الصراع والاستقطاب”.
استراحة محارب..
فيما رأى المحلل السياسي اليمني، “جمال الحميري”، إن “الحوثيين” قد يقبلون بالمبادرة بشكل مرحلي من أجل تخفيف الضغط الذي تتعرض له ميليشياتهم على جبهات القتال، فكلما تعرض “الحوثيون” لخسائر في مختلف القتال كانوا أكثر مسارعة لقبول أي مبادرة عربية أو دولية، من تخفيف الضغط وإعادة ترتيب الصفوف ثم التراجع عما تم الاتفاق عليه كما حدث في مرات كثيرة.
مضيفًا أن جماعة “الحوثي” ضعيفة وهشة، وفي حال فتح جبهات القتال معها بشكل موحد، قد يؤدي الأمر إلى هزيمة ساحقة لها، لكن هناك أطراف تعيق تحقيق النصر العسكري للجيش الوطني، ومنها على سبيل المثال تعطيل تقدم القوات المشتركة في جبهات “الحديدة”، وهو ما يعطي “الحوثيين” متنفسًا وهامشًا للحركة.
وأشار إلى أنه كلما أشتد الحصار على “الحوثيين” يلجأون إلى نظرية: “استراحة المحارب”، وهو ما يجري حاليًا، حيث أشتد عليهم الخناق في “مأرب” و”تعز”، ما سيجبرهم على الإذعان للمبادرة السعودية، ثم ينقلبون عليها كما فعلوا مع “اتفاقية ستوكهولم”.