خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
وقع وزراء خارجية “إيران” و”روسيا”، اتفاقية تعاون في مجال الأمن السيبراني وتكنولوجيا المعلومات، مطلع العام الجاري.
شملت الاتفاقية التعاون في مجالات الأمن السيبراني، ونقل التكنولوجيا، والتدريب المشترك والتنسيق في المنتديات متعددة الأطراف، مثل “الأمم المتحدة”.
ورغم أن الاتفاق يضاعف من قدرات “إيران” على الهجمات السبرانية، لكنه بالأساس إتفاق دفاعي بدافع المواجهة ضد العدو المشترك، بالنسبة للبلدين، والتوغل الأميركي في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك الرغبة في تخفيف الاعتماد على التكنولوجيا الغربية.
مع هذا يواجه التعاون بين البلدين مجموعة من القيود. بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية) نقلاً عن “مجلس العلاقات الخارجية”.
بين طهران وموسكو..
وتعاني العلاقات “الروسية-الإيرانية”، منذ فترة، من الشكوك المتبادلة والخلافات الإيديولوجية والمنافسة.
على سبيل المثال؛ كشف مسؤولون بريطانيون وأميركيون، في تشرين أول/أكتوبر عام 2019م، عن قيام مجموعة من القراصنة الروس باسم: (Turla) ؛ بالسطو على معلومات إيرانية، لمهاجمة منظمات حكومية وصناعية في عشرات الدول، متظاهرة بأنها مجموعة من القراصنة الإيرانيين.
ويبدو، مع الأخذ في الاعتبار للظن السيء والأهداف المتناقضة، أن التعاوني السيبراني بين “موسكو” و”طهران”؛ إنما يركز بالأساس على مشاركة المعلومات وتطوير الدفاعات الإلكترونية، بدلًأ من مشاركة القدرات الهجومية.
مع هذا؛ يضع هذا الاتفاق تحديات للإستراتيجية السيبرانية لـ”الولايات المتحدة الأميركية”. وقد تستطيع “روسيا” مساعدة “إيران” في بناء منظومات للدفاع السيبراني.
ووفق مؤشر القوة الإلكترونية الوطنية، في مركز “بيلفر” بجامعة “هارفارد”، تحتل “إيران” مرتبة متدنية من حيث قدرات الدفاع الإلكتروني، بينما تحتل “روسيا” مرتبة متوسطة. فإذا تغلبت “طهران”، بمساعدة “روسيا”، على مشكلاتها الدفاعية؛ فقد تضع العراقيل أمام خطط “الولايات المتحدة”.
في مواجهة الولايات المتحدة..
ويتيح التعاون السيبراني، بين “طهران” و”موسكو”، للفريق الروسي، إمكانية الإشراف على الشبكات الإيرانية وتحديد البرامج والمعلومات السيبرانية الأميركية الضارة؛ مثل عمليات (Hunt Forward) ، التي نفذتها القيادة السيبرانية الأميركية في “إستونيا”.
وامتلاك وتقسيم وتحليل أدوات وأساليب القرصنة الإلكتورنية؛ يساهم في إرتقاء وتطوير الدفاعات الإيرانية والروسية، ويهدد العمليات الأميركية المستقبلية ويجبر قراصنة “الولايات المتحدة” على تطوير أساليب القرصنة بشكل أسرع.
وفي حال تمكن القراصنة الروس من الوصول إلى أنظمة الدفاع الإيرانية، فسيكون بمقدورهم الاستفادة من البرامج الإسرائيلية الضارة أو الأميركية وتطوير برمجيات مشابهة. مثل هجوم فيروس (Stuxnet) ، على المنشآت النووية الإيرانية، عام 2010م، حيث نجحت الكثير من الجهات الإلكترونية من إنتاج أكثر من 22 مليون برنامج ضار، تستخدم نفس برمجة (Stuxnet) ؛ واستهداف الكثير من المؤسسات حول العالم.
وبالنهاية؛ فقد أصاب (Stuxnet) ، آلاف الشبكات حول العالم. ومن ثم فإذا تمكنت “روسيا” من الوصول إلى الشبكات الإيرانية فسوف تستطيع رصد الهجمات التي ماتزال غير معروفة، وكذلك إعادة استخدام تلك الهندسة في تطوير برمجيات شبيهة.
رفع قدرات الميليشيات الإيرانية الخارجية..
كذلك سيكون بمقدور “إيران” تزويد وكلاءها في الشرق الأوسط، مثل (حزب الله) اللبناني والفصائل المسلحة في “العراق” و”اليمن” بالتقينات التي تحصل عليها من “روسيا”.
وقد أظهرت بعض هذه الفصائل بالفعل قدرات ملفتة في هذا المجال، على غرار ما حدث، في كانون ثان/يناير الماضي، حيث شاركت مجموعة تتبع (حزب الله)؛ في حملة واسعة النطاق استهدفت شركات الاتصالات والإنترنت في “الولايات المتحدة” و”أوروبا” و”الشرق الأوسط”.
وتزويد العناصر الإيرانية، بالإمكانيات الروسية المتطورة، قد يسمح بتهديد الوكالات الحكومية والشركات والعمليات الأميركية، وكذا إعاقة التحقيقات في العمليات الإلكترونية، ونسبة العمليات التي تقوم بها القوى الإيرانية إلى “روسيا” بشكل خاطيء.
وإذا كان اتفاق التعاون السيبراني، بين “موسكو” و”طهران”، يمكن أن يُشكل تهديدًا لـ”الولايات المتحدة”، لكن يمكن إحتواء بعض التداعيات السلبية. إذ يتعين على “الولايات المتحدة” وحلفاءها إنشاء آلية موحدة للكشف عن نقاط الضعف ومشاركتها مع الآخرين.
علاوة على ذلك، بمقدور “الولايات المتحدة” تعزيز عمليات التطوير المسؤول للقدرات الهجومية عن طريق إضافة (وحدات كود التدمير الذاتي)، للحيلولة دون تحليلها بواسطة الأعداء. وقد تم استخدام هذه الوحدات بقوة، في الماضي، باعتبارها جزء من هجمات البرمجيات الخبيثة؛ وهي مصممة للكتابة فوق بيانات الملفات الخاصة بها من أجل منع التحليل الجنائي.